السر الرابع

3 1 0
                                    

قصة يونس -عليه السلام-

سرد القرآن الكريم عدّة قصص لنبيّ الله يونس -عليه السلام- وسيتناول المقال جانباً من هذه القصص وليس جميعها، وقد وردت قصّته في الآيات الكريمة التي نبّهت الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-، قال -تعالى- مخاطباً له: (وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ)،[٨] وقد نبّه الله -تعالى- النبي -عليه السلام- في الآيات من الاتّصاف بصفات يونس -عليه السلام- في الغضب، والضجر، وعدم الصبر على دعوة قومه، والعجلة عليهم، وتركهم، والمكظوم هو المهموم، والمغموم، والمكروب، وقد ترك يونس -عليه السلام- قومه وذهب باتّجاه البحر، ووجد سفينة مليئة بالركاب فركب بها، وسارت بهم في البحر، وفي الطريق جاءت أمواجٌ عالية، وجعلت السفينة تقف في وسط البحر وتعجز عن حمل كل من فيها، فتشاور الركاب واتّفقوا على إجراء قرعة، ومن يخرج اسمه يرموه في البحر ليخففوا الحِمل عن السفينة؛ فخرج اسم يونس -عليه السلام-، لكنهم رفضوا رميه في المرّة الأولى لأنه رجلٌ صالح.[٩]

وكرروا القرعة أكثر من مرة وفي كل مرّة يخَرَج اسمه فقرروا رميه، وهذا ما قدّره الله -تعالى- له، وعندما أُلقيَّ في البحر إلتقمه حوتٌ كبير؛ فقد أمر الله -تعالى- هذا الحوت أن يبلع يونس بلعاً بحيث لا يُفتت لحمه، ولا يكسر عظمه؛ فبَقي حيّاً في بطن الحوت، وقد حوَّله إلى مسجد؛ فأخذ يذكر الله -تعالى- ويسبّحه، ويدعوه أن يُخرجه من بطن الحوت، ويعترف أنه تاب بعد أن رأى كيف أنّ الله -تعالى- ضَّيَّقَ عليه في بطن الحوت، وقد اجتمعت عليه ثلاث ظلمات؛ وهي ظلمة الليل، وظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت، بعد أن ترك سعة الدُنيا، وقد صوّر الله -تعالى- ذلك في قوله: (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَـهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)،[١٠] فاستجاب الله -تعالى- له بعدما علّمه الله -تعالى- ما يريد، وقد عَلمَ -تعالى- بصلاته وتسبيحه، وذلك في قوله: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ)،[١١][٩] وأتمَّ الله -تعالى- نعمته عليه وأمر الحوت أن يقذفه على شاطئ البحر، وكان ضعيفاً هزيلاً، وقد ورد ذلك في قوله -تعالى-: (فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ*وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ).[١٢]

وأكرمه الله -تعالى- ونَعَّمَه في قوله: (لَّوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ)،[١٣] حيث نُبذ على الساحل وكان يحتاج إلى طعام، وشراب، وستر، وقد أنبت الله -تعالى- عليه شجرة من يقطين؛ وهي كل شجرة تنبت من غير ساق، حيث تكون أوراقها كبيرة يستطيع أن يتستّر بها، وقد أنبت الله -تعالى- له اليقطين لعدّة أسباب؛ ومنها أنّه ينفع للطعام والعلاج، ويمكن الأكل منه طول فترة نضجه، ولا يقربه الذباب، بالإضافة إلى أنّ الله -تعالى- هيّأ له دابّة يأكل من لبنها، فظل على هذا الحال حتى أصبح سليماً، قوياً، معافاً، فمنَّ الله -تعالى- عليه مرّةً أخرى بالرسالة، وأرسله إلى قوم أطاعوه واتّبعوا رسالته، وكل ما حصل مع يونس -عليه السلام- هو من باب التأديب والتمحيص، بدليل أن الله -تعالى- رَدَّه إلى وظيفته الأساسية وهي دعوة الناس، وتجدر الإشارة إلى أنَّه لا ينبغي لأحد أن يعتقد أنَّ نبي الله يونس -عليه السلام- كان يتصف بصفات نقص أو سوء، وقد سدَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- هذه الذريعة في قوله: (ما يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ إنِّي خَيْرٌ مِن يُونُسَ بنِ مَتَّى).[١٤][٩]


قصة الأمر بذبح اسماعيل -عليه السلام-

ترك نبي الله إبراهيم -عليه السلام- بلده، وهاجر وقد سأل الله -تعالى- أن يهب له ولداً صالحاً، وكان يبلغ من العمر في وقتها ستّاً وثمانين عاماً؛ فبشّره الله -تعالى- بغلامٍ حليم، وذكر ذلك في قوله -تعالى-: (فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ)؛[١٥] فرزقه الله -تعالى- بأوّل ولد له؛ أي ببكره إسماعيل -عليه السلام- ولا خلاف على ذلك، وعندما أصبح شابّاً، يستطيع التنقّل مع والده من مكانٍ إلى آخر، ويتحمّل السعي، قال الله -تعالى- عن ذلك: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ)،[١٦] أمره الله -تعالى- بذبحه في رؤيا أراه إياها، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (رُؤْيَا الأنْبِيَاءِ وحْيٌ)،[١٧] فامتثل إبراهيم -عليه السلام- لأمر ربه، وسارع إلى ذبحه بعدما أخبره بالأمر ليكون أطيب لقلبه؛ فاستجاب اسماعيل -عليه السلام- وقال: (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ)،[١٦] وعندها استسلما لأمر الله -تعالى- وعزما على الذبح، قال تعالى-: (فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ)؛[١٨] أي وضعه وجعل جبينه على الأرض لكي لا يراه وهو يذبح؛ ففداه الله -تعالى- بما يسّره، قال -عزّ وجلّ-: (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ).[١٩][٢٠]

#قصص#دينية#مع#بنين#السماوية

#قصص#دينية#مع#بنين#السماوية

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.
أسرار الكتاب المقدسWhere stories live. Discover now