27

45.4K 578 207
                                    

{ البارت السابع والعشرون }

..

[ إبراهِيم ]

أنتهت العملية إلي أستغرقت وقت أطول من وقتها المُعتاد بسبب عُمق الرصاصة ، ومحاولاتهم الكثيرة بأنهم يطلعونها بدون ما تسبب ضرر دائم او مؤقت لِسيف ، حاولو قد ما يقدرو وما بقى الا ينتظرو وش بيصير !
ناظر له نظرة أخيرة ثم أخذ نفس وزففففره بضضضيق ، وبشُكر وحمد ، إن العملية عدّت على خير وبقى سيف بخير .. يعني الي بيدهم سووه وعلى أكمل وجه الباقي على الله !
طلع من غرفة العمليات بعد ما ناظر للممرضين وهم يطلعونه لغرفة العناية المركزة
ووقف عند باب العملية وهو يرمي القفاز واللببس والكمامة ويتنهد ، طلع من القسم وعقد حواجبه وهو يناظر للي منتظرين وجالسين على الكرسي والتوتر والخوف واضح بوجههم
أقترب بصدمة من معرفتهم ووقف قدامه : يمه ، يبه وش تسسون هنننا ؟
وقفو كلهم وهو يناظرون له قالت مريم وصوتها يرتجف : بشرني يا إبراهيم ، أخوك بخير !
نوره يدها على قلبها ، من لما وصلو مارضت تبقى بالغرفة وحلفت الا تنتظر معهم
وتوق عيونها بدموعها ويدها بيد عزام الي شاد عليها ويناظر بتوتر لإبراهيم
إبراهيم قال بسرعه بعد ما لاحظ شحوبهم : الحمد لله بخير ، انتهت العملية بسلام وبأمان ، والحين هو بالعناية تحت المراقبة
مريم شهقت وهي تحاول تمسك دموعها : وليه بالعناية يا إبراهيم ، خُبري ان هالمكان للي حالتهم خطيرة ولاهم ببخير ، تكذب علينا ؟
إبراهيم : لاوربك يمه انه بخير ، ولكن زي ماقلت عشا يكون تحت المرااقبببة
غازي : الحمد لله الحمد لله الي حفظه لنا ، وحسبي الله ونعم الوكيل بمن كان السبب
إبراهيم قال : عرفتو !
هزت رأسها مريم : قالت لنا نورة عن هالخبيثة الي استعارت إسمي وإسمك عشان تنتقم لطلاقها
لفو كلهم مدهوشين من كلمة مريم ، ولاخفت دهشة نورة عن الكل ! طلّقها !!!
توق ماكانت بوضع يسمح لها تناقش او تفهم سالفة مشاعل لانها ما تهمّها باللحظة ذي ، كل الي تبيه تشوف سيف وتتطمن عليه : إبراهيم متى نقدر نشوفه؟
إبراهيم : بعد اربعه وعشرين ساعه ياعيوني
هزت رأسها وغازي ناظر لعزام ثم حط يدينه على رأسه بضيق : توني تذكرت ان اليوم سفرتكم ! أنا أسف وانا ابوكم حرمتكم من سعادتكم
عزام : لا تقول كذت ياعم ! اي سعادة بنعيشها وروحنا يصارع الموت ! عسااه فلا ردت من سفره
ولو ماقلت لي كانت الشرهه كبيره يشهد الله علي
ابتسم له غازي بضيق ونوره ماكانت لمهم أبدا
تفكيرها محصور على " سيف وقوممته بالسلامة ، ولدها الي صار يشاركها احشاءها دون علم منها ، طلاق مشاعل من سيف "
أخذت نفس ومشت للغرفة الي كانت فيها والباقي لحقوها
اما إبراهيم الي من اختفو عن وجهه سمح للضعف يستملكه وجلس عالارض وهو يسند ظهره للجدار ويمدد رجلينه ، فسخ جكيته الابيض وحطه على رأسه بحيث محد يعرفه ، ما يبي يعيش هاللحظة قدام أحد
لكنه سرعان مااا فتح عيونه
ألتفت بسرعه للي ترفع طرف الجكيت وتجلس جنبه وبنفس جلسته ، أقتربت منه وصار الجكيت على رأسها ورأسه ، سكتت وهي تشبك يدينها ببعض وتحطها بحُضنه وما نطقت بحرف واحد
إنما بقت صامتة طول الوقت ، بحركتها هذه وبمدارتها ما حبّت إلا توضح له إنه " إرم ضيقك وحزنك بقلبي وأنت إستريح ، أنا معك على المرة والمُرة "
ولعل كلامها ومقصدها وصل لقلب إبراهيم بدون ما تتكلم ، لأنه ما تضايق من وجودها
بالعكس رغم شعوره بأنه يبي يتواجد لحاله وما يبي أحد معه قبل لحظات ، الا انه باللحظة ذي ماصار يبي الا تبقى جنبه !
لأن وجودها خفف كثثثير أشياء بقلبببه
قالت بعد صمت شبه طويل : أنا هِنا لأني عشت هالمشاعر من قبل
التفت بوجهه صوبها وهي أردفت : موقفك مع أخوك الي عشته بالطوارىء ؟ أنا عشته مع والدينيّ
ولكنه أبشع بمليون مرة
إبراهيم رفع راسه وعدله : وش صار ؟
ضيّ : قبل تسع سنين ، تخيل هالمدة كلها وللآن بذاكرتي الموقف وكأني عشته أمس
أخذت نفس من أعماق قلبها وزفرته بكل قوه وكأنها تعاصر نفسها لأجل تحكي : كان بمساء يوم الأحد ، طلعو مشوار بوقت كنت أنا نايمة فيه ، لذلك النصيب كان لضاري ، اخذوه معهم وتوجهو لبيت خالي ، حضرو الجمعة وأنتهت على خير ، إنما البلاء لما رجعو من هالجمّعة ! صدم بهم مُراهق مازال بعمر الطعش كان يسوق بتهور وسرعه عالية ، وماقدر أبوي يحافظ على موازنه السيارة ، وعلى كلام الضابط اقتلبو ست مرات ، ولأن بيت خالي كان بعيد شوي عن زحمة السيارات محد انتبه للحادث الا لما بدأت السيارت تحترق من الأمام وتتفحم ، ولما خذتهم الإسعاف كان الوالد متوفي لان الاصابة الاكبر من نصيبه ، والوالده تلفظ انفاسها الاخيرة ، بينما كان نصيب ضاري بعض الكُسور بالحوض وأحترق ظهره !
تنهدت وسكتت للحظات ثم أردفت وهي تقول ، لما أخذني خااي للمستشفى وصدمني عند باب المستشفى بالخبر اخذتني الدكتورة وانا بحالة دهشة وصدمة وبدون ضمير منها او إنسانية دخلتني على أبوي المتوفى وأمي الي فارقتها الحياة قبل لحظات من وصولي بدون ما توضح لي وش صار معهم ، او تنهيني اصلاً عن رؤيتهم بالشكل الشنيع - امتلأت عيونها دموع - إبراهيم كانت ملامحهم مختفيه ! وجيههم الي كانت مليانه نور صارت سوداء بفعل الحريق ، يد امي الحنونة واللمسة اللطيفة صارت متفحّمة ، إنهرت وخارت وإسودت الدنيا بوجهي ، وسبيت الدكتورة ! لانها خلت أخر موقف لي مع هلي بهالشكل ! لانهت خلتني اتذكرهم بهالذكرى الي تقطع القلب ، ومن هذاك اليوم وضاري اخوي متغير ، صار شخص ثاني تماماً وجُل الي كان يردده ياليتني مُت معهم وبذلك انهى حياته بيده ، بينما انا قررت اصير دكتورة عكس تماماً الدكتورة الي التقيت بها بهذاك اليوك
دكتتورة قبل ما تلبس جكيتها الابيض تلبس الانسانية
انتهت من كلامها وهي تأخذ نفس ولفت لإبراهيم بعد ما مسحت دموعها الي خانتها والتقت عيونها بعيونه وسكتت بصدمة من نظراته
كان يحس بالذنب يأكله ، والدنيا ضاقت فيه ، وهو يتذكر موقفه معها بالطوارىء قبل فتتترة ! شلون قدر يقسى على شخص عانى هالمعانااه !
كان مِنبهر ومتوتر ومدهوش من قوتها ، من لمعان شخصيتها !ومن عزيمتها الي ما خفت عليه ، لما ذكرت ان الانسانية المفروض تكون قبل لبس الجكيت هالشيء مازادها الا رفعه بعيونه بعد كا تذكر كل مواقفها الا شهدت على كلامها وبصّمت عليه !
بقى يناظرها بنظرات إعجاب ويتأمل عيونها الي مليانه دموع رفع يده بيمسحها بس شد على قبضه يده وهو يرجعها بهدوء ، تمنى هاللحظة لو كانت حلاله ويقدر يملس وجهها او كفها او حتى يرخي برأسه على كتفها لكنه صد ..!
قالت وهي توقف وتاخذ جكيته وتضمه بيدينها : ماقلت قصتي الا عشان تِرخي اعصابك وتعرف ان كل شخص له نصيبه بهالدنيا ، صحيح يحق لك تنهار بين فترة وفترة ، لكن خل عندك علم ان فترة انهيارك لازم ما تتعدى عشر دقائق لان بعدها نداء الواجب يناديك !
للحظة جاء بباله يبتسم ، لأنه التقاها
لأنها صارت بحياته ، ولأنها فهمته وجاءت
وقف وهو يهز رأسه بإيجاب وهي مدت له الجكيت بإبتسامة : يالله دكتور إبراهيم مرضاك ينادونك!
لبسه وناظرها بإمتنان ثم مشى لغرفة العمليات
وهي تنهدت بضيق وناظرت له ..
-
-

ماعاد يغريني نور القمر صرت اتباهى بنوره . حيث تعيش القصص. اكتشف الآن