إدراك

23 11 3
                                    

عاليا صوتي أصرخ به وما من سامع، خطوات قدمي المسرعة هي كل ما يُسمع، في يميني رفوف استوطنتها الكتب، والجهة الأخرى مرآة للأولى لا أكثر.

توقفت رجلاي بعد ما سئمت الاستماع لأوامري، ها هو كتاب فاتح اللون مختلف عن البقية يهتز، رفعت يدي المرتعشة لكي امسكه لكنه للخلف ابتعد.

استدرت لأكمل طريقي بوجل، امشي في المكان وانظر في كل الاتجاهات وكأني ابحث عن شخص، بدأت قدماي بالاسراع لينبض قلبي بقوة وأحس بالخطر، لا أحد يتبعني فلماذا أركض؟! .. لا اسمع خطاً لأقدام أحد سواي وهذا كافٍ ليزداد رعبي، ما لعنة هذا المكان وما هي قصتي؟!!

ركضت حتي بلغ مني التعب مبلغه، لأصل إلى ... نفس الكتاب الذي رأيته مسبقاً!!؟

لكن هذه المرة هو من تقدم نحوي ليستقر بين يديَّ، عنوانه الغريب أثار فضولي [إدراك] فتحت الصفحة الأولى لتتبعها بقية الصفحات من تلقاء نفسها، كما لو أن نسمة أتت لتداعب الاوراق محركة اياها بهدوء.

ها هي ذي تتوقف لتريني صورة لزهرة حمراء تتحرك تويجاتها لتتفتح تدريجيا وتظهر جمالها لمن حولها .. لكنها لم تلبث أن عادت لجمودها وتضم بعضها من جديد مخفية أشواكها ومنكمشة في نفسها عائدةً برعماً صغيرا بالكاد يُرى من بعيد.

تناهى لمسامعي ذاتَ الصوت من جديد

_ها هي ذي تفتحت لتبصر قساوة العيش في هذا المكان، لذا قررت الاغماض مجدداً .. وأنت يا جدي؟ متى ستبصر مثلها؟

.

.

.

نسمات الربيع الدافئة، تداعب خُصل النائم في سلام على السرير الابيض الصغير.

أصوات حفيف الاغصان والعصافير تملأ المكان، خالطها صوت طنين الجهاز بجانب فاحمِ الشعر الغائب عن الوعي.

وعلى نفس السرير يجلس طفل صغير بريء الملامح مسنداً رأسه على حافة الفراش ومحاوطا إياه بذراعيه الصغيرتين.

همسات خافتة خرجت من فاهه وهو نائم

_جدي.

اهتزت يد الاكبر ببطء لتربت على رأس الآخر بحنان خالجه شعور بالندم.

لحظات فقط لتعود إلى مكانها، ويغمص صاحبها عينيه غارقاً في نوم عميق تلاه صفير متواصل من الجهاز قربه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تمت بحمد الله

في الخامس من فبراير، سنة ٢٠٢١ م

أحلام سجينHikayelerin yaşadığı yer. Şimdi keşfedin