اليوم الأول

585 18 1
                                    

             ( ٣٠يوم جواز " اليوم الأول")
رأى هيثم جَميلَتَهُ مُستَلقِيَة على الأرض غارِقَةٌ في دِماؤها..و ما إن رأى هذا المنظر حتى سقط مَغشِياً عليه من إثر صدمتهُ..فتح هيثم عينيه على هزة عنيفَة..هب من مكانهُ و هو يلهث ..كانت أنفاسهُ تتلاحق نفساً تِلوَ الآخر ثُم نظر حوله فوجد كل شئٍ طَبيعي و على ما يُرام..لم يَجِد دماءً و لم يَجِد باب الغُرفَة مُغلَقاً..و كانت هِبَة تَقِف أمامهُ في صِحَة و عافِيَة و هي من كانت تُحاوِل إيقاظُه..إرتمى بين أحضانِها و عينَيه تُدمِعان وجسدهُ يرتَعِش ثُمَّ قال:"الحمدلله..كان حلم..لأ دة كان كابوس"، ضمتهُ هِبَة بِقُوَة و مسحت على رأسُه مُحاوِلة تَهدِأتُه و قالت في قلق:"إنت كنت بتحلم بإيه؟"،رفع رأسهُ قِبالة وَجهِها و وضع كفيه على وِجنَتيها و قال في وهن:"مش عايز أحكيه عشان مش حلو."
_"لأ إحكي و متخافش .. هو مجرد حلم"، و ما إنتَهت هِبَة من جُملَتِها حتى قامت بإصطِحابِه داخِل الغُرفَة و جلسا على الأريكَةُ الصَغيرَة المَوجودَة داخِلَها..و كان هيثم مُرتَمِياً بأحضانِها و هو يَروي لها ما رآه في منامِه و ما إنتهى من سرد منامهُ ضَحِكَت هِبَة و قالت لهُ :"الحلم أصلا فاسد من أول ما بدأته طالما في دم..متقلقش إنت".، تشبث هيثم في أحضان هِبَة و أغمض عَينَيه.. ضمتهُ هِبَة إليها أكثر حتى غط هيثم في نَوماً هَنيئاً و نامت هِبَة هي الأُخرى.. وبعد ساعتَين،إستفاق هيثم المُستَلقي على الأريكَة فلم يَجِد هِبَتهُ الجَميلَة فقام بحثاً عنها و أخيراً وجدها داخِل المطبخ.. وقف أمام الباب مُبتَسِماً عاقِداً ذِراعَيه مُستَنِداً برأسِه على عتبتهُ وقال لها :" بتعملي ايه؟"،فُزِعَت هِبَة و قفزت من مكانِها و بادرتهُ بِقَولِها :"خضتني..إيه؟..جعانة،بعمل أكل..و قولت اعملك معايا.. بس كنت مستنية أخلص وآجي أصحيك ناكل سوا"، إتجه للداخِل و هو يَقول لها بِغَزل:" ياريتني كنت فضلت نايم عشان أصحى على صوتك و وشك القمر دة" ثُمَّ أردف بِلُطف:" عملتي أكل إيه؟"، أجابتهُ هِبَة في حماس:"صينية مسقعة هتاكل صوابعك وراها..بتحبها؟"
_"الله..جدااااااا..أمي الله يرحمها كان عليها صينية مسقعة إنما إيه..حكاية"
="دي بقى هتبقى أكبر حكاية ممكن تشوفها في حياتك..خمس دقايق و تكون جاهزة..روح إنت جهز السفرة.. تعالى خد العيش والبيبسي يلا "..ذهب هيثم لِتَجهيز الطاوِلَة و تناول من هِبَة كُؤوس المَشروب و الخُبز و بعض أدوات الطعام.. خرجت هِبَة بعد دقائِق و هي تَحمِل الوِعاء المُستَطيل الذي يَنتظِرهُ هيثم بِلَهفةٍ و شَوق.. كان مُغَطى بِغَطاءٍ فَضي اللون .. وضعتهُ هِبَة على الطاوِلَة ثُمَّ قام هيثم بإزالة الغِطاء بِحَماسٍ بالِغ و هو في أتم الإستعداد لإلتهام الوجبة المُنتَظرة و لَكِنَهُ على آخِر لحظة إمتَنع عن تناوُلَهُ من شِدَة صدمته التي كادت أن تُبكيه من فرط جوعِه فسأل هِبَة بِصَدمه:" إيه دة يا حبيبتي؟"، جاوبتهُ هِبَة بِبَراءة:" دي المسقعة يا حبيبي..في حاجة ولا إيه ؟"،كانت الوجبة المُنتَظرة على وَشْك أن تتقارب لِلَون الفحم و الباذِنجان وضعتهُ هِبَة دون تَقطيع و دون حتى إزالة القِشرَةُ الخضراء المَوجودَة أعلاها..كانت تَضعهُ كما هو.. دقق هيثم النظر في الوِعاء ثُم نظر لِهبَة و ظل على هذا الحال لِبضع دقائق دون أن يَنطِق بِكَلِمَة واحِدَة ثُم بادرها بسؤاله بِكُل وِدٍ و إبتِسامةُ القَهرِ كانت تَسبِقَهُ:"هي دي صينية المسقعة اللي أنا مستنيها صح؟"
_"اه..مالها؟"
نظر هيثم للوِعاء بإستِنكار و قال لها مُحاوِلاً تَجنُب الوقوعِ مع هِبَة في ُمشكِلَة فرد عليها قائِلاً:"ملهاش يا جميلة يا حبيبتي..أنا هطلب دليڤري أطلبلك معايا؟"، و في هذه اللحظة إمتَقع وجه هِبَة و أجابتهُ بِغَضب:" لأ..أنا هاكل من الأكل اللي مش عاجبك"، ثُم تناولت هِبَة قَليلاً من الطعام في فَمِها و هي تَنظُر لَهُ بِتَوَعُد فوجدت الطعام سَئِّ بِمَعنى الكَلِمَة حتى كادت أن تتقيأ..ثُم نظرت لهيثم الذي كان يَتصِل بأحد المطاعِم لِطَلب وجبة تُرضيه هو و مَعِدَتُه و قالت لَهُ في براءة مَمزوجَة بِضَحِكَةُ طُفولِيَة:" هيثم حبيبي..ممكن تطلبلي معاك أوردر..هتطلب إيه؟"
و عِندَما أنهى هيثم مُكالمتهُ شم رائِحَة غَريبَة و كأن شيئاً ما يَحترِق فسأل هِبَة :" إيه ريحة الشياط دي؟..إنتي نسيتي حاجة على النار؟"
قالت لَهُ بِثقَة:"لأ" ثُم إزدَردت ريقُها و قالت مُتَلعثِمَة:"أنا منستس حاجة على النار أنا نسيت النار نفسها" و هَرولت تِجاه المطبخ لِتَرى ما الخطب فوجدتهُ يَحترِق فأسرعت بِهَرولتِها إلى الخارِج و هي تَصرُخ :"حريقة..حريقة..حريقة..المطبخ بيولع"،فُزِع هيثم وهَرول تِجاه المطبخ لِيُحاوِل السَيطَرة على الحريق ويُنقِذ ما يُمكِن إنقاذُه.. و بعد عِدَة دقائٍق كان هيثم قد أخمد النيران الموقِدَة و خرج من المطبخ بحثاً عنها لِيُشفي غَليلَهُ فوجدها تختبئ وراء طاوِلَة الطعام ..إتَجه إليها و شرارةُ الإنتقامِ و الغضب تَطُق من عينيه ثُم جرها من يَدِها و دفعها بِقُوَة لِتَقع على الأريكَة المَوجودَة بِغُرفَة إستقبال الضُيوف و قال لها بِعَصبِيَة :" أنا مش عايز أسمعلك لا نفس ولا حس النهاردة خالص مفهوم؟" ثُم تركها و غادر حَيثُ المسبح المَوجود بالحَديقَة المُقابِلَة لغُرفَة إستقبال الضُيوف.
جلست هِبَة تُفَكِر فيما حدث لِلتَو..و كانت تَلوم نفسها و قالت في نفسها أنهُ لَيس من العدل أن يقع عليها اللَوم وحدها ..فَعِندَما كانت صَغيرَة في بِداية بِلوغِها و تَكوينَها الأُنثَوي و كانت في عُمر الرابِعَةَ عَشر من رَبيعِها..تَذكُر عِندَما كان الفُضول يتملكُها تِجاه تَعلُّم الأُمور المَنزِليَة و تَعلُّم الطَهي..كانت تُريدُ أن تَستكشِف و تَستشعِر ما يفعلنهُ الفتيات عندما يَبلُغنَ عُمرِها و كانت تَودُ خَوضِ تجارُب الصِبَى..لكن والِدَتُها كانت تَعترِض طَريقُها في مَعرِفَة أُمور الطَهي و دُخول المطبخ خِيفَةً عليها من أن تُؤذي نفسها لأنها كانت تراها ما زالت صَغيرَة و كانت تُطالِبُها بالتَمهُل حتى تكبر هِبَة ما بين عامين أو ثلاثة و من ثَمَّ تُعَلِمُها أُمور المطبخ و كَيفِيَة الطَهي..و لكن هِبَة كانت مُتَحمِسَة لأن تُعَلِم نفسها بنفسِها و تُجَرِب و تَفشل و تَقوم بِالعَديد من المُحاولات الفاشِلَة حتى تَصِل لنُقطَةِ النجاح فيما أحبت و أرادت أن تَقوم به .. و لكن والِدَتُها بِدَورِها كانت تَمنعُها بِحُجَة أنها قَصيرَة و هذا قد يُشَكِل عليها خطراً بالِغاً حتى أُحبَطت هِبَة و فقدت شَغفُها تِجاه ما أرادت أن تَفعلهُ يَوماً..و ها هي هِبَة كَبُرَت و أصبحت فتاةٌ مُزهِرَة و شابةٌ يافِعَة و ما زالت قَصيرَة..و أصبحت قليلةُ الحيلة الآن..و تذكرت أن والِدتُها دعتها كَثيراً لِدُخولِ المطبخ و تَعلُم الطَهي و لكن هِبَة أصبحت لا تُبالي للأمر..حتى أصبحت والدتُها تُلِحُ عليها و تَقول لها بِأنها أصبحت في سِن الزواج .. و كانت هِبَة تتحجج بِأنها لم تتزَوج بعد و لم تَنتهي من دِراستِها في كُلِيَة العُلوم أيضاً و أنهُ ما زال هُنالِكَ وَقتٌ كافٍ لِتَعلُم الأُمور المَنزِليَة التي ما زالت تَجهلها.. إضافةً إلى ذلك أنها تَنوي على قِيامِها بِالدِراسات العُليا من أجل أن تَجِد عملاً مُناسِباً لها..و كل هذا يتطلب وقتٌ وجهدٌ في الآوِنَة القادِمَة .. وعلى والِدَتِها أن تَصبِر لِبَعض الوقت ولا تتعجل على هذه الأُمور الصَغيرَة..و ها هي الآن أدركت أن كل هذا أصبح بِلا جَدوَى ولا أهميَة أمام المَوقِف الذي وُضِعَت فيه مُنذُ قَليل و أمام زَوجِها ..زَوجِها الظان بِأنها "الجَميلَة".. المُهَندِسَة جَميلَة.. حَبيبَتهُ و رَفيقَة كِفاحَهُ و دَربُه في دِراسَتهُ..جَميلَتهُ و صَديقَتهُ و حَبيبَتهُ و من المُفتَرض الآن أنها زَوجَتهُ..زَوجَتهُ الفاشِلَة على تَحمُل المَسئولِيَة..الفاشِلَة التي أنسبت فشلِها إلى من تُشبِهُها و هي جَميلَة الحَقيقيَة الذي تَوفاها الله مُنذُ سَنوات ..تلك الجَميلَة التي لا تَدري هِبَة إن كانت حقاً فاشِلَة مِثلَها في هذه الأُمور أم أنها أفضلُ مِنها و هي أوقَعت عليها هذا الظُلم..هل حقاً هي فاشِلَة أم أنها قادِرَة على تَحمُل المَسئولِيَة ..مَسئوليَة الزَوجٍ و البَيت و الأبناء..فكرت هِبَة فيما عليها فِعلَهُ الآن..ظلت هِبَة تَلوم نفسها و تَلوم والِدَتِها و تَجلِدُ في ذاتِها و تُفَكِرُ في أشياءٍ كَثيرَة..و إختَلطت الأُمور و تَداخلت المشاعِر بِبَعضِها البعض فأنفجرت بالبُكاء..دخل عليها هيثم عندما سَمِعَ صَوتُ نَحيبِها الحار.. لامَ نَفسُه لأنهُ ظن أنهُ هو من تسبب في بُكاؤها هذا..و شعر بتأنيب الضَمير نابِعٌ مِنهُ..و قال في نَفسُه أنهُ كيف لَهُ أن يتسبب في بُكاءِ جَميلَتهُ البَريئَة هكذا؟..و كيف تَكون ردة فعله بهذه القساوَة..و أنها زائِدَة عن الحد و أن ما فَعلتهُ جَميلَة لم يَكُن عَمداً ..هي فقط أفسدت صُنع وجبة كان مُتأهِباً على إلتِهامِها و بِدونَ قصد أشعلت نيراناً داخِل المطبخ كادت أن تَحرِق المَنزِل بِأكمَلُه و جَلَّ من لا يَسهو..و رَجِعَ قال في نَفسُه أن ما فَعلتهُ جَميلَة يُعَد فشلاً زَريعاً و عدم تَحمُل للمَسئولِيَة ..مَسئولِيَة الزَوجِ و البَيت و الأولاد..و ماذا لو كان بِالفِعل بَينَهُم أبناء؟..لكانو ماتو جوعاً أو ماتو بإهمالِها أو ماتو قهراً أَيُهما أقرب..لا..بل هو من سَيموت قهراً على يَديها لو إستَمر الوَضع على هذا الحال..إتَجه ناحِيَتها و جلس جانِبُها على الأريكَةِ و قال لها بِهُدوء:"ممكن أفهم بتعيطي ليه دلوقتي؟"، قالت هِبَة و هي تُبطئ من شَهقات بُكاؤها:"أنا فاشلة يا هيثم..أنا إزاي هشيل مسئولية جواز و بيت و عيال في المستقبل و أنا فاشلة في أقل حاجة في الجواز..اللي هي الطبيخ..لأ و مش بس كدة.. دة أنا كنت هولع في البيت..أنا عايزة أطلق.. طلقني لو سمحت"، و أكملت بُكاؤها مرةً أُخرى..حاول هيثم أن يتمالك أعصابُه و أخذها بين أضلُعِه و مسح على شَعرِها البُني المُتَيم بِه.. و مسح على وجنَتَيها بِكَفِه و قالَ لها مُحاوِلاً أن يُخَفِف من ألَمِها:" إنتي مش فاشلة يا حبيبتي..إنتي بس مشكلتك إنك متأخرة..و دي مشكلة حلها بسيط..و أول الحلول إنتي بدأتيها و هو إنك حسيتي بتقصيرك فيها..أما الباقي سهل..ممكن بقى متزعليش؟..حقك عليا"،ثُم أردف بِجديَة:"و مسمعكيش بتنطقي كلمة طلاق دي تاني..سواء كنا متجوزين إمبارح ولا من مليون سنة..الكلمة دي لو سمعتها تاني هعاقبك ماشي ؟"
_"هتعمل إيه يعني؟"
="ملكيش فيه بقى"،ثُم أردف :"من هنا و رايح عشان تتعلمي الطبخ بسرعة..تفتحي CBC سفرة و تتفرجي عليها ليل و نهار..أيوة متتنحيش كدة".، قالت هِبَة في إستنكار:" بس أنا مبحبش برامج الطبخ"
_"ولا أنا بحبها بس ما باليد حيلة..كمان هجبلك كتب..أجبلك كتاب أبلة نظيرة؟"، ضَحِكَت هِبَة ضِحكَتِها الطُفولِيَة فقالَ لها هيثم:"أيوة كدة إضحكي..مفيش حاجة مستاهلة دموعك الغاليين عليا دول..كمان يا ستي هكافئك..هتعلم معاكي الطبخ..ها..إيه رأيك؟"، إبتَسمت هِبَة و هزت رأسِها بِالمُوافَقة.
دق جرس الباب مُعلِناً قُدومِ وجبة طعامٍ شَهيَة مُنتَظرة مُنذُ وَقت ، حمل هيثم الطعام و عرض عليها أن يتناولا الطعامِ على الطاوِلَة المَوجودَة في حَديقَة المَنزِل و وافقت هِبَة و كانت مُتَحمِسَة للأمر، جلس هيثم و هِبَة على الطاوِلَة الصَغيرَة و هِبَة تتبعهُ هو و رائِحَة الطعام الشَهيَة النابِعَة مِما يَحمِلَهُ هيثم و كانت تَغمُرِها السعادةِ عندما كُشِفَ لها هَوِيَة الطعام المَوجود أمامِها فقالت هِبَة بِهَيام :"الله..سيفود..ياه"
_"شكلك بتحبيه أوي"
="من أكلاتي المفضلة"
أمسك هيثم بِيَد هِبَة و قَبَّلها ثُم بعد ذلك قاما بإلتِهام الطعام كُلَهُ دونَ أن يتبقى مِنهُ أي شئ، و في مُنتَصف اليَوم تنزها في حَديقَة مَنزِلَهُم الكَبير بين الأشجارِ و الأزهار التي تُحِبُها هِبَة و نسمات الهواء المارة على خِصلات شَعرِها مِما جَعلها تتطاير و تتناثر ثُم إلتَقطا بعض الصُوَر و وضعاها في ألبوم صُوَر بإسم "ذِكرياتٌ لا تُنسَى" ، و في أثناء سَيرِهُما و تَنزُهَهُما فتحت مَعهُ هِبَة أهم حِوار و هو الذي سَوف يُحَدِد مَجرى حياتهُ في المُستَقبل.
_"هتعمل إيه؟"
="في إيه؟"
_"حياتك"
="مالها حياتي؟"
_"يعني..أخوك..حقك في الورث..ناوي تعمل إيه؟"
="مش عارف..في الأول و في الآخر هو أخويا..مش هقدر أذيه..أصلا مستحيل"
_"أنا مقولتش تأذيه برغم إنه أذاك..بس لازم تحط حد للموضوع..أخوك أكل حقك يا هيثم..و مامتك ماتت من حسرتها عليك"
=" عارف كل دة و فاهمه كويس..بس لسة مقررتش هعمل إيه..هو اخويا لحمي و دمي مهما عمل..كمان أنا عارف أخويا كويس و إن كل دة أفاعيل الشيطانة اللي هو متجوزها و عمالة تبخ سمها في ودانه طول الوقت" كادَ هيثم أن يَقولَ لها شَيئاً لكنه تراجع في آخر لحظة ثُم أردف بِقَولِهِ مُحاوِلاً أن يُطَمئِنَها:"بس أكيد هلاقي حل إن شاء الله في أقرب وقت يرضينا كلنا بس لما أدهم يرجع من السفر"،ثُم سألها بِلُطف مُحاوِلاً تَغيير النِقاش:"متعبتيش من المشي؟"
_"تعبت شوية"
="طيب الساعة بقت ٨ و الوقت خدنا و إحنا في شهر عسل و كدة المفروض يعني..مش نطلع نستريح في أوضتنا بقى ولا إيه؟"
أجابَتهُ هِبَة في تَوتُر:" أوضتنا؟"
_"أيوة أوضتنا..مالك إتوترتي كدة ليه؟"
ردت عَليه هِبَة مُحاوِلَة تَصنُع الثِقَة و الهُدوء الداخِلي:" إطلاقا..مش متوترة ولا حاجة..أصلا دة معاد نومي" ثُم قبَّلت وِجنَتَهُ و إبتَسمت لَهُ و تركتهُ في صَدمتهُ و دهشتهُ و غادرت لِلداخِل حَيثُ الطابِق الأعلى في غُرفَة نَومِهم..صعد هيثم خلفها و طرق علي الباب ثلاث طرقات فلم تُجِبهُ هِبَة..طرق الباب مرةٌ أُخرى و لم يأتيه رد أيضاً ..فتح الباب و مسح الغُرفَة بِعَينَيه فوجدها نائِمَة على فِراشِهم بِبَراءةٍ كالأطفال..إقتَرب مِنها و إستَلقى قِبالتها و لامس شَعرها الطَويل البُني بأنامِلَهُ و حاول إيقاظِها و لكِنها كانت تتململ مِنهُ في ضيقٍ ثُم تَترُكَهُ و تغرِقُ في نَومِها مُجَدداً فإبتَسم و تَمنى لها نَوماً هَنيئاً و قامَ بِتَقبيلِ جَبينَها و أخفت إضاءةَ الغُرفَة و تمدد جانِبَها و ظل مُحَدِقاً بِسَقف الغُرفَة غارِقاً في أفكارِه حتى غَرِقَ في النَوم هو الآخر..فتحت هِبَة عَينِيها بِبُطئ ثُم إبتَسمت إبتِسَامةٌ خَبيثَة تَعني أنها كانت تَدعي النُعاس و تُمثِل أنها نائِمَة..ثُم أغمضت عَينَيها لبِضع دقائِق ثُم فتحتها مرةً ثانِيَة و قامت من مكانِها و هي تَسير على أطرافِ أصابِعُها في حذر وخرجت من الغُرفَة و أغلقت الباب ورائِها .
و هكذا إنتهى اليَوم الأول لِكِلاهُما..الثُنائي هيثم و هِبَة..تُرَى ماذا ستفعلُ هِبَة في اليَوم الثاني؟
                          يُتبَع
                          ‏(#ناريمان عبدالله)

30يوم جوازWhere stories live. Discover now