الملاك الحارس

467 51 0
                                    

مضى شهر كامل منذ أن أتى تايهيونغ إلى المشفى.. يده قد شُفيت ولكن ساقه لم تشفى بعد وأظلاعه نصفها قد إلتأمت.. اليوم هو موعد خروجه من المشفى..

لم يأتي أحد لزيارة تايهيونغ.. لم يسأل عنه أحد.. وما زال يلعب ويحكي مع الدب الخاص به..

"انا متحمسة جداً لخروجه اليوم من المشفى." . قالت ماريا بينما ترتدي ثيابها أمام المرآة..

وفي طريقها للمشفى فكرت بداخلها.. كيف سيمشي.. سيحتاج إلى عكازان كما أنه لا يمتلك أي نقود.. ماذا سيرتدي عند خروجه...

غيرت وجهتها وذهبت إلى محل لبيع الملابس الرجالية.. إشترت له قميصان وبيجامتان وزوج من الاحذية وملابس داخلية.. مع حقيبة..

توجهت للمشفى ودخلت لغرفته... كان جالساً وشارداً الذهن..

"فيما تفكر أيها الطفل"... لم يتحرك وبقي جامداً في مكانه...

"تفضل لقد إشتريت لك هذه الملابس.. بما إنك لا تملك المال حالياً"...

لم يتحرك

"أين بيتك... قل لي كي أقلك له"..

لم يتحرك

جلست بجانبه على السرير وأمسكت بيده... وقالت بهدوء

"ألست سعيداً لأنك ستخرج من المشفى... سوف ترى اهلك وتعود لبيتك واصدقاءك"..

"يكفي"..

قال بصوت هادئ جداً وكأنه ليس نفس التايهيونغ الذي تعرفه... لم يكن هو على الإطلاق.. لقد تغيرت شخصيته..

" تفضل هذان العكازان لتستطيع المشي عليهما"..

"شكرا"..

وقفت أمامه وقالت بصوت شبه عالي

" تكلم معي.. ماذا بك.. ارجوك تاي تكلم.. أين ذلك الطفل الذي يبتسم ويضحك.. انا سعيده لأنك ستخرج من المشفى"..

أنزل رأسه للأرض وشد على دبه...

قال بصوت خافت " إن كنتِ تتذكرين.. فأنا لم أكن أريد أن أتعالج.. انا كنتُ أنوي التخلص من حياتي.."..

جلست على ركبتيها أمامه وأمسكت يده وقالت

" أتذكر نعم.. لكني بذلتُ جهداً كبيراً معك كي تتعالج.. انا فخورة بك لأنك ستقف وتمشي حتى لو برجل واحدة.."..

شد على يدها ونظر لعينيها وقال" هل انتي سعيدة لهذا الحد لأنكِ ستتخلصين مني "

" ما هذا الكلام.. انا بالطبع حزينة لأنني لن أراك مرة ثانية... لكني سعيدة بخروجك لحياتك مرة أخرى "..

إبتلع ريقه بصعوبة أمسك دبه وقال" انا لا أريد شيئاً من الأشياء التي جلبتها لي.. فقط قميص وبنطال واحد لأنني لا أمتلك ملابس الآن "..

" لكن".. قاطعها...." أرجوكِ.. أرجوكِ آنسة ماريا "..

" هل تعدني إنك ستعود لأهلك "..

" أعدك "..

إرتدى ثيابه بمساعدتها طبعاً... لكنه لم ينظر لعيناها أبداً.. أبداً..

أخذ حزامه وربط الدب في يده ووقف على عكازته..

كانت الدموع تتكون في عيناه لكنه لم يبكي.. قاوم قدر الإمكان.. لم يعد المجنون بل أصبح شخصاً جدياً تماماً.. قال بصعوبة

" شكراً لكِ على كل شيء.. لن أنساكِ أبداً"..

نزلت دمعة من عين ماريا... حسناً انها فتاة قوية لكن في لحظات الوداع تشعر بأنها كما لو تحضر جنازة أحدهم... تايهيونغ لم يكن مريضاً عادياً بل كان الشخص الذي تناولت الفطور معه لمدة شهر كامل.. الشخص الذي عالجته وقاست حرارته وأطعمته بيدها الأثنتان.. ضحكت معه وحزنت معه لكن لكل شيء نهاية كما يقولون...

إحتضنها فجأة...إحتضنها بكل قوته وهمس لها بكلام جعلها ترتبك وتتوتر وشعور بفراشات ببطنها يهاجمها بقوة..

"ليتني ألتقيتُ بكِ بغير هذه الظروف... لكنتُ أسعد رجل بالعالم"..

وضع قبله على جبينها وخرج من الغرفة تاركاً وراءه ماريا التي لا تعرف ماذا حصل للتو..

*******
خرج من المستشفى على عكازاه... تكلم مع سائقا تكسي لكنهما رفضا أخذه بالمجان..

الثالث وافق.. نظر لحالته وأشفق عليه..

بدأت السماء تمطر  لسوء حظه...

أصبح مبللاً هو ودبدوبه...

دخل عدة محلات يتكلم مع آصحابها لكنهم يطردوه خارجاً..

قبل دخوله للمحل التالي أحسَ تاي بأحد يسحبه من يده... لم يسيطر وكاد يسقط أرضاً لكن الشخص أمسكه بقوة وحماه من السقوط أرضاً...

"لماذا... لماذا فعلتَ هذا تايهيونغ"...


"مـ ماريا".....

الرجل الآخر Where stories live. Discover now