العطبُّ الأول: من يهتَّمْ؟

451 48 403
                                    


كَكُلِ يومٍ وكُكِلْ صباح، وكدأبٍ من الأيامِ المُتواليةِ والموالية، كانَ الفتى هينري؛ ذا العينين الناعستين -بيدَ أنهُ لم ينمَ ليلةَ البارحةِ كذلك- تتجلى ملامِحُ الإرهاقِ على محياه الكئيبْ، بِخُصلِ شعرهِ الدعجاءَ المُتدليةَ على جبينه، والتي يعجزُ عن رفعها، مِنْ شدةِ التعبِ والإرهاقِ اللذانِ يشعرُ بهِما في أيما حالٍ من الأحوال.

فهو ينامُ لكي يتلاشى التعب، لكنهُ يستيقظُ فيجد التعب قد ازداد أكثر فأكثر، فيتحتمُّ عليه التحملُ كما في أيّ وقتٍ قد مضى، إن الأيامَ لا تُسعفُهُ لينسى تعبًا أو يربِتْ على جرحٍ في أعماقه، بل إنها تزيدُه ألمًا على ألم، وكربًا على جزع.

إنها السنةُ الأخيرةُ له في الثانوية! وهذا سببٌ وجيهٌ لكي تتلفَ صباحاتهُ -التي يفترضُ بها أن تكونَ بهيجة-، لكن الثانوية؛ مُتنفسٌ له في الواقع، لذا فإنهُ لا يستاءُ كثيرًا من فكرةِ الدراسة والجهدّ الكبير الذي يفترضُ بهِ أن يُسرِفهُ هناك.

آهٍ لا عدمناكِ أيتها الثانوية!
ستبيتُ رئتّا هينري يومًا مليئةً بالثِقلْ والهواء الذي لا يتزحزح، فتكونين أنتِ المنقذة، فما عادَ المنزلُ سِوا مَفرشٍ لنموِ الحزن وزيادته -إلم يكنْ هو الأساس-.

كانَ هينري في السابعةَ عشرْ من عمره، ولم يتبقى سِوا نِصفُ يومٍ أو أقل عن موعدِ الساعةِ الثانيةَ عشرَ -مُنتصفِ الليل-، حيثُ سيدخلُ سنةً جديدةً من حياته، الثامنةُ عشرَ.

ويودُّ لو يبدأ بها كمُحاولةِ تغييرٍ لحياته ودأبها، كتحسينِ شخصيتهِ على سبيلِ المثال؟ فكجانبٍ أسودَ منه، إنه من الأشخاص الذي لا يقولون كلمةَ 'لا' لأيما شخص.

ولديهِ رغبةٌ في الإهتمامُ بمظهرهِ المُهمَّلِ والمرهقِ دائمًا، كمحاولةِ إزالة السوادِ المستكينِ أسفلَ عينيه.

لكن الرغبةَ الأساسيةَ تتجلى في محاولةِ تنظيم مواعيدِ نومه، فلعلهُ وعسى إن نظمَها؛ ألا يُزايرهُ الأرقُ مُجددًا، وألا تُرافقهُ الأفكارُ السلبيةُ مرةً أخرى.

هو وحيد، ولا بأسًا في كونهِ وحيدًا، البأس يتمحورُ في مرافقتهِ الأفكارَ السلبيةَ والسوداء، وتشاؤمهُ المستمرُ، والأرقَ الذي لا يفارِقُه؛ وما ولى من ذلكَ كرفاقِ عُمرٍ له، إنهُ حتمًا سيفضلُ الوحدةَ على ألا يرافق هؤلاء!

فإنما دومًا تمتلئُ عينيهِ بالظلام، ولا تدرُكَ من النورِ والضياء سوا الأسفِ والأسى، إن كُلَ ما يملكهُ عادةً هي أفكارهُ التي ينجِمُ عنها بناتُ القلقِ الدائم.

إن هينري لا يحتملُ فكرةَ أن ينامُ وقلبهُ يُدمي، وأذنه تنزف، وعينيه؟ ستفقأُ من شدةِ كتمانِ الدموع! هينري فتًى ضعيفٌ وحساسٌ للغاية.

Hai finito le parti pubblicate.

⏰ Ultimo aggiornamento: Jan 14, 2022 ⏰

Aggiungi questa storia alla tua Biblioteca per ricevere una notifica quando verrà pubblicata la prossima parte!

عطوبٌ مُغمدّةDove le storie prendono vita. Scoprilo ora