الرابع والثلاثون

1.5K 230 215
                                    

قضت "ميليسا" أسوء ليلةٍ في حياتها، وما يحمله الغد مع عودة والدها من لندن يقضُّ مضجعها وينتزع النوم من عينيها.

مرَّ اليومُ ببطءٍ مزعجٍ. لم يكن القلق يثقل قلب "ميليسا" فقط، بل جميع أفراد أسرة "بولين بلير".. ينتظرون دخول "بولين" من بابِ المنزلِ بوجلٍ عظيمٍ، وقد رتَّب كلٌ منهم كلماته المواسية، وردة فعله الهادئة.

سيكون من الصعب التعامل مع طباعِ "بولين" الصعبة؛ خاصةً أثناء غضبه. اختلست "ميليسا" النظر نحو والدتها التي بقيت صامتة طوال اليوم بشكلٍ مؤسفٍ، وشعرت بالتعاطف الشديد معها.

أخذت "ميليسا" تغالب دموعها من مجرد تخيل كلمات والدها الناقمة التي ستطال "هوارد"، وقد يكون لهم جميعاً نصيباً من سخطه وجنونه.

انضم "مارك" إليهما في حجرةِ المعيشةِ دون أن يتفوه بكلمةٍ؛ إذ بدا واعياً لذلك الوجوم المحيط بوالدته وشقيقته. لم يمضِ وقتٌ طويلٌ قبل أن تحين اللحظة الحاسمة مع تردد صدى جرسِ الباب.

انتفض الجميعُ واتجهت الأنظار نحو بابِ الحجرةِ دون أن يفكر أحدهم بترك مجلسه. لم يعِ أيٌ منهم تلك الفرحة التي سبقت دخول "بولين" بتحيته المبتهجة، وقد أشرقت ملامحه بسعادةٍ أرجفت قلب "ميليسا" بينما كان يعلن بنشوةٍ غامرةٍ:

- لقد كسبت أرضي، ونال ذلك الغرِ الأرعن ما يستحق... لن يجرؤ حتى على الظهورِ أمامي بعد الآن.

نهضت "جرايس" عن مقعدها لتسرع نحو زوجها تشاركه فرحته وتبارك له فوزه بالقضية، كذلك فعل "مارك". على حين جاهدت "ميليسا" لاغتصاب ابتسامةِ بدت شاحبةً بشحوبِ ملامحها وهي ترغم ساقيها لتتجه نحو والدها الذي فتح لها ذراعيه والغبطة تكسو ملامحه؛ على نحوٍ أساء "ميليسا" كثيراً ودفع بالدموع إلى عينيها.

ضمَّ "بولين " ابنته إليه بحبٍ كبيرٍ قبل أن يبعدها ليمسح دموعها مواسياً:

- لقد عدتُ غانماً يا صغيرتي. لا يليق بك البكاء الآن.

وأحاط كتفيها وهو يطلق تنهيدةً عميقةً قبل أن يعلن بزهوٍ ورضا:

- سأقيم احتفالاً بهذه المناسبة، وسأستعيد كرامتي أمام الجميع.

نظر إلى "ميليسا" ليرفع ذقنها إليه مؤكداً بحنان:

- لتدعي كل من تريدين حبيبتي إلى الحفل.

صدرت منها ضحكةٌ باكيةٌ خافتةٌ وهي تكتفي بهزِّ رأسها موافقة بينما ازداد انهمار دموعها وعيناها تلتقيان بعيني "مارك" الذي كان واعياً تماماً لحالِ شقيقته.

****************

هتف "هوارد" بغضبٍ عارمٍ أشعل الدماءَ في عروقه:

- لا يمكنني تصديق ما فعله.

التفت إلى مكتبه حيث بقي "جاري" قربه ليردف بدهشةٍ:

- كيف أستطاع تقديمَ أوراقٍ مزورة تحملُ توقيع والدي؟!! هل بلغ هذا الحد من الخسةِ والدناءةِ؟!!

جلوسترشير..   مكتملةWhere stories live. Discover now