اختيار | Choice

_16_

غادرت الحديقة صوب غرفة النوم لارتاح لكن العكس قد حصل فقد وقعت عيناي على هاتفي حتى امسكته ومرت الساعات دون ان اشعر بها حتى ارتفع هاتفي في السماء بينما بقيت يداي معلقتين في الهواء دون هوادة

اخفض يونجون جذعه يقلص المسافة بينه وبيني ثم رمى الهاتف ارضا وارتمى بجانبي

" تحملين هاتفك اكثر من تتنفسين " عقب قائلا

كلامه طبق الاصل عن كلام امي وقد سئمت بالفعل من سماعه كل يوم طوال السنوات الماضية وها قد جاء دور يونجون كي يتولى مسؤوليات أمي في تنكيد عيشتي

" مواقع التواصل الاجتماعي هي المكان الوحيد الذي اكون فيه انا "

" ماذا تقصدين "

جذبني نحوه بلطف واضعا رأسي على ذراعه كمخدة مريحة ويده الاخرى تلاعب خصلات شعري المبعثرة

" ولدت في عائلة اعتادت أن تتجاهل ارائي وتعاملني كأنني شخص من كوكب اخر ، شخص بأفكار غريبة مكروهة لذلك صرت شخصا فاقدا الثقة في النفس "

" عزيزتي ومادخل هذا بهاتفك ؟"

لقد ناداني عزيزتي وكم هي فريدة عندما تنطقها شفتاه

" اتعرف ذلك الاحساس عندما تشعر ان الجميع يراقبك في الشارع او عندما تشعر انك غير مرغوب فيك وسط اصدقائك ، عندما تشعر انك ناقص وبحاجة لان تتغير للاحسن ، قلة الثقة تلك تدفعك للشعور بانك اقل من الاخرين  فتقول عكس ما تريد قوله وترفص الكلام عن أشياء عادية فقط لانك تظن أن الناس سيسخرون منك او شئ من هذا القبيل ؟ "

تنهد بحيرة وحاوطني بيده مشكلا حولي حصنا منيعا دافئا  لا ارغب في مغادرته

" افهم ذلك جيدا ، عانيت منه ايضا كنت اخبر الجميع انني لا اريد ان العب كرة القدم فقط لأنني كنت محرجا من قول انني بحاجة لاحد كي يعلمني رغم ان احدا لم يكن ليرفض طلبي الا انني كنت مقتنعا آنذاك أنهم كانو ليسخروا مني "

توقف قليلا ثم استرسل

" اعلم انه موقف بسيط مقارنة بما عشته لكن أثره كان بليغا حقا "

شددته على قميصه واكملت

" كل ذلك الاحراج يختفي في عالمي الافتراضي الذي اصبح عالمي الخاص وملاذي ، اشعر اني شخص محمي ولن يسخر من احد هناك لان هويتي مجهولة ، هناك فقط اجد حريتي وراحتي وأكون قادرة على التعبير عن كل مايشغل خاطري دون ان اقلق من رد فعل الاخرين "

ألقيت بنظري في الكون المصغر المشكل في هيئة عينيه بعدما ختمت كلامي ليبتسم ابتسامة واسعة لاول مرة منذ التقيته وكم كانت بسمته عذبة روت كل الانهار الجافة في قلبي وجعلتها تفيض حنانا ..