بَوادِر سِبتَمبّر.

226 21 50
                                    

أعتدتُ رُؤيتكِ كُل يَومين بِشارعٍ تَلتقي بِه سُبُلِنا.
كُنّا نَسيرُ بِاتجاهاتٍ مُتوازيّة لِوجهاتٍ مُختلفة.
وَليسَ لديّ فِكرة إن كُنتِ تعلمين بِتقابُلنا العابِر وَلكنّي لم أغفَل عنه قَط.

عَلىٰ الرغمِ مِن سيرِكِ بِالجهة الأُخرَىٰ مِن الطريق إلا أنّني لم أغفَل عن بَهجتِكِ كُلَمَا رُفع ناظريكِ لِعنانِ السماء، أو لِلغِبطَة الّتي تَغمُركِ حينَ تُصادفين طِفلًا صَغيرًا بِمُقتَبلِ العُمر.

فَقَد كُنتُ ألمَحُكِ بين كُل حين وَلَن تتخيلي كيف لِلحظاتٍ صغيرَة مِن النظرِ لَكِ كفيلة أن تُبهِج يومي الطَويل.

أمّا الليلَة فَحتّىٰ طيفُكِ لَم ألمَحَه، وَياليتكِ تَعلَمي بِالفراغ الّذي حلّ علىٰ يَومي.
فَلِما تَغيبتِ عَن موعدِكِ؟ لِما سَتؤرقين فِكري بِغيابِكِ؟

يا أَيُّهَا القلبٌ المُحِب،
لِما لِحُبِّك لا تُقِر!..
ألَم تَخشىٰ مِن فُراقٍ أليم
يُشطِّر سُبُلَك بِمَن تُعِز..
ما بِك أَيُّهَا الفؤادُ المُحِب
ألَم تسأم مِن السُكوت المُذِل؟

تَذكرتُ عُنوةً أبيات هَذا الشِعر،
وَلَا أدري حقًا ما سَبَبُ ذَاك الشُعور بِالفِقد..
فَلَمْ تتغيَّبي يومًا عَن موعدِكِ،
وِلَم تَكتَفي الأحدَاث السوداويّة بِمُلاحقتي..

أمَلتُ أن يَخيبَ رَجائي، إلّا أنَّ المُكالَمة الّتي وَردَتني كان لَها رأيٌ أخر...
فَها أنا أتلقىٰ علىٰ مسامِعي خَبر إصطدامِكِ بِسيارةً علىٰ الطريق السَريع وَانتقالُكِ لِمَشفىٰ قَريب...
وَلم يَرحمني ذَاك السؤال مِن غَرس الأسىٰ بِي.
«أسيُصبِح اليومين بَقيّة الحَياة؟!»

الرابِع مِن سِبتَمبّر.
اليَوم الّذي قَد أفقِدُكِ بِه
للأبد..

مَا بَعد الثانيّة عَشرَ.✓Where stories live. Discover now