~¤ قطعة من قلبه ! ¤~

15.7K 800 47
                                    

كان مجرد ولدًا صغيرًا، لكنه ذو حساسية مرهفة، و مشاعرٌ دقيقة خوّلته إدراك ما يحدث من حوله، ببساطةٍ كان فطنًا و ذكيًا كما عرف عنه.. و ذلك الفتور بين والديه... بل الاجواء المكهربة بينهما كان يستشعرها جيدًا

لكنه عاجزٌ

لا يدري كيف يصلح ما فسد فجأة بحياتهم، لا يدري كيف يداوي حزن أمه، و لا يجرؤ على إتهام أبيه !!!

ذكريات جميلة عاشها في طفولته و سنواته القليلة الفائتة، لكن الأليمة و الأخيرة كانت الأشد و طأة عليه، تؤرقه و تثقل فؤاده حزنًا و ندمًا

حزنًا عليها.. و ندمًا على أنه لم يصغي إليها عندما سألته الرحيل معها... لكنه يعلم بأنه لو كان فعلها لكانت النتائج وخيمة و لكانت عادت ثانيةً إلى جحيمٍ أكثر عذابًا

ريما هذا عزاؤه الوحيد، لا يستطيع أن يلوم نفسه كثيرًا عندما يفكر بالأمر، أجل، هو ليس مخطئًا مئة بالمئة ...

شقة زوجة أبيه تلك، سلبها إياها منذ حلّت زوجته الثانية بالمنزل.. أو ليس هكذا بالضبط... كان النظام كالآتي

أن تبيت "هانم" و أولادها الليل بالأسفل في شقة جدته السيدة "دلال".. إلى أن يبزغ الصباح، فتصعد مجددًا ليبدأ عملها، فتحضر الفطور و تغسل الثياب و تنظف المكان

تفعل كل هذا، بينما إبنة الباشا تجلس وراء باب غرفتها، لا تخرج و لا حتى تلمح طيفها

لعل هذا يفسر حجم الحقد و الكراهية التي تكنّنها السيدة "هانم" للأم و الإبن معًا، و لكن و إن يكن.. "رزق" لا يآبه، لم يكن يهتم سوى لأمر أمه، أمه التي بالرغم من كل هذا الحسد عليها و البغضاء، أبدًا لم تكن سعيدة منذ جاءت إلى هذا البيت ...

لا يستطيع أن ينسى، السيناريو نفسه الذي يتكرر يوميًا، كل ليلة قبل أن يخلد إلى النوم، يراها خلسة و هي تخرج من غرفتها باكية.. تذهب إلى دورة المياه و تغتسل، ثم تعود بعد أن أهدرت كل طاقتها على الحزن و الكآبة

حينها لم يكن يفقه ما كان يحدث لها، و ذات ليلةٍ قرر أن يتلصص ليطمئن على والدته، فمر من جوار غرفة النوم الكبيرة و تنصت بتوترٍ بينما قلبه الصغير يرفرف في صدره ...

صوت أبيه أولًا، يسمعه لأول مرة و هو يتحدث بهذه القسوة الفجائية لأمه :

-أنا سيبتك كل السنين دي على راحتك.. بس دلوقتي خلاص. بكفاية أوي !

ترد "كاميليا" بصوتٍ منفعل يشوبه بكاء :

-زمان كنت مترددة عشان حطيت مصلحة رزق و أولويته في حياتي يكون لوحده بس.. لكن دلوقتي أنا بقولهالك بثقة. أنا مش هاخلف منك يا سالم. و ده قرار نهائي !!

ينتفض "رزق" فجأة لدى سماعه صوت تحطمٍ مصمّ، يعقبه صياح أبيه مباشرةً :

-هانشوف كلمة مين إللي هاتمشي يا كاميليا. و حبوب منع الحمل دي. إبقي شوفي مين هايسمحلك تاخديها... تعالي هنا !!!

وقبل أن تبصر عيناكِحيث تعيش القصص. اكتشف الآن