CHAPTER THREE I

118 22 0
                                    

العدد الثالث
الجزء الأول .. زائر منتصف الليل

العم سعيد ..
شيخ سبعيناتي ؛ أشيب عجوز شاحب..هزيل البنية وضعيف الجسم.
ليس له قريب ولا حبيب. ماتت زوجته صغيرة وتوفّي عاصم ابنه  منذ عشرة أعوام وهو في عمر الثلاثين.
لم يتنازل عن وظيفته التي امتهنها منذ الطفولة وورثها عن أبيه، كما أنه لن يخرج منها علي المعاش لأنها ببساطة ليس بها معاش!
إنه حارس مقابر _ ليس مثل " انوبيس" _(وإن كنت أتمني أن يكون هو من يطاردني بدلاً من هذا الأخير في مغامرتي  الأخيرة).
قام بدفن عائلته كلها ولم يزره الموت حتي الآن.

كما أنه لن يتخلى عن عادته القديمة وهي تدخين " الجوزة "
وبرغم أن عمره لا يسمح أن يشتمّ الدخان الذي يخرج من السيارات ولكنه لا يستطيع أن يجلس ساعة واحدة دون أن تكون جوزته في فمه!
وكأنها قصة حب من القصص الإغريقية القديمة، وإن كان في ذلك الزمان كانت ستخلد ذكراه في التاريخ بحب عم سعيد والجوزة.

لا يستطيع عم سعيد في النهار أن يمنع الاطفال الصغار من اللعب عند المقابر؛ بل إنه يحب ذلك لأنه يتذكر نفسه في طفولته وهو يلعب مثلهم..
غير أنه غير مؤمن بعلم الميتافيزيقا _  إن كان يفهم هذا العلم_
بمعني أوضح  لقد عاش جل  عمره  في المقابر ؛ يدفن الموتى!
فهو شاهد علي كل شخص توفي منذ زمن بعيد.
وإن حدثت أمور غريبة فلِمَََََ لم  تحدث لماذا لا تحدث طيلة هذه الأعوام.؟!
لا يوجد أي شيء غريب في المقابر ؛ لا توجد معجزات.
عم سعيد  مؤمن أن المعجزة الوحيدة هي أنه يعيش لهذا العمر دون أن يموت!
حين تخطر له هذه الخاطرة يبتسم ويقول : لسه أواني مجاش ؛ و يا عالم لما اموت مين اللي هيدفنّي ؟!

حكايات أنور مختارWhere stories live. Discover now