part 1

1.6K 42 10
                                    

الفصل الأول "مجرد كلمة"

الإهداء: إلى من جُرِحت قلوبهم بِكَلِمة، فَاستخف الجميع بِألمهم.. 

تقف "شهد" في النافذة التي تطل على شارعهم فَهي تُعد مكانها المفضل و التي تأتي لها جميع الأفكار بِها، و من شدة حُبها لهذا المكان أسمت برنامجها الإذاعي "شباك بيتنا" و التي كان محط إستغراب من البعض و لكنها صممت عليه و بِشدة مُعللة أن موضوع برنامجها هو أن يلقي الجميع نظرة على مشاكل الناس في الشارع كأنهم يروها من خلال نافذة و هذا الأسم يليق و بِشدة.
و لكن صَوت الإشعارات المُنبعث مِن هاتفها قرر أن يُفسد هذا الهدوء، فَيبدو أن أحد أصدقائها في ورطةٍ ما فَهُم يَعتبروها مُنقذهم و هي تعتبرهم أولادها التي يجب أن تُسعدهم جميعًا رغم إنها أصغرهم!
توجهت في إتجاه هاتفها و وجدت العديد من الرسائل من صديقتها "ياسمين الشربيني" تلك التي مُنذ عملها ك "بلوجر" لتنسيق الملابس و ما شابه و هي دائمًا حزينة و في حالة مزاجية سيئة.
فتحت الرسالة الصوتية و صدح صَوت "ياسمين" الباكي:
- شهد انا مش هقدر أكمل كدا بجد هو أنا للدرجة دي وحشة يعني أنا بعمل حاجة بحبها و بساعدهم كمان، ليه مع كل صورة أتشتم و يتقال ليا كل الكلام ده؟
" ثُم ارتفع صوتها في إنفعال "
- هما مين علشان يشتموني أصلًا مش من حقهم يقولوا عليا كدا أنا تعبت أنا بجد تعبت..
بدى كلامها مُبهم في البداية لكن مع الوقت استنتجت "شهد" من هذا المقطع الصوتي وَ من الصُور المُرسلة معه أيضًا أن الموضوع يتعلق بِعمل صديقتها؛  فَعملها أساسه هو رَفع الصور المختلفة مع أفكار ملابس مختلفة على شبكات التواصل الإجتماعي  حتى يتعلم منها الفتيات  لكن مع "ياسمين" أختلف الأمر كثيرًا فَمع كُل صورة يَنهال عليها العديد من التعليقات السخيفة و اللاذعة و تنهار هي باكية أثناء قرأتها.
لماذا أصبحت الناس هكذا؟ لماذا لا يُمررون الكلام على عقلهم قبل أن يقولوه! أم إنهم يُمرروه و يُعجبهم الأمر؟ و لكن ما الذي يُعجبهم في بكاء و حزن الأخرين؟ لماذا يتباهون بِلسانهم السليط و يضحك الناس على كلماتهم اللاذعة بدلًا من توقيفهم، يستمتعون بِجرح من أمامهم و بُكاءه؟ أعتقد أنها سادية مِن نوعٍ مختلف !
قامت "شهد" بالإتصال على "ياسمين" و التي ردت في نفس الثانية و قبل أن تتحدث "شهد" بدأت "ياسمين" في البكاء مجددًا، بل يبدو إنها تُكمل وصلة بُكاء لم تنقطع مُنذ وقتًا طويلًا، فَقالت في صوتٍ باكٍ:
- شوفتي الي حصل يا شهد، أنا معملتش حاجة وحشة لِحد علشان يحصل فيا كدا أنا بعمل حاجة بحبها و بساعدهم كمان في حاجات كتير حتى لو مش بساعدهم خالص ده مش مُبرر أصلًا هما ليه وحشين كدا ليه مش بيفكروا في كلامهم! أنا مقولتش قولوا رأيكوا في شكلي ولا في ضحكتي ولا حتى طريقتي دي كلها حاجات مش في إيدي أصلًا و مقدرش أغيرها و هما المفروض مينتقدوهاش مش من حقهم ده.
كان كلام "ياسمين" يتخلله الكثير من الشهقات و البكاء و كانت تستمع "شهد" في هدوء تام فَهي تَعرف صديقتها جيدًا لا تُحب أن يُقاطعها أحد أثناء حديثها و لكنها هدأت الآن و حان دور "شهد" في الحديث، أخذت نفسًا عميق ثم بدأت في الكلام:
- ياسمين حبيبتي هي دي أول مرة حد يشتمك أو يقولك كومنت سلبي من ساعة بدايتك ؟
ياسمين و هي تحاول وقف البُكاء
- لأ.
شهد بإنفعال طفيف:
-أومال في ايه أنا قولت في حد حصله حاجة أنا قولتلك قبل كدا دول متاخديش بِكلامهم مش دول الي يأثروا فيكِ.
ياسمين بصوتٍ تتخلله الشهقات:
- بس أنا تعبت يا شهد بجد و هما أثروا فيا فعلًا ده أنا بقيت بصحى مستنية أشوف الكلام الي هيبعتوه.
تحدثت "شهد" و هي تُريد أن تُذكرها بِمن يُحبوها عسى أن يُخفف ذلك من حُزنها قليلًا:
- بس انتِ عندك ما شاء الله ناس كتير بتحبك ليه بتسيبي دول و بتدوري على الباقي ليه بتشوفي الوحش بس و انتِ عندك كتير حلو.
ياسمين بِصوتٍ يُخيم عليه الحزن:
- انتِ أكتر واحدة عارفة إن أنا كدا يا شهد لو صورة كله بيشكر فيها و حد واحد قال عليها وحشة بَشوفها وحشة، كلمة واحدة حد بيقولها ممكن تغير يومي كله، ممكن تحبطني و تخليني أفقد الحماس الي كان عندي تجاه موضوع مُعين كنت بخططله، ممكن تخليني أكره صورة بحبها، كلمة واحدة ممكن تعمل كتير أوي.
تنهدت "شهد" و قد أيقنت أن صديقتها لن تهدأ هكذا فَهي يجب أن تلتقي بها اليوم:
- أنا مقدرة حالتك و فاهمة كويس انتِ حاسة بِإيه علشان أنا حصل معايا كدا بالظبط في أول شغلي و انتِ أكيد فاكرة ده، بس شكلك محتاجة حد يفكرك كويس و يفكرك أنا عملت إيه، بس ده مش هيحصل في التليفون هنتقابل إنهاردة هكلم الباقي أقولهم.
ياسمين و قد هدأت قليلًا :
- ماشي هكتب على الجروب بس ياريت يجيبوا أكل كتير علشان أنا مكتئبة و عايزة أكل!
شهد بِضحكة:
- حتى و أنتِ زعلانة بتاكلي يا بنتي ارحمينا بقا.
ياسمين و قد عادت إبتسامتها مِن جديد :
- لا معلش كله إلا الأكل ده أوفى صديق ليا بيقدّر ينتشلني من أحزاني حبيبي ده.
- يَنتشلك!! اقفلي يا ياسمين أنا غلطانة إني بكلمك، لا استني صح هي "ريم" فين متكلمتش إمبارح خالص على الجروب و نمت قبل ما أكلمها ؟
ياسمين و هي تضرب رأسها كأنها تُعاقبها على نسيان شيئًا كَهذا:
- يا ربي دي "ريم" كمان كانت زعلانة أوي.
شهد بِنبرة مُتسائلة:
- ايه الي حصلها دي كانت قايلة إنها رايحة عند قرايبها تقريبًا، حد قال ليها حاجة؟
ياسمين بِنبرة غاضبة :
-  أيوة كالعادة يعني في أي مكان في ناس مُستفزة، كذا واحدة من قرايبها تقريبًا قعدوا يتريقوا عليها و جو بقا بتاع انتِ تخينة كدا ليه و انتِ بتاكلي أكل إخواتك ولا ايه، أنا مش فاهمة هي كانت بتاكل من تلاجتهم مثلًا !!
المهم انتِ عارفة "ريم" حساسة إزاي بتعيط من إمبارح و مش بتكلم حد حتى أنا مكلمتنيش دي أختها الي قالتلي كُل ده.
شهد و قد سيطر عليها الغضب هي أيضًا :
- أنا تعبت من الناس دي بجد كل واحدة مش لاقية حاجة تعملها تقعد تقول أي كلام و خلاص هما إزاي كدا، و بعدين "ريم" مين الي تخينة هما اتعموا و حتى لو تخينة هما يتكلموا في حاجة زي دي ليه !
- معرفش والله، ده إحنا شلة غريبة بجد يعني "أروى" كانت بتعيط من كام يوم علشانبيقولوا عليها رُفيعة و اخواتها بياكلوا أكلها و "ريم" بيقولولها العكس حقيقي الناس مش سايبة حد في حاله !
شهد بِتنهيدة :
- معاكِ حق، المهم اكتبيلهم انتِ على الجروب علشان أنا افتكرت حاجات هعملها في الشغل، و شوفي هتروحوا فين و أنا هاجي علشان كلكوا محتاجين درس من بتوع زمان !
ياسمين بتساؤل:
- شغل ايه مش كنتِ بتقولي إنك أجازة إنهاردة.
-لأ ما أنا افتكرت حاجات هعملها و سلام بقا قبل ما أنسى.
و أغلقت الهاتف في وجهها فَهي تعلم صديقتها جيدًا لن تصمت و لن تنتهِ المواضيع قبل ساعتين على الأقل!!

هستنى رأيكم🤍
#يتبع
#مجرد_كلمة
#منةالله_محمود

مجرد كلمة "قصة قصيرة"Where stories live. Discover now