part 2 🤍

446 17 9
                                    

في المساء قرروا أن يجتمعوا في منزل "ريم" لأنها رفضت الخروج معهم فأتخذوا منزلها مقرًا لهم الليلة..

جلسوا جميعهم يبكون بلا توقف و كان دور "شهد" أن تُهدئهم قليلًا ..
- طيب هنفضل ساكتين و بنعيط كدا كتير مش ناويين تجربوا حاجة جديدة، يلا نصوت مثلًا ؟
كان هذا صوت " شهد " الساخر، و هي تنظر إلى وجوههم الباكية.
ردت عليها " ياسمين " بصوتٍ باكٍ :
- ما علشان انتِ متعملش فيكي زينا فبتتريقي عادي، و بعدين أنتِ إلي جمعتينا أصلًا يعني المفروض انتِ إلي تتكلمي.
" شهد " بضحك و هي تضرب جبهتها بِخفة:
- معلش نسيت إن المفروض أتكلم أنا، بس برضو أنا مش هعرف أتكلم و أنا قدامي كمية العياط و المناديل دي أهدوا كدا.
مسح ثلاثتهم آثار الدموع و نظروا لها بإهتمام يحثونها على بدء الحديث، فأخذت " شهد " نفسًا عميق ثم بدأت حديثها :
- دلوقتي " ياسمين " بتعيط علشان كومنتات الناس على صورها، و " ريم " على كلام قرايبها، و " أروى " على ؟
نظرت إلى صديقتهم الرابعة بتساؤل و هي تقول:
- انتِ بتعيطي ليه أصلًا ؟
"أروى" بصوتٍ باكٍ :
- افتكرت لما واحدة قالت إني رفيعة و كمان في واحدة إنهاردة قالتلي إني وحشة و سمرا .
قالت هذه الجملة و ازداد بكائها أكثر..
فردت عليها "شهد" بذهول مستنكرة أفعال البشر التي باتت سيئة للغاية:
- الناس بقت وحشة كدا ليه بجد، هما مين علشان يتكلموا كدا أو يتريقوا على خلقة ربنا ايه إلي هما فيه ده!
ثم أكملت و هي تنظر لهم و بدأت في تعنيفهم بخفة قائلة :
- و انتوا في ايه كل ما حد يقول كلمة هتسكتولوا و بعدها هتقعدوا تعيطوا، مفيش عندكم لسان تردوا بيه ولا ايه ؟
اكتفوا بنظرات تدل على قلة حيلتهم إجابةً على سؤالها، فتنهدت قائلة:
- أنا عارفة إن الموقف بيبقى صعب و بتقعدوا فترة تستوعبوا الكلمة إلي اتقالت دي، بس أنا مش عايزاكم كدا، المفروض إلي تقول كلمة ليكي تردي عليها في دقيقتها علشان مفيش حد يفكر يعمل زيها تاني.
“ريم" متسائلة :
- طيب و لو هما ناس كبيرة واحدة قد ماما مثلًا ؟ مش هعرف أقولها حاجة ؟

- الناس الكبيرة دي بقا المفروض أول ناس تردوا عليها علشان عيب تبقى كبيرة و مش محترمة سنها ده.
"أروى" بضحك :
- و بدل ما يتقال عليها وحشة هتبقى وحشة و مش محترمة خطة في منتهى الغباء بصراحة.
ردت "شهد" و هي تحاول أن تبسط الأمر:
- و مين قال إنها هترد بطريقة مش محترمة ؟ هي هتقولها والله يا طنط أنا ربنا خلقني كدا و عاجبني شكلي كدا بمنتهى البساطة و الإحترام أهو.
علقت "أروى" بتساؤل:
- طيب و لو صاحبتي هي إلي قالت كدا؟
- مبدئيًا هي كدا مش صاحبتك لأن مفيش صاحب يقدر يجرح صاحبه حتى لو بكلمة فَمتقوليش عليها صاحبتي..
تاني حاجة بقا فَهتردي بنفس الرد إلي لسه قايلاه أو قوليلها إن كلنا عندنا عيوب فَياريت تركز في عيوبها أحسن ما تشغل نفسها بعيوب إلي حواليها مثلًا..
"ريم" بنبرة مستنكرة :
- تفتكري كدا هيتأثروا و يزعلوا يعني، شهد انتِ مش متخيلة الناس بقت وحشة إزاي دول مسميين نفسهم دبش و متنمرين و مبسوطين كأنها حاجة حلوة و المفروض نضحك عليها !
سكتت "شهد" قليلًا و هي تُفكر في الأمر ثم قالت :
- طيب ما ممكن يكونوا مفكرنها حاجة مضحكة فعلًا أو مثلًا مش مستوعبين إنها حاجة وحشة و مينفعش تتعمل، زي حاجات كتير وحشة بتتعمل دلوقتي و محدش مُدرك إنها غلط..
تحدثت "ياسمين" و التي كانت تتابع حديثهم بصمتٍ تام:
- طيب و ايه الحل هنمشي ورا كل واحد نقول ليه عيب كدا ده غلط مينفعش تعمله.
و قبل أن ترد "شهد" عليها، فُتِح الباب بقوة و دلفت صديقتهم الخامسة أو صديقتهم المدللة كما يَطلقون عليها "مايا علّام" و التي تعمل ممثلة كَوالدها، و تعرفن عليها في المدرسة منذ طفولتهم.
دخلت "مايا" بوجهٍ عابس على غير عادتها المرحة، و جلست بجانبهم بصمتٍ تام، حيث جذب سكوتها إنتباههم.
بدأت "ياسمين" بالحديث و هي تقول بنبرة قلقة :
- مالك يا مايا إيه إلي حصل و إتأخرتي ليه ؟
"مايا" بوجهٍ عابس:
- أنا  مكنتش هاجي أصلًا
"ريم" بتساؤل:
- ليه انتي كمان إيه إلي حصل؟
"مايا" بإنفعال و هي تحرك يدها في الهواء كطبيعتها عندما تحكي لأحد ما أغضبها:
- الإعلان إلي عملته أنا و بابا نزل إنهاردة على السوشيال ميديا و كنت مبسوطة بردود الناس و تعليقاتهم لغاية لما قابلت مجموعة كدا، سابوا كل حاجة و مسكوا في شكلي! أنا مش عارفة إزاي يسمحوا لنفسهم يتكلموا عن حاجة زي كدا أصلًا، لأ و الناس بتضحك معاهم و عاملين حفلة على شكل واحدة من غير ما يراعوا مشاعرها دي ! و ياريت دول بس ده كل كام كومنت بلاقي واحد سلبي في النص عن أي حاجة فيا المُهم يتريقوا و بس..

عم الصمت المكان قليلًا و نظرت "شهد" لهم بقلة حيلة، فَحديثها لن يُفيد بشيء الأن، الحل الوحيد أن يتم إبادة هؤلاء الأشخاص من المجتمع و فرض عقوبة على من يُسمي نفسه "متنمر" حتى يعم الهدوء و الإحترام قليلًا..

صفقت "شهد" بيديها فجأة فنظر لها جميعهم في ذعر، و قبل أن يتحدث أحدًا منهم قالت بنبرة متحمسة :
- بصوا أنا المفروض مطلوب مني بكرا أقدم حلقة فكرتها مختلفة و ملحقتش أفكر في حاجة الصبح، فقررت إن حلقة بكرا هتبقى عن إلي بيحصلكوا ده..
"مايا" بتساؤل :
- إزاي يعني؟
"شهد" و هي توضح لهم فكرتها:
- مش إحنا لسه بنقول إن هما مش عارفين إن كلامهم ده غلط يبقى لازم نعرفهم بقا، و ده هيحصل لما ناس كتير معروفين تبدأ تتكلم عن الموضوع ده.
ثم أكملت و هي تشير إلي نفسها :
- و أنا هبدأ، و حلقة بكرا هتبقى بعنوان "مجرد كلمة" و هتكلم عن تأثير الكلمة إلي بيقولوها دي على الناس ايه.
استحسنوا جميعًا فكرتها، ثم قالت "ياسمين" لها :
- حلوة أوي الفكرة دي و إحنا هندعمك علشان الحلقة تتشاف أكتر، و ممكن بعدها كل واحدة تتكلم عن الموضوع ده بالطريقة إلي تناسب مجالها..
و علقت "ريم" أيضًا قائلة بنبرة يشوبها القليل من الحزن :
- و ممكن تقولي على إلي حصلنا كلنا و برضو الكلام إلي الناس قالته ليكي أول ما بدأتي.. و ممكن برضو تتكلمي عن "حنين" ربنا يرحمها ما إلي حصلها برضو كان بسبب كلام الناس !
ترحم عليها جميعهم و كَست ملامحهم الحزن فَ "حنين" كانت صديقتهم السادسة تعرفوا عليها في المدرسة أيضًا و كونوا جميعًا صداقة جميلة، و لكنها ماتت بعد نتيجتها في "الثانوية العامة " لأنها لم تتحمل لَوم من حولها !
نظرت "شهد" في الفراغ ثم قالت لهم :
- هقول كل حاجة عن الموضوع ده في حاجات كتير عايزة أتكلم عنها و هتتقال بكرا......
#يتبع
#منةالله_محمود
#مجرد_كلمة

مجرد كلمة "قصة قصيرة"Where stories live. Discover now