الفصل الخامس

3.1K 177 4
                                    

الفصل الخامس

صباح اليوم التالي دخلتُ على يافا لأعلمها أن جلسة العلاج الكيماوي على وشك أن تبدأ .. ولكنني تفاجأت بها لا تزال نائمة .. نظرت إلى الساعه وعبستْ .. فهي لا تتأخر في نومها هكذا .. اقتربت منها وقد انتابني القلق .. فوجدت وجهها يستلقي بسكون على الوسادة عندها همست باسمها "يافا، استيقظي عزيزتي" .. لكنها لم ترد .. هرب اللون من وجهي لم أكن اريد ان افكر حتى بإمكانية حدوث هذا .. خفت أن أقترب منها لأجس نبضها .. خفت أن لا أسمع شيئاً .. لم يكن هناك أثر لأنفاسها أو ربما لبطئ تنفسها لم أنتبه .. تراجعت مذعورة أطلق صرخة مرتعبة جعلت يافا تفتح عينيها بخوف وتقفز جالسة على السرير وهي تصيح " سارا هل أنتِ بخير" عندها فقط عاد قلبي ليدق من جديد .. تقدمت نحوها بلهفة أمسك بيدها وأنا أقول " الحمد لله ، الحمد لله " تسائلت باستغراب "لماذا كل هذا الذعر؟" لم أعرف بماذا أجيبها لكنني قلت بصوت حاولت أن أجعله عادياً " لقد تأخرتِ في النوم وجلسة الكيماوي على وشك أن تبدأ" عندها نظرت إلي بتفهم وهي تراقب شحوب وجهي واستغرقت في التفكير للحظة كأنها تربط خيوط كلامي بصوت صراخي الذي أيقظها بالتعبير المرتعب على وجهي وابتسمت " سارا ، لم يحن الوقت بعد " عند كلماتها سقطت دمعة من عيني .. يا إلهي كم تبدو هادئة ومستسلمة لموتها وواثقة من أنه لم يحن بعد رغم اقترابه .. أردت أن أحتضنها أن أطبطب عليها أن أخبرها أنه لا بأس أن تنهار وتبكي .. لكنني تحاملت على نفسي وأخبرتها " هيا يا كسولة .. اغسلي وجهك وتحضري للجلسة" نهضت تترنح قليلاً حتى استقرت في وقفتها ثم اتجهت نحو الحمام .. ربع ساعه وكانت جاهزة أمامي اتكأت علي ومشينا ببطئ إلى غرفة العلاج .. كنت أشعر بأصابعها تتقلص على ذراعي كلما اقتربنا من الغرفة .. بلعت ريقها وهي تواجه الباب الموصد ثم نظرت إلي بابتسامة "شكراً لكِ" .. نظرة الخوف في وجهها من الألم القادم اعتصرتني .. أخبرتها "هل تحتاجين إلي في الداخل يمكنني أن أكون معكِ" لكنها ربتت على ذراعي وهي تقول " كلا ، وحدي سيكون أفضل" عندها فتحت الباب بعد طرقة خفيفة واختفت داخل الغرفة ولم أسمع سوى صوت الطبيب يرحب بها وهي تجيبه بمرح عرفت كم من الخوف يخفي خلفه .. تنهدت .. وتمتمت بدعاء صامت لأجلها .. ثم حملت نفسي على التزحزح من مكاني لإكمال عملي ..
*
خطت يافا إلى داخل غرفة العلاج .. قلبها ينبض بشدة توتراً وخوف .. سمعت صوت الطبيب علي يحييها بهدوء .. بالطريقة العملية اللطيفة للطبيب .. ردت تحيته بشكل حاولت أن يبدو مرحاً .. ساقها كانت ترتجف .. العلاج الكيماوي كان قاسياً عليها .. لكنها ستتحمل .. ستتحمل حتى تراه مرة أخرى .. فلا زال هناك أمل .. أمل ضئيل .. لتراه .. فهو كل ما تبقى لها .. بكل آثامه وأخطائه هو كل ما تبقى لها ...
اتجهت نحو السرير المخصص لها كي تتلقى العلاج ... أغمضت عينيها وهي تجيب بشكل روتيني على أسئلة الدكتور علي عن حالتها .. ثم سمعته يقول "بسم الله" وعندها علمت أن وخزة الإبرة قادمة .. أغمضت عيناها بشدة وحدثت نفسها "لا تشعري ،، لا تفكري .. تذكريه فقط تذكريه" عندها شعرت بالإبرة الرفيعه التي اخترقت جلدها كما اخترقت الذكريات رأسها ليدور شريطها من جديد ..
تذكرت ذاك اليوم الذي التقت فيه للمرة الثانية .. عندما كانت جالسة في غرفتها ترتدي بجامتها البيضاء المطبوعة بفراولات حمراء صغيرة وتجمع شعرها على شكل ذيلي حصان على كل جانب ليتساقط على كتفيها وقد كانت تقرأ كتاب شعر أعطاها إياه أحمد .. كانت في كامل تركيزها عندما سمعت وقع خطوات تصعد السلم .. لم يكن باب غرفتها مغلقاً .. لذا نادت "أحمد أهذا أنت؟ هل وصلتما أخيراً" عندها أطل آدم بقامته المديدة كالبرج وهي يقول بابتسامة ساخرة أظهرت غمازته "آسف لتخييب ظنك ، أنه أنا" شعرت يافا بالتوتر فتصلب جسدها وزادت خفقات قلبها ولمع التحدي في عينيها وهي تقول "أحمد ليس هنا ولا ماما" نظر إليها بسخرية وهو يقول "سأنتظرهما .. أنا مدعو للعشاء . ألم تعلمي؟" أخبرته من بين أسنانها "كلا" .. جال بعينيه على غرفتها ثم أخيراً حطت نظرته فوق شعرها بتسريحته الطفولية وبجامتها الأكثر طفولية وقال بسخرية جعلت الدماء ترتفع إلى خديها " حسناً ينقصكِ رضاعة والقليل من البكاء حتى تكتمل صورة الطفولة" عندها شعرت يافا بغضب ليس لأنه ناداها بطفلة فهي لا تمانع لكن لأنه قالها بطريقة وكأنها إهانة، قفزت من سريرها ووقفت أمامه تكتف يديها على صدرها قالت "اسمع يا هذا ، لا تسخر مني .. فأنا قادرة على رد الضربة، فإياك والعبث معي " أرجع رأسه ضاحكاً بقوة واستمتاع أغاظتا يافا أكثر ثم عاد يقول " وللقطة مخالب" أجابته بغضب مكتوم " واحذر لئلا أنشبها في عنقك" نظر إليها وابتسم بسخرية "يافا الصغيرة ، لن تجاريني أبداً ،، الملائكة لا تتفوق على الشياطين " أجابته "حسناً أنت مخطئ .. هناك طريقة جيدة " أمسكت قبضة الباب وهي تقول "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" ثم صفقت الباب بوجهه .. سمعت صوت ضحكته المجلجلة وهو يقول "انتصرتِ يا ملاك .. لكنها جولة واحدة" ابتسمت يافا لنفسها .. ها قد اعترف بخسارته لكنها لم تعلم أبداً أنه كان سيوفي بعهده بالنسبة للجولات الأخرى.
يومها اعتكفت في غرفتها حتى وصل أحمد ووالدتها .. وعندما سألتها أمها عن سبب عدم مجالستها لآدم تعللت بأنها كانت منهمكة في قراءة الكتاب ولم تستطع أن تتركه .. كانت حجة واهية لكن والدتها لم تضغط عليها لمعرفة السبب الحقيقي ،، قبل العشاء الموعود استحمت يافا وارتدت ثوباً أصفر يصل لفوق ركبتها .. تزينه ورود برتقالية صغيرة جداً وناعمة .. انتعلت صندلاً بلون الورود التي تزين ثوبها .. رفعت شعرها إلى أعلى رأسها .. الثوب لم يعطها منظراً أنثوياً أبداً .. بل بالعكس زادها طفولية .. زفرت بغضب "ولماذا أهتم .. أنا أحب طفوليتي" لكن صوتاً صغيراً أجابها "ولكنه لا يحبها" عندها صاحت بغضب "آآآآآآوه عليه اللعنة ذلك الشيطان الفرنسي الدم"
على طاولة العشاء جلست أمامه بينما احتل كل من والدتها وأحمد طرفي المائدة ... نظر إليها عبر المائدة بسخرية وأجابته هي بنظرة تحدي ... دار حوار شيق بين الثلاتة لم تشارك فيه يافا كثيراً لأنها كانت مشغولة بعدم ارتكاب أخطاء قد تجعلها موضع سخريته .. بعد العشاء جلست العائلة لتحتسي القهوة .. اعتذرت يافا متعللة بحاجتها لبعض الهواء النقي.. نظر إليها آدم نظرة تقول "هيا اهربي" ردتها بنظرة تقول "عليك اللعنة" ثم هربت بالفعل .. فكرت حينها "يا إلهي هذا الرجل يربكني .. يجعلني أخرج عن ضبط النفس والسيطرة.. في عمق عينيه العسلية اللعينة يوجد شيء ما يجذبني .. وفي تلك الضحكة الساخرة ما يشحذ طاقة التحدي داخلي ... قامته المديدة .. سمرة بشرته الخفيفة .. منكبيه العريضين ، شعره الأشقر وتلك الغمازة الملعونة المحفورة على خده ،، تجعلني أكرهه أكثر فهو مزيج خطير من الرجولة الباردة التي تدفعني للمواجهة دون خوف .. أين ذهبت يافا الهادئة؟ .. لماذا دوماً أشعر بالتوتر في حضوره .. هل يعود هذا لهالة السلطة والقوة التي تحيط به أم يعود هذا للهواء الذي يتكهرب بالكره كلما كنا معاً في مكان واحد؟ ... تباً له .. هذا الشيطان الفرنسي .. كيف يكون ابن أحمد .. ذلك الإنسان الرقيق المهذب ... فعلاً هما كالأبيض والأسود.. كيف ينجب هذا الكم من البياض هذا الكم من السواد المزعج ... " عندها سمعت خطوات قادمة من اتجاه البيت وعرفته قبل أن تراه فهذا عطره السخيف الذي لم تستنشق أذكى منه رائحة ... تمتمت "أذكر الشيطان يأتيك قافزاً" ... سمعت صوته يقول " أمل وأبي أرسلاني لأرى إن كنتِ بخير فقد تأخرتي" أجابته ببرود " نعم بخير ، سأعود بعد قليل" انتظرت أن تسمع صوت أقدامه تغادر لكنه لم يفعل همست بداخلها "عليكَ اللعنة اذهب" لكنه بدل أن يستجب للعنتها الصامتة جاء وجلس إلى جانبها محتفظاً بمسافة .. سألته "ماذا الآن؟" رغم أنها لم ترَ ابتسامة السخرية لكنها أحست بها وهو يجيب "ألا يحق لي أن أجلس في بيتي؟" نهضت من مكانها وهي تقول بذات اللهجة "كله لك .. استمتع" تركته وأخذت تمشي فجائها صوته "لماذا تهربين مني؟" استدارت نحوة وقالت بتهكم" أهرب؟ ولم الهرب؟ وهل سرقت عشائك لأهرب منك؟" ضحك " لو سرقتي عشائي لكنت سرقتك كلكِ" احمرت وجنتاها من التلميح السخيف الذي أطلقه أجابته غاضبة " حاذر يا هذا .. ألفاظك لا تعجبني" نهض ووقف مشرفاً عليها من برجه العاجي فاضطرت أن ترفع رأسها لتحدثه مما جعلها تحس بضئالتها أمامه "إياكِ يا يافا .. لا توقظي الشيطان" أطلقت ما يشبه الضحكة الساخرة وهي تقول "و إلا ماذا؟ " تمتم "تندمين" عندها قهقهت كأنه أخبرها نكتة "يافا لا تندم" أجابها بهدوء وهو يمشي مبتعداً "سنرى .. لا تقولي أنني لم أحذركِ"،، بعد ذلك توجهت إلى غرفتها مباشرة متخذة من صداع مفاجئ حجة لها كي لا تجالس العائلة ، عندما غيرت ثيابها وارتدت ثوب نومها الأزرق كلون عينيها استلقت على فراشها .. تستمع لصوت ضحكاتهم في الأسفل .. فكرت "ألا أستطيع أن أكون متحضرة في وجوده وأستمتع بوقتي؟ لماذا موجات الكره تلك التي تشحن الجو بيننا كلما التقينا؟" انتبهت لنفسها إنها تشغل فكرها به فقالت "أوه كلا لن أفكر بك" أمسكت كتاب الشعر وراحت تقرأ وتقرأ حتى اختفت الأصوات في الأسفل ولم تعد تعي شيئاً سوى الكلمات المطبوعة في الكتاب .. عندما رفعت رأسها أخيراً عن الكتاب بعد أن أكملت قراءته تفاجئت أن الساعه تجاوزت الثانية عشر... فكرت بكوب شوكولاتة ساخن يرخي أعصابها قبل أن تستسلم للنوم .. هكذا نزلت إلى الأسفل حافية القدمين متجهة نحو المطبخ لكنها وقبل أن تهبط آخر سلمة في الدرج سمعت صوت ضحكة عميقة .. تعرفت عليها فوراً .. لماذا لا يزال هنا؟ هل ينوي قضاء الليلة في البيت؟ ومع من يتكلم في هذا الوقت المتأخر؟ لم تستطع أن تتحرك من مكانها .. لم تكن ترغب في استراق السمع لكن فضول القطة قتلها ... لذا وقفت ترهف السمع لصوته يتحدث بفرنسية طليقة .. وبفرنسيتها الضعيفة كل ما استطاعت أن تلتقطه هو كلمة "حبيبتي" و"غداً" ... "آوه رائع ولديه صديقة فرنسية ، لتكتمل الصورة الشيطانية" رفعت رأسها غير آبهه بالانقباض المفاجئ الذي حصل في صدرها واتجهت نحو المطبخ .. هناك أعدت لها كوباً من الشوكولاتة الساخنة ومع أول رشفاته سمعت صوتاً يقول "هل أيقظكِ الصداع؟" نظرت إليه فلمحت نظرات تسخر منها وكأنه يخبرها بأنه يعرف أن الصداع كان مجرد حجة لتهرب من مجالسته .. أجابته "كلا، ما الذي تفعله هنا؟ ظننتكَ غادرت" .. سألها بخبث "فقلتِ بما أن الشيطان قد ذهب لتهبط الملائكة من عليائها" رسمت تعبيراً يشبه تعبير وجهه "بالضبط" .. تقدم ليجلس على المقعد أمامها تفصل بينهما طاولة المطبخ "ما يعجبني أنكِ صريحة .. لا تزيفين مشاعركِ .. جاهرتي بكرهي منذ اللحظة الأولى" رفعت رأسها إليه وقالت بكبرياء "أنتَ تعرف أنه لم يكن من فراغ ، وعندما ترمي بتحدٍ في وجهي فلا تتوقع مني أن أتقوقع وأهرب ... أنا أواجه دائما"،،، سألها " بدليل أنكِ لم تواجهي والدكِ وهربتِ إلى حضن أمك" دوى صوت كوب الشوكولاتة الساخنة وهي تضعه بعنف على طاولة المطبخ ونهضت واقفة "أحذرك ،، أحذرك .. إياك أن تتفوه بما لا تعرفه" لم تستطع منع صوتها من التهدج .. ومشت خارجة ولكنها قبل أن تصل إلى باب المطبخ سمعت صوته البارد الساخر يقول "أوه بل أنا أعرف جيداً ، يافا الحلوة الهادئة التي لم تتحمل قسوة والدها فقط لأنه لا يحتضنها ويطبطب عليها .. يافا التي لا تتحمل نسمة هواء ، يافا الضعيفة ، تهرب من سجن والدها إلى حرية والدتها " تجمع الدمع في مآقيها لم يعرف أبداً كم كانت كلماته قريبة من الحقيقة وكم آلمها أن تظهر أمامه عارية الروح بهذا الشكل .. كرهت أن يراها ضعيفة ،، استدارت نحوه تقول بحقد " لا تتمادى أيها الفرنسي .. وفر تحليلاتك النفسية لمن هم مرضى .. وأنصحك أن تبدأ بنفسك" نهض ينظر إليها ، مسحت عيناه شكلها وهي تقف عند باب المطبخ بثوب النوم القطني القصير .. بشعرها المنتشر على كتفيها بالبريق اللامع في عينيها وقال بهدوء مميت " أوه هيا الآن ، لم يكن لهما كلام سوى عن مدى معاناتكِ مع ذاك القرش ، ومدى توقكِ للتخلص منه ،، من يسمعهما يظن أنه حبسكِ في قبو عفن ، كأنك لم تكوني تسكني قصراً كقصر حكايا ألف ليلة وليلة ولا سيارة آخر موديل ولا مبلغ طائل من المال في حقيبتك .. رغم كل مآخذي على والدك لكنني لا أتهمه أنه يسرق مال الشعب ليكدسه .. بل ليصرفه عليكِ" هنا وصلت يافا لأقصى حالات غضبها ،، لم تعد ترى بوضوح .. غطت غمامات حمراء مجال رؤيتها وكاد غضبها أن يكون ملموساً .. بلا تفكير انقضت عليه رمت بنفسها عليه تصفع وجهه وتنشب أظافرها في رقبته .. ارتد آدم للوراء متفاجئاً بشراسة هجومها .. فضئالة حجمها لا تعطي انطباع عن شراسة طباعها وبعد أن استفاق من الصدمة أمسك بكلتا يديها بقبضته وثبتها خلف ظهرها كانت تتنفس بصعوبة .. صدرها يعلو ويهبط بسرعه غريبة نظرت إلى ما فعلت به .. آثار صفعتها على وجهه وهناك خط رفيع من الدم يسيل من رقبته .. نظرت مرتعبة لما فعلته .. ثم التقت عيناها بعينيه .. عيناه كانت غامضة .. عاصفة .. تحول العسل فيها إلى لونٍ اغمق .. ثم ضاقت بشكل خطير وهو يلتقي بزرقة عينيها .. همست بصوت غاضب "لن أعتذر .. تستحق" شدت قبضته على يديها المأسورتين فتأوهت من الألم وهي تقول بكبرياء "أطلق يدي .. أنتَ تؤلمني" تمتم من بين أسنانه بصوت بدى فيه الغضب الصرف "لو أنكِ رجل لما أبقيت على عظمة سليمة في جسدك" اتسعت عيناها من التهديد الذي بدا وكأنه يعنيه فعلاً لكنها رفضت أن يخيفها حاولت أن تتكلم بهدوء قدر ما استطاعت "لكنني امرأة" صحح لها بغيظ "بل طفلة سيئة الأخلاق" صاحت بوجهه "إياك والتحدث عن أخلاقي فأنا متاكدة أنها أفضل من أخلاقك" دفع ظهرها إلى الأمام بقبضته الممسكة يديها فاندفعت تلتصق بصدره ، فسرت رعشة في جسدها وحرارة لم تعرف مصدرها وعلا الاحمرار وجنتيها قال بصوت كالحمم البركانية "يا إلهي يا فتاة أمسك بكِ بين يدي وتجرئين على التجاوز علي" ارتفع صدرها وانخفض في أنفاس سريعة .. فشعرت به يتصلب ردت بصوت حاولت أن لا تظهر فيه مدى رعبها "فقط عندما تبدأ أنتَ بإلقاء كلام غير لائق" نظر إليها ثم ضحك .. ضحك من قلبه وهو يقول "غير لائق؟ هذه كلمة في غير محلها بعد كل ما جرى الآن ... كل شئ هنا غير لائق .. يا إلهي يافا لديكِ قدرة على اختيار أكثر المصطلحات إثارة للضحك .. لماذا لم تستخدمي مثلاً كلمة سخيف أو وقح ... تفاجئينني دوماً يا فتاة" نظرت إليه مسلوبة الإرادة ... بجمال ضحكته وشكل غمازته والمرح الحقيقي الظاهر في صوته .. كأنها لم تصفعه قبل قليل ولم تدمي رقبته رفعت رأسها بكبرياء "أرجو أن تتركني الآن" وكأنه انتبه لوضعهما الحميم فأفلت يديها وقد غامت عيناه بتعبير غريب .. وقال بهدوء "اهربي قبل أن يستفيق شيطاني" .. ولم تنتظر أكثر أطلقت ساقيها للريح وهربت وهي تسمع صوته المتسلي يلاحقها "جبانة" ... لم تتوقف إلا بعد أن صارت في غرفتها .. أغلقت الباب واستندت عليه وهي تهمس "يا إلهي .. أتمنى أن يكون ما حدث مجرد كابوس"
أيقظها صوت الدكتور علي وهو يقول "انتيهنا، سأنادي الممرضة لتساعدكِ" ،، شعرت يافا بجسدها رخواً ومتعباً ،، دخلت سارا عليها فابتسمت يافا في محاولة لطمئنتها أن كل شئ على ما يرام .. تقدمت منها وقالت لها بابتسامة جميلة "حسناً ها قد انتهينا ،، فلنعد"... ساعدتها سارا بالنهوض وبعد أن تمايلت عدة مرات استطاعت أن تقف بشبه استقامة وتمشي بشبه ثبات ، حتى وصلت إلى غرفتها ، أسندتها سارا حتى وصلت إلى السرير واستلقت عليه ،، كانت منهكة جداً وتشعر بالنعاس ،، أغمضت عينيها لتغفو وآخر ما شعرت به يدا سارا تضعان غطاءً فوق جسدها وصوتها يهمس "نامي حبيبتي ، كل شئ سيكون على ما يرام" بابتسامة امتنان لسارا ،، غفت يافا .

قراءة ممتعة..
يتبع...

على بحر يافا(مكتملة)Where stories live. Discover now