مُلحق الفصل الثالث عشر

2K 115 2
                                    

انتقام
ملحق الفصل الثالث عشر - على بحر يافا

كان ينفث دخان سيجارته دون المبالاة بقواعد إرشادات السلامة في الطائرة .. الذكريات المتدفقة أزعجته ، منظر ابنته تتهاوى إلى الأرض بعد أن أطلق هو ، والدها ، عليها النار دون قصد هاجمه في كوابيسه طيلة الفترة الماضية .. اشتدت أصابعه على السيجار الكوبي وهو يفكر في آدم الذي انهال عليه ضرباً حتى فقد وعيه ،، آدم .. ردد عقله هذا الاسم ليعذبه به .. لم تكتفي أمل بأن تعود إلى وغدها بل وتجرأت على السماح لعلاقة حب أن تأخذ مجراها بين ابن غريمه وابنته .. السؤال الذي ألح عليه "لماذا قبلت ابنته بزواجها من وسيم إن كانت واقعة في غرام ابن الشاعر ذاك؟" .. عندما فكر بوسيم كاد أن يحترق جسده ، في اللحظة الأخيرة عندما قرر أن يترك ابنته لتعيش حياتها بعدما دخلت أمل المستشفى وبعد أن قابل وسيم ليفاجئ ابنته بمباركته زواجها جائه أحد رجاله المخلصين بماضي وسيم ووالده .. يومها اشتعل الغضب الصرف فيه ، كيف لأمل أن ترمي بابنتها لهذا الوغد .. في أعماق قلبه كان يعلم ، أن أمل أو أحمقها لم يكونا ليعرفا حتى لو بحثا لأن والد وسيم أجاد إخفاء الأمور وأنه هو أيضاً لم يعرف حتى جاءه الخبر من أحد رجاله بعد تدقيق أعمق .. هو بوسائله وإمكانياته استطاع إيجاد الحقيقة بينما أمل وهي مجرد امرأة عادية بلا منصب كما هو حال الشاعر فهما لن يقدرا على معرفة أي شئ .. كما وأن في أعماقه يعلم أن وسيم يشبهه كثيراً .. فكلاهما لا يتورع عن ارتكاب الجرائم وهو يعلم أن ابنته بريئة جداً .. لدرجة أنها لا تستحق زوجاً مجرماً .. فيكفي أنها ابنته هو .. إبراهيم الذي يهابه الجميع ويحقد عليه الكثير والذي لا يتوانى عن فعل أي شئ للوصول إلى ما يريد ... كان من الصعب أن يعترف بهذه الأمور لنفسه فاتخذ الطريق الأسهل وحمل أمل مسؤولية الجهل بحقيقة وسيم .. فتحول الأمر إلى انتقام مرة أخرى .. لكن يجب أن لا ينكر أنه خلص ابنته من قدر سيء .. ابتسم بسخرية لنفسه ليرميها في قدر أسوأ يحدث فيه أن يطلق النار عليها .. ارتجف جسده .. ونظر إلى يده وتهيأ له أنها ملطخة بدم ابنته .. لا كشف وسيم ولا تطليقها منه كان كافياً ليعوض عنها ما حصل .. هي لن تنسى ولا هو سوف ينسى ولا أمل كذلك .. كان قد رشى الممرضة لتحمل له أخبار ابنته أولاً بأول .. ثم عين من يراقبها، حرصاً عليها وكذلك لمعرفة ما الذي سيحصل بعد ذلك .. عندما علم عن خطبتها لآدم كاد أن يمسك مسدسه ويذهب إلى آدم ويفرغه في رأسه .. ثم تراجع .. لكن غضبه لم يتراجع أبداً .. أمل أخطأت في حقه .. كان من الممكن أن يسامحها .. لقد فعل .. وقرر أن يترك كل شئ ويعود إلى عمله ومكانته الرفيعة .. لكنها فتحت عليها أبواب الجحيم مرة أخرى بعد موافقتها على خطبة ابنتهما من ابن عشيقها السابق.. أمل لن تلوم إلا نفسها لأنها أقحمت آدم في هذه القصة ،، لقد كان لها أن ترفض تزويج ابنته لآدم .. لكنها وقفت متفرجة وربما سعيدة أيضاً .. بل مؤكد سعيدة لهذا الارتباط .. لكنه لن يقبل لهذا أبداً . لن يقبل أن يهزمه الشاعر مرة أخرى . أن يختطف منه آخر ورقة يضغط بها على أمل ، أن يسرق منه عائلته بالكامل .. هو إبراهيم . وزير النفط المرموق ، صاحب المال والعز والجاه ، صاحب القرار الذي لا يتجرأ أحد على ثنيه ، هو الرجل الحازم ورجل الأعمال المحنك .. أيهزمه شاعر لا قيمة له؟ أبداً أبداً لن يحصل هذا .. هو لن يسمح بهذا ... أمل ستجني ثمار غلطاتها معه ، أمل ستدفع فاتورة حسابها كاملة هذه المرة . وابنته ستعود إليه ، هي له ، وهي من حقه ، وسيزوجها من يشاء ، ربما سيزوجها عصام ابن صديقه صاحب الثروات الطائلة هكذا لن تخرج يافا عن نطاق تحكمه وستقتل أمل نفسها هماً وحزناً لفراقها ... من خلفه سمعَ صوتَ امرأة تنادي ابنتها "أمل .. أمل" التفت بحدة .. نظر إلى الفتاة الصغيرة وانقبض قلبه ، أمل تحيطه من كل الجهات ، ذلك الهوس المرضي ، ذلك الحب الذي لا يموت لهذه المرأة يكاد يقتله ويسلبه عقله .. أعلن مساعد القبطان أن الطائرة ستهبط بعد قليل .. شد حزام الأمان حول خصره .. وفكر أن ما يخطط له هو أفضل وسيلة للانتقام .. فهو لن يظهر في الصورة إلا في الوقت المناسب .. هو سيكون الملاك البرئ المخلص .. هبطت الطائرة دون أي مشاكل .. وتمت إجراءات دخوله فرنسا بسهولة تامة .. الكل كان يعامله باحترام ،، فهو رجل له منصبه . لا أحد يعلم كم يمكن لهذا الرجل ذا المنصب أن يكون متوحشاً في ما يتعلق بما يخصه .. وأمل تخصه .. تخصه وحده ..

في المساء بينما كان يحتسي القهوة في جناحه الخاص دخل عليه أحد حراسه وهو يقول "لقد وصلت يا سيدي" أمره "أدخلها" .. فدخلت عليه امرأة تبدو في أواخر عشريناتها ،، طويلة القامة ، نحيفة الجسم ، شقراء الشعر ، عيناها بلون أزرق غامق .. ترتدي ثوباً أظهر مفاتنها .. وابتسمت قائلة بغنج "بونسوار" .. علت ابتسامة خبيثة وجه إبراهيم وهو يرد "بونسوار مدموزيل" ..



قراءة ممتعة..
يتبع...

على بحر يافا(مكتملة)Where stories live. Discover now