معيدي

21 8 0
                                    

عندما كنتُ صغيرة أرسلتني أمي لأبتاع الخضار من البائع، وجدتُ صديقتي في الشارع مع صديقة لها لا أعرفها، سلّمتُ عليهما، فسألتني صديقتي: إلىٰ أين أنتِ ذاهبة؟ قلتُ لها أريد شراء "خُضرة" -ببساطة وكما هي متداولة في لهجتنا-، فضحكتا باستهزاء وقالتا لبعضهما "عود خضُورات"!، كان عمري حينها خمس سنوات فقط.. فتأثّرتُ جدًّا.. ومرّت الأيّام ولا يزال الموقف يتكرّر أمامي كلّ يوم، إلىٰ أن فكّرتُ مليًّا في الأمر، وفهمت أنّ ما حصل ينمّ عن تربية لا تحترم الاختلاف، نعم قد نختلف في اللّهجات، ولكن هذا لا يعني أن ننتقص من لهجة أو نعيبها، كثيرًا ما نواجه من يصف الآخرين -وعلىٰ وجه التحديد أهالي المناطق الجنوبيّة- بـ"المعدان"؛ لأنّه بحسب معاييره هو أفضل منهم، أغنىٰ منهم، في مستوىٰ أرقىٰ منهم، النَفَس التمييزيّ تجاه أهل هذه المناطق بادٍ جليّ عند أغلب العراقيّين، هذه الفئة البسيطة التي تفعل كلّ شيء علىٰ الفطرة، ذوي قلوب بصيرة، وعقول نيّرة، يصفهم أحد الكتّاب حين يعدّد صفاتهم: "وما يصدّگ المعيدي إلّا تحلفله بالعبّاس"، هم الذين انطلقوا بادئ الأمر لتلبية فتوىٰ الجهاد، روحهم الثوريّة تفور وتراها في وجوههم، رأيتم الاختلاف الجميل؟ هذا هو.. 💚

تـوعـيـةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن