أُحْجية

المقدمة

خصلات شعر أسود مسترسل، تعبث بها الرياح.
مَلامح مَطموسة، فوق ثغر المبني الشاهق، يتألق مَظهر الغروب البرتقالي ذا خيوط الضوء الذائعة .. جاعلةً منه أقرب إلي لوحة مُحكمة الرسم بكامل تفاصيلها الضيئلة ..

وبدت كذلك أقرب لثغرة في قطبان القفص الفولاذية المَّطلية بالذهب، بفضل تلك الثغرة الصغيرة بإمكانها إطالة أجنحتها الناصعة ..

خطوة واحدة ستريحها من كل ما قد انخرطت فيه، سواء بأرادتها أو قصرا.. خطوة واحدة فقط .
ستختفي بونتين و طوكيو مانجي و كل شيء تسبب في ما آل إليه مسار سير الأحداث ..

لَكن رغم ذلك مازال هناك شيء واحد فقط يجب عليها توريثه ..

أدارت رأسها كاشفةً عن البشرة الضامرة و الأعين المجوفة .. بروية أخرجت الكلمات من حلقها.
" يمكن لإثنين أن يدسي سرًا، طالما أن الأول ميت . "

إبتسامة فارغة رسمت علي محياها ، بينما تتذكر الشخص الذي سيستطيع إيجاد السر الجليل ..

لحظات قليلة هذا كل ما احتاجه الأمر وتسابقت الرياح مع جسدها ضاربةً إياه ببأس شديد ..
في النهاية تعانق جسدها مع الأرض القاسية ..
تاركًا إياها جثة هامدة لا حول لها ولا قوة .

---

دُّونت هذه الكلمات بِالخط العريض على الصَّفحة الرَّئيسية لصحيفة طوكيو.
° انتحار زَوج رئيس بونتين °

هَبط الخَّبر عَليها كالصَّاعقة، احتاجت عِدة دقائق لمحاولة الإستيعاب، بَينما بَدأ شُعورها بالخيانة في التفاقم، عَصرت الصَّحيفة في قَهر بَين قَبضتيها، ثُم هَمت في السَّير بِصغب دَاخل مَقر بُونتين..

عِند المُّنعطف أَطل زَهري الشَّعر بِندابته المُّتطرفه، وَجهه كَان كَفيل بتضخم حَفيظتها المُّتقدة في الأصل.. لحظات وَكانت الجَّريدة دقَّت وَجهه بَينما بَادرت في الصُّراخ.
" سانزو هاروتشيو، لِم لَم تُخبرني!"

إلتقطت سَانزو الجَّريدة التَّي صَدمت وَجهه ثُم تَحدث في بَساطة ويسر.
" لَم أرى حَاجة لِهاذا، و مايكي لَم يريد فَتح المَّوضوع."

عَلي عَكسه كَان عَقلها في حالة هَرج وَمرج داخل جُمجتمها.
" لَكن ذَلك لَا يَعني ألا احيط بِشيء كَهذا عِلمًا سِوي بَعد شَهر كَامل!"

" و مَا التَّغير الذي كَان سيطرأ لَو عَلمتِ؟"

فور مَا فَتحت فَاهها للحديث، فَرت الكَّلمات مِنها، ربما لَم تَكن تَمتلك أيَ أعذار مُنذ البِّداية، هُنا بَدأت في إعادة تَقليب المُّوقف دَاخل رأسها، وتغلغل السُّؤال الذِّي تلافت عَن إجابته.
لِما هي غَاضبة مِن الأساس؟ لَيس و كأنها كَانت شَخص مِقرب مِنها.. بل الأمر على النقيض مِن ذَلك تَمامًا، بالكاد كَانت تَعرف اسمها..

لِما هي تتقد بالسعير المُّضطرم إذن؟

لَكن ذَلك لَم يمنعها مِن الحَّديث.
" مَع ذلَك ، لما يَجب أَن أكون آخر شَخص يَعلم بِهذا؟"

آَجاب سَانزو بعدما ضَرب الصَّحيفة بجبهتها آخذًا بثأره.
" لأنكِ كُنتِ في مُهمة أيتها الحَّمقاء."

صَفعت كَفه التي رَست على رأسها ثُم بَادرت الحَّديث في جَدية لَم يعهدها سَانزو.
" لَا تَحاول العبث مَعي، لَقد انتحرت قَبل ذَهابي في المُّهمة.. لِم لَم تُخبرني؟"

كَان سَانزو عَلي وَشك التَّحد لَولا أَن صَوت رَخيم تَتردد صَداه دَاخل المَّمر.
"موتشيزوكي! تَوقفي عَن إحداث جَلبة كبيرة حول هَذا."

خُصلات بَرَّاقة مُجردة، هَالات فَحيمة.. كَان مَايكي.
' تَوقيت مِثالي'
سَخرت تَحت أنفاسها، لَكن ذَلك لَا يَعني أَنها قَد تُغلق فَمها.

" لَكن هَذا غَير منطقي! ،لِما ق__"

قَاطع حَديثها بِنبرة غَليظة، بَاترًا الحَّديث بالكامل.

" موتشيزوكي إيرين، هَذه المَّرة الأخيرة التَّي أُحذرك فِيها، المَّرة الَّقادمة سَأنفذ عَليكِ مِطرقة بونتين بِنفسي."

انعقد لِسانها بِالكامل، ولَم تَدري مَا تَفعل.. لوهلة نسيت أنه كان مايكي..لَكنها شَعرت بِثقل ذِراع سَانزو تخفض رَأسها..
ثم بادر في الحديث.
" مايكي فلتعذرها، هي فقط متفاجئة. "

تَحدث مَايكي بَينما سَار مُتخطيًا إياهم.
" غَيرت رأي، في المرة القادمة أَنت مَن سَتنفز حُكم مِطرقة بونتين عَليها، هاروتشيو."
لَم يَحتاج سانزو ثانية وحيدة ليجيب ببساطة.
" بكل تأكيد."

..

الغَّيظ ممزوج بالشَّجي أَنشأ مَشاعر جديدة غَلفت جَوفها، صَفعت ذِراعه مِن عَلي رأسها ثُم سَارت مُبتعدة فَحسب، بَينما استطاعت سَماع تَذمر سَانزو خَلفها.
" هَل هكذا هي مِكافئتي لأنني انقذتك مِن الموت."

" مايكي! مايكي! فليذهب مايكي للجحيم. "

---



انتهي •