الجزء الثاني (الفصل الرابع عشر)

3.1K 156 7
                                    

أروع ما في حبنا أنه
ليس له عقل ولا منطق
أجمل ما في حبنا أنه
يمشي على الماء ولا يغرق
لا تقلقي يا حلوة الحلوات
ما دمت في شعري وفي كلماتي
قد تكبرين مع السنين وإنما
لن تكبرين أبدًا على صفحاتي
ليس يكفيك أن تكوني جميلة
كان لابد من مرورك يومًا بذراعيَّ
كي تصيري جميلة.
 

وقفت صبا موجهة أنظارها نحو وقاص وعبراتها تسيل فوق وجنتيها تأبى الوقوف، نظرت له وكأنها ترجوه أن يظل بجانبها حتى ولو لبضع ثوان، كانت تسلط أنظارها نحوه وكأنها تناست المكان والزمان، وكأنها تناست كل شيء من حولها، تناست العالم بأجمعه ولم يظل بذاكرتها إلا هو فقط... معذبها ومعشوقها.
سرعان ما نهض هو مصافحا والدها بجمود متوجها صوب باب المنزل وما إن استمعت إلى صوت انغلاق الباب حتى شعرت وكأن قلبها يتهشم ويتناثر إلى أجزاء صغيرة بداخلها.
حاولت استجماع قواها بعد لحظات وتحاملت على قلبها المحطم لتنهض متوجهة نحو غرفة شقيقتها، ولكنها ما إن توقفت أمام باب غرفة نور لتطرق الباب استمعت إلى صوت شهقاتها العالية، لم تتجرأ لدخول الغرفة وإلقاء ما بجعبتها من أحزان في أحضان شقيقتها، فكيف تكون هي المتسببة في آلامها وتذهب لتبكي بين ذراعيها؟!
انسحبت متوجهة إلى غرفتها لتلقي بجسدها المنهك فوق سريرها غارقة في شلالات من الدموع.

جلس وقاص في سيارته لبضع دقائق محاولا استنشاق أنفاسه، أخذ يتطلع بأنظاره نحو المنزل وكأنه ترك قلبه بالداخل ليواسي معشوقته في أحزانها، تمنى لو كان كل هذا كابوسا فقط وبمجرد استيقاظه سيجدها بجواره وبين ذراعيه، ولكنه يعلم أن ما يمر به ما هو إلا واقع مرير مجبر على تعايش كل لحظة مؤلمة بداخله.

*************

أوقف كريم سيارته أمام منزل نور وترجل من السيارة مسرعا بصحبة ملك.
وجهت أنظارها نحوه متسائلة:
_أنت هتدخل جوا؟
_أكيد هدخل.
سألته بتعجب قائلة:
_أنت هتدخل ليه؟ أنا قلت هتروح لإياد.
_أنا هدخل عشان نور إنسانة مميزة بالنسبة لي وإياد كمان كده حتى يمكن كل اللي أنا فيه ده بسببهم وعشان أقدر أقربهم لبعض تاني لازم أفهم حصل إيه.
أومأت برأسها بخفة ثم طرقت بضع طرقات خفيفة على باب المنزل، سرعان ما فتحت والدة نور الباب وعلامات الحزن تعلو وجهها.
سألتها ملك برفق:
_حضرتك عاملة إيه يا طنط و...
قاطعها كريم قائلا:
_ممكن نطلع لنور بعد إذنك.
أردفت هي بحزن:
_هي مبتفتحش لحد الباب من امبارح.
استطردت وكأنها على وشك الانهيار:
_أنا مش عارفة بس إيه اللي بيحصل لولادي ده في يوم واحد.
مسدت ملك برفق على ظهرها قائلة:
_ممكن بس تعرفينا مكان الأوضة وهي هتفتح لينا.
توجهت صوب الغرفة وتبعها كل من ملك وكريم.
طرق كريم باب الغرفة قائلا بصوت وصل إلى مسامعها جيدا:
_نور افتحي الباب محدش هيدخل غير أنا وملك بس.
نهضت هي بتثاقل في محاولة فاشلة لإزالة عبراتها المنهمرة متوجهة صوب الباب لتفتحه بوهن وترتمي بين أحضان ملك منفجرة في بكاء مرير.
ابتعدت عنها بعد بضع لحظات قصيرة لتجذبها هي وكريم إلى داخل الغرفة وتغلق الباب غير عابئة بنظرات والدتها الحزينة.

شمس الحياة (مكتملة)Where stories live. Discover now