٠٠-أَسْئِلةٌ.

76 8 82
                                    


كادتْ غونول تُقسم أنّها لن تصدق آيسل، أو نيتها في البقاء بلا سبب وجيه، كانت تعلم في قرارة نفسها أنها تكذبُ، لكن لم تدرِ أين وكيف بالضبط لذا؛ هي واقفة الآن أمام باب شقتها هي وليلى، والذي يكون مقابلًا لباب شقة آيسل، تنفستْ بعمقٍ، هي تعلم أن صاحبتها لن تعترف بسهولة، لذا تساءلت كثيرًا: «هل يجب علي أن أذهب إليها الآن؟ أم أنتظر للعِشاء؟ أو الصباح أفضل؟».


دخلت شقتها، وهي تحسّ أن قلبها انتفخ، وامتلأ من كثرة التفكير بالأخرى، وبهمها، تشعر بالحَرّ يَسكن جَنبات صدرها، ويُحلّق ملتفًا حول قلبها: «إلـٰهي، ماذا أفعل؟» بِذا همستْ، وهي تلقي بجسدها على سريرها، لم تخلع معطفها، أو حجابها، ولا حذاءيها، بعد قليل سمعت صوت باب الحمام يُفتح، كانت ليلى قد خرجت منه، ونظرت للمستلقية، وهي ترفع حاجبيها بعجبٍ أبدته في سؤالها: «أ لَم تكوني ذاهبةً لآيسل؟ ما أعادكِ بهذه السرعة؛ طردتكِ؟».
فزفرت بقوّة مجيبة: «لا، لم أذهب أصلًا، ولكنني أشعر أن الوقت غير مناسب».


جلستْ ليلى على سريرها، الذي يُجانب سرير غونول، وهي محتارةٌ، أ تنطقُ أم تصمتُ؟ وبعد أن رفعتْ نظراتها ناحية غونول الساهمة في السقف، أعادتها صوب الأرض بين قدميها، ونبست بخفوت، وترددٍ: «أظنّ أنّ هناك شيئًا غير طبيعي في آيسل، في المأتم ...».

التفتت غونول ناحية الأخرى بانتباهٍ، ورفعتْ نفسها مستندةً على كوعَيها، فيما انزلق حجابها عن شعرها، مُظهرًا لونه البُني اللّامع، ثم نبستْ سائلةً: «ما الذي رأيته حتى قلتِ هذا؟».

تنفستْ ليلى الصعداء، ونظرت ناحية مُخاطِبتها، وهي تعبث بحافة قميصها الأسود الطويل، ثم نطقت بذات النبرة الأولى: «أظن أن آيسل لم تكن تبكي حقًا» ثم صمتت، ورفعت رأسها مثبتةً بصرها على غونول، فيما التفتت الأخيرة للجهة الأُخرى أمامها، وأعادت سؤالها: «ماذا رأيتِ؟».


ازدردت المَعنِية ريقها، ثم نطقت: «أحسب أني رأيتها تدعك عينيها بطريقةٍ قاسيةٍ، ثم وضعت قطرات ماء، أو شيءٍ آخر على وجهها، و.. أنا لا أعلم أن لديها حساسية، صحيح؟ ولاحظت أنها لم تكن تشهق كما يحدث حين يبكي أي شخص، كانت تئن فقط، حتى الأنين لم يقنعنِ، وصوتها لم يتغير أبدًا».


خفَت صوت ليلى شيئًا فشيئّا، حتى أنهت كلامها شبه هامسةٍ، وهي تشعر أن هناك مزيدًا يجب قوله، ولكن ما قيل كافٍ للّحظةِ، وحين سمعت غونول ما قالته، ترسّخ لديها شكٌّ ما، جديد، كانت قد حاولت دحضه من نفسها، لأنها ظنت أنها توهمت هذه الأشياء، ومن كلام ليلى الحالي، والتي عرفت آيسل بعدها بسنوات، فإن هذا الشك بدأ يرفع صوته، ويبدو أنه ربما كان حقيقة، فهي الأخرى لديها نفس الملاحظات، فنطقت مجيبةً ليلى، وهي تعتدل جالسةً: «ربما معكِ حقٌ، أنا لم أرَ أي قطرةٍ أو ما شابه، لكن البكاء، أنا أعرف بكاء آيسل، وأعرفها حين تتألم، وأستطيع القول أنها لم تبكِ بحرقة، أو لم تبكِ قط، ولم تتوجع لأجل زوجها».

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Mar 16 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

أُقحُوانWhere stories live. Discover now