الفَصل الثانِي

371 51 159
                                    

تململت بيان في الفراش ولكن سرعان ما رمشت بأهدابها باستغراب، ثم هبت واقفة وكأن حية قد لدغتها للتو!
كان آخر ما التقطته ذاكرتها الدماء السوداء!
الجسد المخيف الذي احتل منزلها، تقسم بداخلها أنه كان حقيقي وليس من وحي خيالها، ولكن كيف؟
كيف دلف إلى المنزل؟
من أين له أن يتعرف عليها؟

المئات من الأسئلة حول هذا الكائن الغريب الذي احتل منزلها ولكن دون أجوبة!

عادت إلي السرير مرة أخري بخوف جلي وذعر، كانت تغمض عيناها بقوة، خائفة من أن تجده مره أخري أمامها من العدم! ولكن مهلا؛ يوجد صوت ضجيج على الدَّرَج!
هل يعقل بأنه هُوَ؟!

تقدمت من الصحن الذي يتوسط الطاولة والممتلئ بالفاكهة، أخذت السكين ودثرته بين ثيابها جيدًا، ثم اقتربت من الباب بخفة دون أن تصدر صوتًا، وحالما وصل صوت الضجيج من الخارج إلى باب غرفتها وكاد ينفتح؛ لترفع السكين عاليا وتُهبطه بقوة متخذًا مساره، لتسمع صوت صراخ أنثوي تعرفه جيدًا!

في الجهة الأخري سنري أريج وهي تستقل سيارة الأجرة، والتي بعد عناء طويل حصلت عليها، فمن الصعب هُنا وجود سيارة تسير في هذا البرد القارص!

اندفعت إلى الداخل وأسنانها تصطك ببعضها، وسحابة من البخار تكونت أمام فاهها من برودة الجو، ظلت تفرك يداها الإثنان ببعضهما البعض لعلها توّلد حرارة تساعد في تدفأتها قليلًا!

أخرجت من حقيبتها صورة تجمعها بأمها وأبيها، حقا كم اشتاقت لهما وبشدة، ولن تخفي أيضًا أنها اشتاقت للحي، سرعان ما ترقرقت الدموع من عيناها كحبات اللؤلؤ، ولكن هدرت نفسها بعنف قائلة: أنتِ من اخترتِ الطريق، وأنتِ من ستكمليه للنهاية، ثم نظرت إلى الأمام وأردفت بقوة: لذلك سنضع عواطفنا جانبًا، حتي نحقق الحلم.

وصلت بعد وقت ليس بقليل إلى مكان اقامتها، كان عبارة عن كوخ صغير وبجانبه حديقة لطيفة يوجد بها جميع أنواع الورود والأشجار مختلفة الأحجام، ويتناثر الثلج من فوقها، كم أسعدها هذا المنظر اللطيف!

تقدمت قليلا ثم انحنت للأمام، وأخذت تعبأ رأيتيها بنسمات الياسمين وابتسامة تزين ثغرها، ثم أغمضت عيناها بألم؛ فقد ذكّرَتها برائحة الحي التي كانت تفوح منه ممتزجة برائحة المخبوزات.

خرجت فتاة مقاربة لأريج في العُمر وما أن رأتها حتي هتفت باسم والدتها التي أتت مسرعة، وتقدمت من أريج واحتضنتها بشدة، ما أن ابتعدت عنها قليلا حتى أردفت: لما كل هذه الغيبة يا أريج؟ لقد اشتقت لكِ كثيرًا، بالطبع لن أسامح والدك عن مدة الانقطاع هذه!
انحنت الأخرى في حرج واضح، وإحالتها باسمة: عمتي أنتِ تعرفين الأوضاع بينك وبين والدتي، والأمور معقدة قليلا، ولكن أنا هنا الآن، وسأبقى مدة طويلة لا تقلقي.

عَوَالِـم آيسلـندا الخَـفيّـة  Where stories live. Discover now