قُبةُ المَصِير

583 45 30
                                    











استغرق عبورهم الممر قُرابة الثلاث دقائق، وقد كان شيرلوك يتقدمُ المجموعة بخطواتْ سريعةٍ واسعة، وهو أول من ارتقى عتباتِ السُلم الذي وجدوه في نهاية الممر كما ذكرت الرسالة، وفي قِمته عثر على بابٍ خشبي لم يتردد لحظة في إدارة مقبضه النُحاسي ودفعِه بقوة للأمام، ليُفتح دون مقاومة ويتجلى لهم ما يقبعُ خلفه.

أول ما لَفت انتباههمُ هو الهواء المُنبعث من الجهة المُقابلة، والذي بعثر خُصلاتهم للوراء لشدة هبوبه.

كان نسيماً عليلاً مُحملاً برائحة البحر، نقياً مُغايراً للهواء الخانق الذي يملأ الغُرف التي حُبسوا فيها، ولم يستغرق الأمرُ سوى ثوانٍ قليلة ليُدركوا بأنهم باتوا الآن على ظهر المركب، فمُقدمة السفينة الضخمة كانت واضحة من مكان وجودهم، وكذلك البحُر الداكن مُترامي الأطراف، والسماء المُرصعة بنجوم آخر الليل.

ولكن ذلك لم يكن الشيء الوحيد الذي لفت انتباههم، فعندما خرجوا من الباب المُفضي للسطح، وجدوا أنفسهم في وسط قفصٍ دائري، تَحدهُ قُضبانٌ معدنية رفيعة تنتهي بقُبة مُرتفعة، وقد كانوا محبوسين بداخله.

-مـ..ماهذا المكان؟

صاحت جين بتوجُسٍ تزامُناً مع الانغلاق العنيف للباب الذي خرجوا منه، فأخذت تُحرك المقبض دون جدوى، بينما توجهت أنظارُ شيرلوك ووليام لما يقبعُ خَلف القُضبان التي تُحيط بالقفص الذي يأسُرهم.

قريباً من مُقدمة السفينة، وبفضل المصابيح الزيتية المُثبتة على جانبيها تمكنوا من رؤية رجلٍ يتشِحُ بالسواد، وينتهي الرداءُ الذي يلفُ جسدهُ بقلنسوة يُغطي بها رأسه، وتستَتِرُ عيناهُ خلف قِناع تنكُري،كان الشخص ذاتُه الذي استقبلهم خارج مقهى 'ناين' ونفسهُ الذي لمحوا عينيه من خلال فتحة باب الغُرفة الأولى.

-أنت...!

خطى شيرلوك مُسرعاً ليُلصق نفسه قريباً من القُضبان ويَقبض بشدة فوقها بكفيه بينما يُبقي بصرهُ على الرجل.

وحين تحدث، سمعوا الصوت الجهور الذي حَمل إليهم تعليمات اللعبة مراتٍ عديدة وقد بدت فيه مسحةٌ من الاستمتاع المريض وهو يُخاطبهم وهُم محبوسون في سِجنه المعدني:

-ها نَحنُ نَلتقي أخيراً..! تَقبلوا أصدق التهاني على وصولكم المَلحمي لهذه المرحلة المُتقدمة..مرحلة قُبة المصير!

سكت لوهلة لينحني بطريقة مُتكلفة تعبيراً عن إعجابه بهم قبل أن يواصل حديثه:

-ولكن يا أعزائي، يؤسفني القول أن نتائج اللعبة السابقة لم تَكن كما رجوتهُ، فقد صُممت ليتم التخلصُ من واحدٍ منكم على الأقل، غَير أن ثِقتكم المُتبادلة ببعضكم البعض جاءت بكم جمعياً إلى هُنا، وأخشى أن علينا أن نُقلص العدد—

اللُعبة المُحرَّمةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن