الفصل الخامس والعشرون

14.9K 517 11
                                    

#عُرف_صعيدي
الفصل الخامس والعشرين
( قهر الرجال )
______________________________________

_ استلم جثمان أبيه وتوجه به إلى المسجد حتى يصلي عليه صلاة الجنازة ومن ثم إلى مثواه الأخير، وقف خلف إمام المسجد برفقة صديقه محمود في إنتظار مجئ أهل البلدة لكي يشرع الإمام في بدء الصلاة

_ أذاع الشيخ عن وفاة حمدان للمرة التي لا يعلم كم يحثهم على المجئ لكن دون جدوى، مهما مر من الوقت قدراً لا يتغير شيء، استدار الشيخ وطالع طاهر بخذي شديد لا يدري بأي وجه سيردف كلماته لكنه مضطر، حمحم قبل أن يقول بحرج:-
هنعمل ايه يا طاهر إحنا استنينا كاتير وإكرام الميت دفنه يا ولدي

_ حرك طاهر رأسه للخلف يطالع المسجد الخاوي من الأناس، ابتلع ريقه وأعاد النظر إلى الإمام قائلاً بهدوء مميت:-
صلي يا شيخ

_ نكس الشيخ رأسه في خجل شديد منه ثم أولاه ظهره ليقف مكانه وبدأ في الصلاة، لم يكن هناك من الرجال سوى ثلاثتهم ومن النساء سوى صباح ومروة.

_ انتهى الإمام من الصلاة والدعاء له ثم توجه إليه طاهر برفقة محمود وحملوه معاً ثم وضعوا التابوت داخل سيارة تكريم الموتى، ابتعد عنهم محمود لكي يحضر سيارته سريعاً، استقل أربعتهم فيها ثم تحرك بهم محمود خلف السيارة الأخرى إلى المقابر..

_ لم يصدر أي أصوات سوى بكاء صباح الذي لم يتوقف قط، شهقاتها قوية متألمة على الفجعة التي حضرتها، انقلبت حياتها رأساً على عقب في أقل من الدقيقة

_ لم تبتعد عنها مروة لحظة بل كانت حريصة على وجودها الدائم معها ربما تنجح في لملمة جراحها لكن هيهات لجروحها التي لن تلتأم بسهولة بعد تلك الحادثة المروعة، كما حاولت مواساة طاهر لكنه كان جامداً لا يتحدث ينهي ما عليه فعله في صمت مريب تخشاه هي لكن ما عليها سوى الصبر في النهاية ستجمعهم غرفة واحدة وحينها ستعلم ما أن سيخلع ثوب الجمود ذاك أم سيظل عليه طويلاً ..

_ كان يتابع صباح بشفقة من مرآة سيارته، يشعر بالضيق من أجل حالتها المذرية التي لا يملك لها سوى الدعاء بأن يربت الله على قلبها بالصبر والسلوان هي وشقيقها، التفت محمود برأسه وطالع طاهر بآسى هو الآخر، ربت على قدمه بيده دون تعقيب فأي كلمات ستهون عليه المصيبة التي حلت على رأسه..

_ تابع قيادته حتى وصل إلى المقابر الخاصة بعائلة المنشاوي، ترجل سريعاً برفقة طاهر وحملوا التابوت إلى الداخل ومن ثم تنحي جانباً حتى يعطي مساحة لذويه في توديعه ..

_ صرخت صباح وهي ترى جثمان والدها يختفي خلف باب القبر، اقترب منها طاهر فتنحت مروة جانباً ربما ينجح هو في احتواء حزنها، أحاطها طاهر بذراعيه ووصية والدته تتردد في عقله ..

_ بصعوبة بالغة نجح طاهر في إقناع صباح على المغاردة، رافقتها مروة إلى غرفتها بينما استلقى طاهر أعلى الأريكة بإهمال ممتناً لصديقه الذي لم يتركه كغيره:-
شكراً يا محمود على وجوفك إمعانا

عُرف صعيدي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن