الفصل الثاني

71 11 2
                                    

صدع صوت يامن بضجر من صمت ماضي وأمره بأن يتحرك بلا جهة محددة :
ها وبعدين هنفضل نلف كتير ؟
رمقه ماضي بتيه والدموع تتسابق على وجنتيه وصوت صراخه يعلو :
ازاي .. ازاي في الوقت اللي كنت بواجه الموت كان هو بيتجوز حب حياتي !!
ازاي أنا ميت ازاااي .. طب لو مُت تتجوز اخويا لييهه ليييييههه !!
قلق يامن من مظهره فأخرج هاتفه بسرعة يراسل حسن ؛ فأمره حسن بأن يأخذ ماضي إلي شقته ولا يأخذه لبيت العائلة وأن يقضي اليوم جواره حتى الصباح ، وكالعادة قرأ توبيخ حسن من تصرفه بطيش بدون علمه فقد كان يخاف تلك اللحظة فكيف بإمكانك أن تخبر إنسان أنك ميت بنظر عائلتك والعالم !
هتف يامن بهدوء وهو يرى حالة السكينة التي حطت على ماضي مما أثار ريبته :
أهدى متتعصبش وكل حاجة هتتحل ..
لم يجيبه ماضي فقد كان في عالم آخر ..
عالم أختار أن يهرب بكامل إرادته لعلا وعسى أن يكون في كابوس مزعج ..

******************************

صدع صراخ مراد الغاضب من رمي اللوم عليه :
وأنا هعرف منيينن أنه عاايش أنا واحد اتجوزت على سُنة الله ورسوله مأجرمتش !
بكت ابتسام بحرقة :
أنا مش فاهمه ومش مستوعبة حااجة خاالص..
نهض مراد بغضب :
ده أكيد ملعوب منه عمل الفيلم ده عشان يعكنن عليا بس لييه لييه يقول إنه مات!!
تركت ملاك حاسوبها وهي تردّ عليه بضيق :
في حد عاقل هيعمل كده يعني! اعقل كلامك يا مراد ..
هتفت مودة بصوت مرتفع :
إيه الأسلوب قليل الأدب ده كلمي اخوكي عدل.. وبعدين سيبي الزفت اللي في ايدك ده أحنا في ايه ولا في إيه ؟
نهضت ملاك وهي تلملم أغراضها بغضب مغادرة للمنزل :
الزفت اللي بتتكلمي عنه ده مسكاه عشان اعرف أي معلومة تدلني على اخويا.. بعد أذنك يا ماما عندي امتحان بكره ولازم أسافر .

استقلت ملاك سيارتها بسرعة مبتعدة عن الحارة بأكملها ثم سمحت لدموعها بالهبوط ، لا تصدق ما رأته كعدم تصديقها لخبر موته !
بعد نصف ساعة استمعت لصوت هاتفها يصدع ورقم غريب ينير الشاشة ، أجابت وهي تمسح دموعها :
الو ؟
اتاه صوت رجل جاد :
انسة ملاك معايا ؟
أجابت بتعجب :
أيوه.. مين حضرتك ؟
ردّ الرجل بجدية :
مش مهم أنا مين ، المهم تسمعي اللي هقوله كويس وتنفذيه لو عايزة مصلحة أخوكِ ..

بعد مرور ثلاث ساعات كانت ملاك تترجل من سيارتها أمام قصر وقد كان الوقت اقترب على منتصف الليل .
طرقت الباب وبعد دقائق فتح لها رجل مُسن ، هتفت بأدب رغم ارتجاف صوتها :
السلام عليكم يا حج ده بيت مخلص بشار ؟
أجابها الرجل بتعجب :
ايوه انت مين وعايزة مين ف الوقت ده ؟
صمتت ملاك ولم تستطع إجابته ، طال صمتها فظنها الرجل مجنونة ، هتف بضيق :
روحي يا بنتي زمان أهلك قلقانين عليكي و....اا
كاد أن يغلق البوابة ولكن ملاك كانت أسرع منه وهي تقفز في السيارة وتمر بجواره بسرعة متغاضية عن صراخ الرجل ، توقفت بشكل مجنون أمام باب القصر ، ترجلت من السيارة وكل خلاياها متحفظة للخوض ف معركة .. ظلت تطرق الباب بشكل جنوني وهي تنادي أن يفتحوا
حاول الغفير إيقافها وناده على أفراد الحراسة أن يمسكوا بها ، لاحظت ملاك اقتراب الحراس منها وسمعت همهمات سكان القصر من الداخل .
وفي لحظة جنونية ..
لحظة لو رآها بها أحد لقال أنها أخت ماضي بحق ..
استقلت سيارتها بسرعة وهي تعود للخلف وفي ثواني كانت تندفع للأمام محطمة باب القصر والجزء الأول من سيارتها ، وصوت صرخات سكان البيت المرتعبة تعلو .
ترجلت ملاك من السيارة وعلى وجهها ابتسامة باردة ، ألقت نظرة على الوجوه حولها بكره ثم عادت بنظرها لذلك الهادئ ، الذي حفر الزمن الخطوط على وجهه .
وقفت ملاك أمامه متجاهلة صراخ أحد الشباب خلفها عليها ، هتفت بعيون يملأها الكره :
دلوقتي فين أخويا وعايز منه ايه يا مخلص باشا ... ولا أقولك يا جدي العزيز !

رماد ماضي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن