الفصل الحادي عشر: حلم يغدو كابوساً

9.3K 236 3
                                    


أخيراً أتى اليوم الذي طاردها ترقبه لأشهر وقلب حياتها رأساً على عقب عيد ميلادها الخامس والعشرون
بدا النهار وكانها قطار عواطف سريع لا مجال للقفز منه. بدأت سلسلة الأحداث في الصباح عندما خرج روان من حمامهما المشترك عاقداً منشفته حول خصره واندس إلى جانبها في السرير دون أي تحذير وذلك قبل لحظات من دخول تولا حاملة الشاي لهارييت.
جاءت المفاجاة الثانية عندما اكتشفت هارييت أن الصينية المتالقة التي وضعتها تولا على الطاولة هي مجموعة من الخزف النفيس مؤلفة من إبريق شاي وإبريق حليب متطابقين مع فنجان وصحن تايعين لهما وعلى الصينية أيضاً غصن من الورد البري يحمل وردة غضة. فسرت لها تولا أنها هدية من طاقم العمل تكريما للسيدة في عيد ميلادها. رمقتهما الخادمة بنظرة استحسان قبل أن تغادر. أزاح روان الأغطية وغادر السرير وقال " تذكار من إنكلترا لك. هذه فكرتهم وحدهم ".
جاهدت هارييت لتستعيد هدوءها الطبيعي بينما جن جنون نبضها. قالت " إنها مبادرة جميلة منهم لكنها تجعلني أشعر كأنني مخادعة. وجب عليك منعهم من القيام بذلك "
نظر إليها روان بسخرية وقال " أشك في قدرتي على ذلك أرادوا أن يظهروا محبتهم لك عزيزتي هارييت. عندما تخبرهم تولا أنها وجدتنا في السرير معاً سوف ترتفع أسهمك ".
أكمل " من فضلك أن تجهزي نفسك بسرعة. والدي والسيد فلينت سيتناولان الفطور معنا "
قالت بصوت مجروح " أنا. . . أنا لم أنسَ ".
راقبته وهو يمشي نحو غرفة الملابس ويغلق الباب خلفه. تجمدت في مكانها للحظة وأدركت أنها استمتعت بدفء جسده غير المتوقع بجانبها. هذا مجرد سرير مزدوج من النوع الذي يستعمله كل الأشخاص المتزوجين حول العالم. لماذا بحق السماء هو هنا؟ تنهدت هارييت وأنهت الشاي ثم بدات بالتحضيرات من أجل هذا اليوم.
لم يكن لقاءها مع جدها بالأمس كما آملت. بدا جورجي فلينت متعبا من السفر وشديد التذمر من الحر. بعد عناق بسيط ابتعد عنها وأخذ يعاينها ثم قال " تبدين متعبة طفلتي. أهناك خطب ما؟ "
فكرت هارييت ربما يجب أن أحمل يافطة كتب عليها " أنا لست حاملاً "
أجبرت نفسها على الابتسام، وقالت " لا أنا حقاً. . . بخير "
أما العشاء الذي تلا اللقاء فتميز بالكثير من التكلف ولم يحركه سوى الأسئلة التي طرحتها هارييت. ذكر السيد فلينت الشركة قائلاً " تحسن أداء الشاب أودلاي بعد رحيلك. . . كمية الأمطار غير كافية للحديقة. . . السيدة وايد تظن أنها تعاني من داء المفاصل ولا تتوقف عن ذكر التقاعد والانتقال للعيش قرب منزل شقيقتها في تشلنهام. أخبرتها أن الشتاء سئ هناك ولن يعجبها ".
ابتسمت هارييت وحاولت ملاطفته كي يتحسم مزاجه " تقصد أنه لن يعجبك أنت لأنك ستضطر إلى تدريب شخص جديد مكانها "
" ربما حان الوقت من أجل تغييرات أخرى أيضاً ".
مع ذلك لم يتكلم بصراحة عن غريس ميد. بعد قليل اقترح كونستانتين زاندروس بلباقة أن ضيفه قد يود النوم باكراً ثم أخذه إلى فيلا ديناوسن فشعرت هارييت بارتياح غريب.
مع ذلك هي لم تقضِ ليلة مريحة. استحمت وارتدت تنورة من اللون الأخضر الفاتح وقميصاً بيضاء. انتابها شعور غريب بعدم الارتياح وكأن العاصفة على وشك الهبوب وهذا بالطبع غير منطقي لأن السماء بدت شديدة الزرقة كالعادة. قدم طعام الا فطار وقدمت بعض الهدايا لهارييت. قدم لها جدها واحدة من أحدث الكاميرات الرقمية. حصلت من كونستانتين زاندروس على لوحة صغيرة داخل إطار تمثل هذا الشاطئ مرسومة بألوان مائية. عند الزاوية السفلى إلى الجهة اليمنى كتب الحرفان " ف. أ "
سمعت روان يهتف " بابا. . . "
لم تحتاج هارييت للفرح الذي أبداه روان لتدرك معنى الهدية نظرت نحو والد زوجها ورأت ملامح اللطف المشبوبة بالحزن على وجهه الأسمر الاستبدادي. قال لها " تركت والدة روان بعض الرسومات هنا وقد. . . حافظت عليها. فكرت أنك ستفرحين بهذا المشهد الذي تعرفينه جيداً. عيد سعيد ".
" هذه هدية رائعة سأحافظ عليها دائماً شكرا لك".
أحنى كونستانتين رأسهن وقال " على الرحب والسعة يا حبيبتي "
أما هدية روان فهي عبارة عن علبة رفيعة على شكل مستطيل من المؤكد أنها مجوهرات. حضرت هارييت نفسها لرؤية بريق الماس وهي تفتح العلبة المخملية. وجدت نفسها تنظر إلى ملاك ذهبي يتميز ببساطة اخاذة عُلق بسلسلة. لمعت عيناها وهي ترفعه عن الساتان وقالت " إنه. . . جميل جداً. هو بالفعل مثالي أتضعه لي؟ "
وعندما رات تردده أضافت " من فضلك! "
غمرتها السعادة عندما احست بملمس أصابعه على مؤخرة عنقها وهو يغلق المشبك الصغير. ترك الملاك يستقر عند أسفل حنجرتها وقال بنبرة لم تسمعها من قبل " عساه يحميك دائماً هارييت ".
التفتت هارييت نحوه ورفعت يداً خجلة لتلمس خده ثم اقتربت منه كي يعانقها دركت أن يداه ارتجفتا قليلاً عندما لامستاها. لقد مضى وقت طويل. . .
وجدت نفسها تتمنى بشدة ويأس لو أنهما بمفردهما ولو أنها تستطيع تطويقه بذراعيها وتعانقه بشدة ليصبح عناقهما أكثر حميمية ثم تغمض عينيها وتنسى كل شيء بين ذراعيه. . .
أما هنا. . .فها هو روان يبتعد عنها بينما يبتسم الجميع. فكرت هارييت بصمت مهما جلب لي هذا النهار سأتذكر أنني للحظة من الزمن شعرت بسعادة حقيقية بعد انتهاء الإفطار اكتشفت أنها ستقضي معظم النهار بمفردها. أخذ كونستانتين جدها في جولة استكشافية وأعلن روان باختصار حاجته للعودة إلى أثينا لوقت قصير وأضاف أنه سيعود قبل موعد الاحتفال. أوشكت هارييت على سؤاله إن كانت تستطيع مرافقته لكنها اكتفت بالإيماء بإذعان وبعد برهة سمعت صوت الطوافة تغادر.
قررت قضاء فترة الصباح على الشاطئ كالعادة.
تساءلت وهي تنزل الدرجات لماذا لم ينضم إليها روان يوماً هناك حتى أثناء وجوده في المنزل. هي تعرف أنه يقوم بالسباحة أحياناً في ساعات الصباح الأولى وفي المساء أحياناً.
. فكرت بكآبة ربما يفضل تذكر الخليج عندما كان يتشاركه مع شخص آخر. . .
خلعت دثارها وشدت كتفيها. ثم أرجعت شعرها إلى الخلف وقالت بصمت ليذهب الماضي إلى الجحيم
بدا الرمل شديد الحرارة فاستعملت حصير القش الذي يوضع كل صباح كممر يوصل إلى البحر. تقدمت بصعوبة حتى وصلت المياه إلى مستوى خصرها ثم بدات تسير ببطء.
بعد أن أكملت تمريناتها اليومية. عادت هارييت إلى الظلال الدافئة. استلقت هناك لبعض الوقت وراحت تفكر بتكاسل أن هذا المكان يشبه الجنة. أدركت بألم مفاجئ عدم قدرتها على الاستسلام لهذه الأحلام. سمعت صوت قارب صغير ذي محرك يتجه نحو الشاطئ وعلى متنه شخصان. بالطبع القوارب تمر من هنا لكن هذا الخليج ملكية خاصة ولا يأتي أي شخص من غير دعوة. يبدو أن هذين الزائرين غافلان عن ذلك. قررت بعد تردد التعامل بتهذيب لكن بحزم معهما.
عندما اقترب الزورق من الشاطئ انطفأ المحرك وقفز رجل يرتدي سروالاً قصيراً وقميصاً ذات مربعات إلى الماء وأخذ يسحب الزورق نحو الرمال. بعدئذ استدار ليساعد الراكب الآخر الذي تبين أنه امرأة. خرجت المرأة من الزورق ووقفت للحظة لتعدل قبعتها البنفسجية وشعرها المقصوص الذي يلمع كالفضة في ضوء الشمس.
أدركت هارييت فجأة هوية هذه المتطفلة غير المتوقعة. راحت تلك المرأة تتمايل على الشاطئ كانها تقدم عرض أزياء. لاحظت هارييت أنها لا ترتدي سوى ثوب سباحة مصنوع من الجلد وأخذ جسدها يلمع كأنها دهنته بالزيت. أخذت تتأمل هارييت من رأسها حتى اخمص قدميها. مظهرة السخرية وهي تنظر إلى ثوب السباحة المحتشم الذي ترتديه ثم قالت " اذا أنت الفتاة الإنكليزية التي اختارها روان لتكون زوجته وهو على ما يبدو نادم على اختياره ".
ردت هارييت بنبرة لطيفة " وأنت إينيتا ديمترو. اعذريني بالكاد عرفتك وأنت ترتدين ملابس "
" أهذا حس فكاهة إنكليزي؟ لم يسليني "
" جيد لا داعي إذا لإطالة هذا اللقاء وربما تطلبين من صديقك إعادتك من حيث أتيت "
ردت إينيتا " أنا هنا لأستعيد اللوحة التي رسمها لي روان. الآن بعد أن حقق النجاح قد تصبح قيمة جداً لهذا أنا أريدها. إذاً أنت تقررين متى أغادر "
رمت هارييت منشفتها على الأريكة وتناولت المستحضر الواقي من أشعة الشمس بلا مبالاة " آسفة لقد خانك حظك. تحولت ملكيتك إلى رماد يوم وصولي "
" ما الذي تقولينه؟ "
" أحرقها روان مع أغطية السرير التي خربتها شريكتك في الجريمة ".
للحظة أظهرت إينيتا نظرة شرسة ثم ضحكت بعنف وقالت " حسنا لا بأس إن خسرتها فقد حققت ما تمنيته. قمت بتذكير زوجك بما خسره. . .وأنت صفعته على وجهه وحرمته من جسدك "
أكملت " هذا تصرف ينم عن الغباء سيدتي. أتعتقدين أنه سينسى هذه الإساءة؟ على الرغم من دم والدته هو رجل يوناني وليس إنكليزياً شاحباً يرضى أن تسيطر عليه امراة. بدأ بالتخطيط للتخلص منك وإيجاد زوجة تناسب ذوقه. الجميع يعلمون ذلك ويشفقون عليك فهل ستنتظرين حتى يطلب منك الرحيل؟ لم لا ترحلين. . . ببساطة؟ "
قالت هارييت بسخرية " بينما تنتظرين أنت بفارغ الصبر لأخذ مكاني؟ "
قالت الفتاة ببطء " لا هذا لن يحدث. أدركت أن كل شيئ قد انتهى حالما تركته ورحلت. لن ينظر إلي مجدداً. هكذا يفكر رجال عائلة زاندروس. أتعتقدين أنني لم أحاول؟ "
أضافت بانتصار مرير " أنت أيضاً سيتم نسيانك عندما يبعدك عنه ويعيدك إلى بلادك "
أرجعت هارييت رأسها إلى الوراء وقالت ببرود ووضوح " أنا السيدة روان زاندروس وهذا هو بلدي "
لم تدر من أين أتت هذه الكلمات لكنها بدت مقنعة جداً. أكملت قائلة " والآن ارحلي من هنا قبل أن أنادي طاقم عملي وأجعلهم يبعدونك بالقوة "
" كلمات شجاعة سيدتي. لكنك ستبدأين بالبكاء قريباً جداً. عندها تذكري أنني أخبرتك ".
انتظرت هارييت في مكانها حتى اختفى الزورق عن النظار بعدئذ ارتمت على الأريكة ولفت ذراعيها حول جسدها. تذكرت كلمات روان " لا أتوقع منك شيئا بصفتك زوجتي " " يمكنني تدبر أموري لوحدي ". ما الذي قصده بقوله هذا؟
" هكذا يفكر رجال عائلة زاندروس " كل ما فعله وقاله خلال الأيام الماضية يؤكد ذلك.
صرخت في صمت مرير " أنا أحتاج إليه. . .أحبه. . . لا أستطيع العيش من دونه "
إلا أنها قد تضطر إلى فعل ذلك. ربما أبعدته عنها حتى لم يبق هناك أي أمل بالتراجع. رفضت بعناد التسليم بالحقيقة التي يخبرها بها قلبها إنها تحبه إلى درجة تجعل كل شيء آخر في عالمها تافهاً. قالت لنفسها بصمت: شعوري نحوه أخافني لذا لم اجرؤ على التركيز على مشاعري الحقيقية. بعد ما حدث لوالدتي وجدت أن حب كومة أحجار في الريف أكثر أماناً من حب رجل يحطم فؤادي. ظننت أنني لا أستطيع المجازفة. . . حتى ذلك النهار في منزل تيسا. يومها عرفت الحقيقة. . . شاهدت بوضوح كيف أريد أن أعيش حياتي. . . وبعد معرفتي بحقيقة لوسي زالت كل الحواجز التي تفصل بيننا. . . بالرغم من ذلك استمريت بالمحاربة. . . محاربة نفسي والإدعاء أنني اخوض حرباً ضده ربما يكون قد فات الأوان الآن وانتهى كل شيء.
لمست الملاك عند حنجرتها وتذكرت كلماته " عساه يحميك دائماً هارييت ".
آه لم أفهم الأمر حينها لكنه بالحقيقة قال لي الوداع في أروع لحظات سعادتي. . .
عندما عادت إلى البيت ذهبت تفتش عن بانيوس. قالت له " أحتاج إلى التكلم مع السيد روان. هل ترك رقم هاتف معك؟ من فضلك ".
" سيزور مكتب المحامي سيدتي لكنني أظنه غادر الآن. أتريدينني أن أتاكد؟ "
شعرت كأن الحياة تفارق جسدها وكأن صخرة أطبقت على صدرها المحامي. . . إذاً بدأت عملية الانفصال. روان لا يريد إضاعة الوقت. إنه يريد إزالة هذه المشكلة من حياته ليخطط لمستقبله. أخبرها أنه سئم الخداع وهذا هو الإجراء العملي الذي يجب إتباعه. قالت بعد جهد:
" لا أظنني سأنتظر "
القرار الحقيقي الوحيد الذي توصلت إليه بعد أن عاشت أطول يوم في حياتها هو أنها لن تستجدي أبداً. عندما يخبرها بقراره ستتقبله دون أي تذمر. عليها الحرص على جعل افتراقهما وقوراً لا دموع لا نوبات غضب ولا اتهامات. سترفض أي شيء يعرضه عليها المحامون لكنها لا تعرف إلي أين ستعود. شقتها مؤجرة لستة أشهر على الأقل ومن الواضح أنها فقدت موقعها في شركة فلينت أودلاي.
فكرت متنهدة ربما يقبل جدي توظيفي كمدبرة منزل لديه إذا قررت السيدة وايد الاستقالة. ربما يجدر بي الطلب من تاكيس أن يعلمني الطهو ومن بانيوتس أن يعلمني فن التدبير المنزلي عوضاً عن السباحة والحمامات الشمسية. لكنني بطريقة ما تشربت حب هذا المكان وأصبح يجري في عروقي. وجدت الراحة والأمل في الصخور والأرض والسماء الأزلية. آه سأترك كل آمالي هنا عندما أغادر. .
أكملت هارييت حياتها بصورة طبيعية. أخذت تجهز نفسها لعشاء عيد ميلادها بهدوء. غسلت شعرها وطلت أظافرها وتبرجت بطريقة جعلت تولا تصرخ فرحاً عندما رأتها. قامت بكل الأشياء التي تكرهها وتعتبرها تحفيزاً غير ضروري لحواس الرجل. إن كانت هذه ليلتها الأخيرة بصفتها زوجة روان ستحرص على الظهور بأفضل طريقة ممكنة. اختارت فستاناً من الشيفون الأبيض الناعم ذا شرائط رفيعة تنورته تبدو شديدة الانسياب على جسمها. إنه فستان رومنسي لامرأة تتوقع. . . تريد. . . أن تلفت نظر حبيبها. . .
عندما انضم إليها روان على الشرفة ورأت رشاقته وتألقه الرائعين في سترته وربطة عنقه السوداء الرسمية منحته ابتسامة لطيفة.
" هل حان وقت الذهاب؟ "
جلس روان على الكرسي المقابل وقال " أخبرني بانيوس أنك أردت التحدث إلي اليوم ".
تمنت لو أنه لم يذكر الموضوع لكن لحسن حظها يمكنها التذرع بموضوع ما. هزت كتفيها وقالت " فكرت أن اعلمك أن أحد أصدقائك زارنا اليوم "
قطب حاجبيه ولم يزعج نفسه بالسؤال عن هوية الضيف " هنا. . . في المنزل؟ لم يخبرني أحد بذلك "
" عند الشاطئ أرادت استعادة اللوحة. أخبرتها باستحالة الأمر فاستاءت قليلا. ربما يجب أن ترسمها مرة أخرى ".
" أفضل خسارة شعري ونصف أسناني "
تأملها للحظة ثم سألها " هل أزعجتك؟ "
" بل ادهشتني وكأنني أرى تلك اللوحة تتحرك. لابد أن البحار الذي أحضرها إلى هنا وجد صعوبة في إبقاء يديه على دفة القيادة "
قال بندم " آسف لأنك اضطررت إلى التعامل معها. كان يجدر بي البقاء هنا. . . لأكثر من سبب "
تمهل قليلا ثم أضاف " مع الأسف كان عملي في أثينا ضرورياً وهو شيء علينا مناقشته ".
أحست بيد تقبض على قلبها فقالت بسرعة " ليس الآن من فضلك يمكننا الانتظار. . . إلى ما بعد الحفل "
" ظننتك لا تريدين الاحتفال "
" اعتدت على الفكرة "
" كما تريدين لكن حديثنا لا يمكن تأجيله إلى أجل غير مسمى "
" لا أحاول أن أبدو مراوغة بل أود الاستمتاع بحفل عيد ميلادي "
أضافت بعد تردد " من اللطف أن يعطيني والدك تلك اللوحة مع أنه لا يحبني "
" بل هو يستنكر زواجنا عزيزتي هارييت وصدقيني وجه إلي الانتقاد أيضاً "
سألته دون أن تنظر إليه " أيعرف بشأن حبيبتك في أثينا؟ "
أجاب روان بلطف " لا ولا يعرف أيضاً عن الفتيات في باريس ونيويورك ولندن. أهذا ما أردت سماعه؟ "
" الأمر. . . حقاً لا يعنيني. أنت رجل حر وما دمنا قد بدأنا هذا الحديث ربما يجب أن نتكلم الآن "
نظرت في عينيه وقالت:
" متى ستعيدني إلى إنكلترا؟ "
قال روان " غداً. . . مع جدك. يبدو هذا الحل الأفضل "
" أنت على حق بشكل سريع ونهائي ودون أي مشاكل. هل أملك الوقت لتوضيب حقائبي؟ "
" بدأت الخادمات القيام بذلك "
" يا إلهي لم تغفل عن أي تفصيل. أنت حقاً. . . لا تطيق صبراً "
قال بقسوة " انتهت هذه المهزلة هارييت هي لم تنطل على أحد ليس على والدي أو حتى على جدك. علم جدك منذ البداية أنك لا تريدين أن تصبحي زوجتي وأن هذا الزواج مجرد وسيلة لهدف آخر. أظنه يلقي اللوم على نفسه في فعلتك هذه "
" لكنه لم يحاول إيقافي "
" لا لكنه أدرك أن الوقت حان لإنهاء هذا الفصل المحزن والبدء بعيش حياتنا من جديد "
أضاف بعد برهة " سيفسر الأمر على أنك ذاهبة إلى بلادك لتوقيع بعض المستندات القانونية "
" لكنني لن اعود أبداً. هل سيكون الهجر هو سبب الطلاق؟ التاريخ يعيد نفسه "
" لدينا اتفاق ما قبل الزواج وهو يشترط وضع نهاية لهذا الزواج. ربما يجب استخدامه "
" بالطبع لماذالم يخطر الأمر ببالي؟ أنت حفظته عن ظهر قلب. . . كل ثغرة. . . وكل زلة. أظنك سبق وحضرت أوراق الطلاق أيضاً وهي المستندات التي تريد مني توقيعها "
" لا هذه مسألة مختلفة تماماً عزيزتي هارييت قرر جدك أن يحول ملكية غريس ميد إليك. بالرغم من كل شيء أظنه أعجب ببراعتك وإصرارك. سوف يعلن عن هذه الهدية المميزة أثناء تناول العشاء الليلة. . . عشية عيد ميلادك الخامس والعشرين. هذا يعني أنك حققت الفوز. أصبح المنزل لك وتحقق حلمك "
لقد تحول الحلم إلى كابوس هي من فعلت ذلك بنفسها. الآن عليها الابتسام وإدعاء الفرح العظيم بينما كل ما تريد فعله هو الاختباء في زاوية مظلمة والبكاء حتى تجف مقلتيها. .
انتهى الفصل الحادي عشر

روايات احلام/ عبير: لن ترحل الشمسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن