٦؛ زي جوز أمي.

995 135 17
                                    

[١٩ من يناير، ٢٠٢٣]
-

«استنوا لحظة بس.. لحظة.. هفهمكوا…» قال رؤوف الذي يعود إلى الخلف بخطوات مضطربة، ولا يستطيع تمالك أعصابه من قدر الخوف الذي يشعر به بسبب نادر وزهرة اللذين ينظران إليه بغضب، ويقتربان منه وأصابع اتهامهما متجهةً تجاهه. 

قالت زهرة بحدة: «تفهمنا إيه؟ أنت قدامك تلات ثواني لو مقولتش إن اللي فهمته غلط، هقتلك حالًا يا رؤوف» 

ليقول نادر: «لا سيبيلي الطلعة دي، دا أنا مش هخلي فيه حتة يعرفوا يدفنوها» 

قال رؤوف بتأتأة: «اصـ.. اصبروا بس» 

وقبل أن يقول أي أحد أي شيء، سمعوا صوتًا لطلقة نارية لا يعرفون أين سكنت بالضبط، ولكنها كانت قادرة على توقف قلوبهم جميعًا، بل وقطعت أنفاسهم، فلم يعد يُسمع في المكان صوتًا بعد كل تلك الضوضاء التي صنعوها من جدالهم. 

التف نادر وزهرة لينظرا إلى مصدر الطلقة، ليجداها أتت من فوهة أحد الرجال الواقفين، ومع أنه مختلفٌ في بنيته عن بقية الرجال الضخام، إلّا أنه يبدو واثقًا، وحاد من نظراته التي اخترقتهم بغضب. 

قال الرجل بحدة وبلغته الإنجليزية: «SHUT UP!» (اخرسوا) 

ابتلعوا غصتهم بتوتر من نبرته التي لا تبشر بالخير.

وعندما رأى ذلك الرجل الذي يبدو في نهاية العشرينيات من عمره أنهم توقفوا عن الجدال، ورأي أمارات الرعب عليهم، رفع حاجبه بثقة وقال: «صدقوني مش مضطرين تقتلوه، عشان كلكم هتموتوا خلال دقايق» وكانت هاتان الجملتان قادرتين على أن تجعل زهرة تجلس أرضًا بينما تندب حظها وتقول: «لا.. متقتلونيش لا! اقتلوا نادر، ورؤوف، اقتلوا أمي وعبسميع، اقتلوا كوتة وسعيد المعفن، اقتلوا الميكانيكي اللي تحت بيتنا، بس متقتلونيش» وأكملت: «مكانش يومك يا زهرة، يا صغيرة على الموت يا زهرة، مكانش يومك يا حبيبتي» 

بينما جلس رؤوف بالقرب منها بينما يربت على كتفها ويحاول التخفيف عنها: «متخافيش، إن شاء الله هيقتلونا بطريقة متوجعش، ومش هناخد وقت نطلع في الروح، وهتطلع علطول» 

وبينما يتابع نادر ما يحدث، وخوف زهرة ورؤوف، شعر بأنه عليه أن يكون الكتف الذي يسندهما، ولا يجب أن يسقط بجوارهما ويبكي، بالرغم من رغبته العارمة في فعل ذلك، ولكنه حاول التماسك، واقترب من الرجال المسلحين، وقال متظاهرًا بالحدة والقوة: «وتقتلونا ليه إن شاء الله! محدش فينا عملكم حاجة، ولو رؤوف عمل حاجة، فعيل وغلط ونعلمه الأدب، مش لدرجة تقتلوه يعني» 

ابتسم الشاب الآخر بسخرية وقال: «وأنت بقا عنتر اللي فيهم؟» 

فقال نادر بتحدٍ ناسيًّا الموقف الذي هم فيه: «اه، مش عاجبك ولا إيه؟» واقترب خطوتين وكأنه يقترب منه ليضربه، وقبل أن يخطو الخطوة الثالثة، كان الشاب الآخر قد رفع مسدسه ووجه فوهته إلى نادر، وابتسم بسخرية ضاغطًا على الزناد، لتخرج طلقة مارةً بجوار أذن نادر، ولكنها لم تصبه، وهذا ما أراده ذلك الشاب، أراد أن يُخيفه ليعرف قيمة نفسه فقط. 

عصابة لكن ظرفاء. Where stories live. Discover now