Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.
كَثُرَت مطالعتي للرسوم المتحركة عند صغري ، وقابلتُ العديد من الشخصيات خلف تلك الشاشة العملاقة ، أحببتُ شجاعتهُم وصدِقهُم ، إخلاصهُم و وفائهُم ، كنتُ طفلًا لكن تلك الصِفات جعلت منهم قدوةً في نظري .
أدركت أنهم مجرد وهمٍ عندما كبرت ، و علمتُ أن البطل المرصع بالألماس لا وجود له و أن الشرير صاحب العين الواحدة لا يلتهم أو يظهر سوى في كوابيس الأطفال ،
و استفاق عقلي لفكرةٍ ما ، أن البطل قد يكون شريرًا ، و الشرير هو البطل ...
و مع وجود تلك الفكرة الشهيرة في معجمي الأصيل ، إلا أن الأبطال مجرد خرافاتٍ لا أساس لها ، لازمت تلك القناعة عقلي دومًا ، تجوب في أرجائه واستحلت أرضًا بأعماقه .
حتى وذات يومٍ مشرقٍ أخاذ ، لاح أمام ناظريَّ نورٌ تنسدل له الأجفن ، وإن صحَ التعبير فهو ظلٌ كالحٌ يحلق دونما أجنحة ، يحملُ فتاةً شارفت على أن تُقتل لذلك الرمح الحاد ، وهو ظهر من العدم لينتشلها من مقبرةٍ كادت تسكُنها .
تعابيره التي لم تَتضِح بسبب القناع مُفتتِ الحواف ، جسده المتناسقُ إن لم يَكُن هزيلًا ، و أخيرًا ظهوره المتألق الهادئ ، كان مثاليًا ، تمامًا كالأبطال الذين شاهدتُهم في طفولتي ، والفرق أنه الآن حقيقة .
انسابَ حينها بين الشُجيرات راحلًا ، أنقذ روحًا وغادر دون سماع كلمةِ شُكرٍ أو امتنان ، فكأنه قد أدى واجبًا فحسب ، لم يربت على كتف الباكيةِ ولم يُحادِث والدتها ، لكنه وبكل رقةٍ خبأها بين أضلع مُنجِبَتِهَا بِصمت ...
صادف الأمر أني كنت متواجدًا حينها ، و أنا متيقن أنها لم تكن محضَ صدفة ، تلك الثوانِ التي راقبتهُ بها لم تكن عبثًا ، ربما القدر يُريدُ تنويهي بأنَّ للأبطالِ وجود .
قفز سؤالٌ إلى خُلدي ليُثير حيرةً لم تركد ، فمن هذا المُنقِذ الشُجاع ، ما الحكايةُ المخبأة خلفَ قناعهِ و ما سر إخفائهِ لمعالم وجهه ، أين الابتسامة التي يُظهرها البطل عادةً ، أين افتخاره بما قدمه من عون ؟...