الفصل الأول

15.1K 145 7
                                    

داخل  إحدى الفيلات المطلة على نهر النيل
و تحديدا في غرفة نوم واسعة ذات ديكور كلاسيكي
مليئ بالتفاصيل القديمة، يعود لزمن الخمسينات حيث الحوائط طليت بدرجات البيج المميزة و المتداخلة مع اللون البني الغامق تنام بطلتنا الجميلة
مريم البحيري إبنة أشهر جراح قلب في مصر
سالم البحيري على سريرها الملكي الذي
تعلوه "ناموسية " عملاقة تشبه الخيمة...
تململت بانزعاج على صوت المنبه الذي أبى أن يتوقف قبل أن تلامسه أناملها الرقيقة الناعمة....
أزاحت الغطاء من فوقها ثم مطت ذراعيها
بتكاسل تزامنا مع دخول مربيتها السيدة
سناء التي إعتنت بها منذ أن كانت طفلة صغيرة و لذلك تناديها بالدادة إحتراما لها...

إتجهت سناء نحو الستائر لتزيحها لتتمكن
أشعة الشمس من الدخول و هي تلقي عليها
تحية الصباح التي تحبها :
- بونجور ميري هانم....

وقفت مريم من فراشها و هي تعدل ملابس
نومها و تنحني لها بحركة أنيقة  و تجيبها :
- برنجور دادا ".

إتسعت إبتسامة سناء و أدمعت عينيها و هي
تتأمل صغيرتها عن قرب.. حاوطت وجهها بيديها
ثم قبلت جبينها قبلة طويلة مستنشقة رائحتها
الجميلة بعمق ثم قالت :
- كبرتي يا حبيبتي و بقيتي أجمل عروسة
و النهاردة فرحك..

جعدت مريم جبينها بعدم رضا بعد أن لمحت
بعض الدموع العالقة في عيون مربيتها لتهتف
بأعتراض :
- يعني بدل ما تفرحيلي بتعيطي... أنا كمان
هعيط و عينيا هتتنفخ و هبقى وحشة في الفرح
يرضيكي كده يا دادا ".

رمقتها الأخرى بنظرة حزينة على حالها
فصغيرتها لا تزال حتى الآن  بريئة و ساذجة تعيش
داخل عالمها المثالي حيث الوفاء و الحب المطلق
لاتعي أن العالم قد تغير من حولها و ان قلوب  البشر أصبحت تملؤها كل أنواع الشرور و رغم أنها
حاولت كثيرا محادثتها و إقناعها لكن مريم
كانت في كل مرة تجيبها أن والدها و زوجها
هما حارسيها الامينان و بوجودهما هي ستكون
بخير دائما..
مسحت سناء عينيها بسرعة ثم رسمت إبتسامة
واسعة على شفتيها مردفة بحماس :
- طب يلا بسرعة جهزي نفسك عشان تروحي
للبيوتي سنتر.. النهاردة فرحك ووراكي مليون
حاجة هتعمليها".

اومأت لها مريم و قد إحمر خداها من شدة
الخجل ثم أسرعت نحو حمامها حتى تغتسل
و تغير ملابسها إستعدادا لبدأ يوم طويل جدا....

مساء و في أشهر قاعات الأفراح التي يقيم
فيها الاغنياء حفلاتهم كان سالم البحيري
يتأبط ذراع إبنته الحبيبة التي سيسلمها
لعريسها بعد لحظات...رواية لياسمين عزيز عمار أبو زيد أحد
أنجح الجراحين في مشفاه و الذي أصبح
ذراعه اليمنى في عمله يثق به ثقة عمياء
بعد أن انقذه من مؤامرة كبيرة دبرت له من
قبل مجموعة من الأطباء الفاسدين اللذين
إلتحقوا للعمل بمشفاه و كانت غايتهم هي
القيام بعمليات ممنوعة و سرقة اعضاء
المرضى لكن عمار إكتشفهم و أخبر سالم
خفية و الذي أبلغ عنهم صديقه اللواء عمر
و تم القبض عليهم في الحسن منذ ذلك اليوم
و أصبح عمار محل ثقة سالم
حتى أنه هو الوحيد الذي إستطاع تأمينه على حياة
إبنته و طلب منه أن يتزوجها بعد أن إكتشف
أنه مصاب بورم في الدماغ و للأسف كان في
مرحلته الأخيرة لذلك كان عليه تأمين مستقبل
إبنته و الحفاظ عليها و حمايتها من الذئاب
التي ستستغل صغر سنها و وحدتها حتى تفترسها
دون رحمة....

بعد الفراق Where stories live. Discover now