الجزء الثالث عشر: هل تريدينني أن أكمل بقيّة المشهد؟

400 69 41
                                    

هرولت حميدة إلى المدخل بعد قرع متواصل على الجرس أنهض عفيفة من مكانها في البهو تردّد بصوت لا يخلو من القلق:

-عساه خيرًا يا ربّي...

وما إن فتحت المدبّرة الباب حتّى قفزت سحر إلى الداخل هاتفة بنبرة وصلت إلى مسامع الجدّة:

-أخيرًا يا حميدة... لقد استجاب الله دعائي... أين جدّتي؟ جدّتي...

تركت المدبّرة في مكانها مذهولة تستغرب تصرّف الشابّة تتمتم وهي تغلق باب المدخل:

-ليعطِكِ اللهُ حسب نواياكِ يا ابنتي

لم يكن صعبًا على الجدّة أن تفهم سبب السعادة التي وشّحت وجه حفيدتها وهي ترتمي بين أحضانها الداعمة تشاركها أحلى خبر تاقت روحها إليه:

-زال الخطر يا جدّتي... يعني نتيجة الصورة أكّدت تجاوب الكبد للعلاج الأخير... أشعر أنّ قلبي ينبض بدقّات الحبور، يرفرف عاليًا بين أسراب الطيور

مسّدت الجدّة على شعر حفيدتها المسترسل باسمة الثغر وهي ترنو إليها بكامل الحنان:

-ألحمد لله صغيرتي، نِعم الله كثيرة، وقد أنعم على الأديب بالشفاء وعليك براحة البال... أنا سعيدة جدًّا من أجلك حبيبتي

أفلتت الحفيدة عناق جدّتها ثمّ هتفت معترفة:

-لقد عرفت العائلة بوجوده في المستشفى، هو الآن محاطٌ بابنيْ أخيه الاثنين

-شاء الله أن تعرف العائلة في الوقت المناسب، تعالي لنجلس ثمّ تخبرينني بكلّ ما تريدين

----------------------------------------------------------------------------------------------------

إنقضت الساعات مع العمّ في جوّ عائليّ مفعم بالحبّ تسوده مشاعر الاهتمام والرعاية تكلّله فرحة الشفاء، هو القدر بغرابته يكشف سرّ الكريملي بعد انقضاء خمس سنوات من المعاناة، يضعه بمواجهة مع الشابّين وهو في طريقه إلى الخلاص. وفي مثل هذه الظروف يرخص كلّ العتاب يغدو صغيرًا أمام عظمة الشفاء خصوصًا إن كان التكتّم عن المرض دافعه الوحيد ينبع من نوايا صافية نقيّة تسيّر قلب الكريملي المحبّ. تقدّم إلتشين من السرير يضمّ يد عمّه بمحبّة الابن يعرض فكرة بشيء من الإصرار:

-عمّي، ستخرج من المستشفى إلى البيت في اسطنبول، أرجوك لا أريد أيّ اعتراضٍ، لن نتركك وحيدًا في شيلا في هذه الفترة

-إلتشين، سأكون صريحًا معك، أفضّل البقاء في بيتي، لا تسئ فهمي لكن لا أرتاح إلّا هنا، حاول أن تفهمني... إنّما أعدك... سأدعو نفسي إلى قضاء عطلة أسبوع في القصر عندما أستعيد نشاطي

-فريد لا يتوقّف عن المطالبة بك، يتذمّر من دوام المدرسة الصيفيّة الذي يمنعه من المجيء إلى شيلا

-يذكّرني بطفولتي، كنت أعشق العيش في الريف

نهض نديم عن المقعد الجلديّ معلّقًا:

ملهمتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن