٢٨. الرحلة المدرسية: اليد الدموية

60 9 6
                                    

وضع كوب قهوته أمام الطاولة الصغيرة، ثم تحدث بعدها قائلا 

''لا أعلم الكثير، لكنني سمعت من الشرطي أنها جعلت جميع الهابريان أشرار بنظر الأطفال، وأخبرتهم أن العالم قد انتهى وأنهم الأمل للبشرية''

''للبشرية''

''ما تبقى منهم على الأقل'' قالها ياردن الذي أخذ شرفة من القهوة مرة أخرى.

''إذا هكذا لم يسمع شيئا عنه''

''ذلك مثير للدهشة أعلم، الفتى رأى كل شيء بعد سن الثالثة عشرة''

''أعترف أنه عاش طفولة غير عادية''

وساد صمت بين الإثنين قبل أن ينطق ياردن ويقول بترقب ودقات قلب سريعة، لكنه كتم كل ذلك داخله ''إذا ما خطتك بشأن آدم؟''

''وضعت جدولا له، لكنني أنتظر الوقت المناسب لأخبره، أريد أن أرى إلى أية درجة هو مستعد، إلى أية درجة هو متقبل للحقيقة''

أراد أن يعرف إن كان آدم الذي يعرفه يهمه أمر البشر فعلا. هو يعلم أنه تربى حتى ينقذ البشرية، لكنه أيضا يعلم أن صدمة أصابته من الشخص الذي لقن تلك المعلومة له؛ لذلك هو يريد أن يعرف: أما زال يريد أمر إنقاذ البشرية وأيضا الهابريان البريئين أيضا؟

فمما يعلم من أولئك، أن الحرب وإن أظهروا السلم فلن يتوقفوا أبدا عن إظهار العداوة وهم بالطبع ينتظرون فرصة فقط.

أراد أيضا أن يعرف ما هو كيان هذا الشخص الذي يمتلك هاته العينين، لا يستطيع من الصف، فلا معلم يعلم شخصية الطالب الحقيقية، ولا طالب يعرف شخصية المعلم الحقيقية خارج منظومة التعليم.

أوقفه مرة بعد الفصل ''آدم هل لي بحديث معك؟''

اقترب منه في صمت حتى وقف ليس بينه وبين الآخر سوى متر، نظر إنجيز في عينيّ الطالب، خلف تلك العدسات عينان نادرتان، ذات مسؤولية كبيرة، السؤال هنا: هل هو قادر على تحملها؟

''في الرحلة سيكون عليك أن تنام مع مجموعة، أذلك جيد معك؟''

للحظة برز على ملامحه عدم الإرتياح، لكنه أعاد رباطة جأشه وقال ''لا بأس يا أستاذ إنه مجرد أسبوع''

ابتسم إنجيز ''يوجد في الرحلة عمل تطوعي لتنظيف مياه البحر، إنها مسؤولية كبيرة، لو دخل شيء واحد من سموم منتجات هذا العصر البحر لتسمم السمك وبعدها جميع من يصطادها ويأكلها، كما حدث في الماضي''

لاحظ التوتر الطفيف على وجهه، وخصوصا بعد أن نطق كلمة مسؤولية، بدا وكأنه للحظة حبست أنفاسه وعادت.

هذا الشاب.. هل ربما يخاف من أن لا يؤدي عمل العينين جيدا؟ أم خائف من المسؤولية؟

''هل تود الانضمام؟ إنها تطوعية على أية حال''

أومأ برأسه ''نعم، أود الإنضمام، إن لم تستطع مساعدة الأسماك لن تستطيع مساعدة أي مخلوق آخر''

وغادر. إنه يحاول بجدية، إنه يفكر بالأمر بجدية، لقد وقعت العينين في يد شخص طيب للغاية.

''سأعلمه جيدا كما وعدت معلمي'' قالها بقرار حازم.

وليس هناك مكان أفضل من جزيرة هايان ليبدأ فيها.

لكنه لاحظ شخصا آخر مثيرا للإهتمام كما آدم: أخوه أُوجِس. يكاد يقول أنه ملتصق به معظم الوقت ونظراته حذرة تجاه أي من يقترب من آدم.

تبسم، تذكر العام الماضي حين دعاه إلى الإنضمام لوكالته. أُوجِس شخص قوي للغاية وعائلته تملك قوة خارقة، سيكون إنضمامه جيدا، لكنه غضب ما إن تم ذكر العينين، لقد كان يحاول حمايته بكل الطرق.

لديهما علاقة أخوية قوية، ليس وحيدا سيواجه الأمر كله، أخوه بجانبه بعد الإله.

لم يكن لدى هايان إخوة أبدا، لكن كان لديه نيبونيان. كان دائما بجانبه، كان الجانب المخيف غالبا.

كان من المعروف جدا كيف كان دارما بجانبه، كيف كان أعدائه يخافونه، وكيف كان اليد الدموية التي عاقبت جميع الخونة والمجرمين.

لم تكن حياة هايان سهلة في البدء، كان مراهقا استلم العرش، وكان نيبونيان هناك مراهقا معه، ووسط كل تلك الأزمات بقتله والشعب المعدم، وأولئك الذين كانوا يريدون أن يضعوا اللوم عليه كان هو هناك معه.

كان معروفا أنه كان عقبة في طريقهم، حين تجد تلك العينين ذات اللون الذهبي لابد أن ترى بجانبها تلك العينان ذات اللون الأحمر الدموي التي تنذر بالقتل والعقاب لمن يمسه بسوء.

كان نيبونيان هكذا لهايان، وأُوجِس إنه من الواضح سيأخذ درب نيبونيان بكل تأكيد، سيكون اليد الدموية غالبا، وسيقاتل كل من يقاتل أخيه بلا رحمة أبدا.

ولذلك سيكون من الصعب فصلهما عن بعضهما عن بعض، فلقد تشاركا في نفس الوقت ذات الرحم.

ورما طعما لهما، طعما سيأتيان بالتأكيد له، كتاب هايان، ولقد التقطاه، وقابلهما أخيرا مفصحا لهما في مكان لا تراه أعين الأعداء، حيث المغارة التي كانت مخبأ هايان ونيبونيان ذات يوم.

''إلا أنني أعرف سرك يا آدم''

لا يعرف إن كان مستعدا، لكنه يريد، لذلك سيجعله مستعدا.

ملحمة أندارياWhere stories live. Discover now