47_العقاب( 2)

7K 698 38
                                    

توقف شريط الذكريات والذي في الواقع لم يستمر سوى لبضع لحظات

ابتعد الشعور البارد من عنقه حينما رفع الروح الأسود المنجل لأعلى وهذه المرة ودون شفقة هبط بسرعةٍ خاطفة ليفصل الرأس عن الجسد


كانت العينان الذهبيتان كفيلتان بأن تروي كل الرعب والخوف وغيرها من المشاعر التي عايشها صاحبهما في زمنٍ لم يستغرق إلا بعضًا من الثوان

ظهرت الظلال الجائعة والمتعطشة لأكل كل ما له قوةٌ وطاقة

هجمت على الجثة كقطيعٍ من الوحوش المفترسة وفي لحظات اختفى الجسد والرأس دون أي أثر

وكأنه لم يكن

.
.
.
.

حرك رأسه المتحجر بصعوبة وهو يرى رأس روح النور يطير ويسقط بعيدًا عن جسده

كان موته بسيطًا وسهلاً ومخيبًا للآمال
كل تلك الثقة التي بنوها عليه طارت في مهب الريح

والأسوء من ذلك هو رؤيته يُفترس بواسطة الظلال المتوحشة والتي لم تبقي منه شيئًا

ابتلع ريقه وصدى دقات قلبه تُسمع من قوة ضرباتها

سرت قشعريرة على طول جسده جعلته يرتجف
وبكل ما تبقت له من إرادة زحف نحو روح الظلام

تسابقت دموعه واختلطت مع مخاطه مما جعل من مظهره يائسًا ومثيرًا للشفقة

تعالت صيحات بكائه وزاد نحيبه وهو يسحب جسده بشدة

تعلق بقدم روح الظلام وفرك وجهه وهو يتوسل
اختلطت شهقاته مع صوته ليخرج كلامه مبعثرًا غير مفهوم

ولكن من الواضح أن ما يريده هو العفو

شعر بيدٍ كبيرةٍ وباردة تمسكه من عنقه
سعل بشدة وحاول إبعاد اليد عنه ولكن الفرق بين قوتيهما كان كبيرًا

تلون وجهه من الأحمر إلى الأزرق يليه البنفسجي
وبدأت مقلتاه تتراجعان تمهيدًا لفقدان الوعي وانساب لعابه من فمه المفتوح 

أبطأت حركة قدميه وتدلت يداه خائرتان
تأكد بأنها نهايته وهذه ستكون موتته واستسلم مغمضًا عينيه

ظن أنه سمعه يقول بصوت لا حياة فيه "نكرة"

وقبل أن يؤكد ظنونه، فجأة طار جسده بسرعةٍ خاطفة ولم يشعر إلا بظهره يصطدم بالجدار خرج الدم مع كل تأوهٍ يقوم به

سقط للأرض يئن بألم ووعيه يسود ويُظلم

رأى من بين وعيه المغيب شخصًا يتقدم نحوه
صوت الدقات القادمة من الخطوات أظهرت أن مصدرها هو الكعب

تقرفصت أمامه ناشرةً ثوبها حولها وقد تشرب لونه الأبيض الدماء من حولها ليتلون باللون الأحمر القرمزي ملائمًا عينيها

مدت يدها نحو ذقنه لتضغط عليه وترفع رأسه
وجهه النبيل لم يعد يُتعرف عليه من الدماء والكدمات وقد انتفخت عيناه كالكرات

تعابيرها لم تكن مقروءة كانت تضغط بقوةٍ شديدة حتى شعر بعظم ذقنه يتحطم ويتهشم لكن لم تكن له القدرة أو الطاقة للصراخ
فقط كان يئن و يئن وتنساب الدموع من مقلتيه

مسحت دموعه بإبهامها حينما وصل لذقنه المهشم
وابتسمت وببرود قالت : الدموع، إنها تليق بك!

أخفضت رأسها بالقرب من أذنه وهمست ببغضٍ وحقد كبيرين : عقابك لم ينتهي ستعاني مثل ما عانيته وتتألم كما آلمتني

ضغطت على ذقنه أكثر وأكثر مع كل كلمةٍ تقولها ليغمض عينيه من الألم الذي لا يُطاق
أكملت قائلة: في مكانٍ مظلم وبارد ستموت مع الجرذان والحشرات بعد عذابٍ طويل

أبعدت يدها بشدةٍ عنه ليتلوى رأسه ويسقط على الأرض

وقفت منتصبةً وهي تنظر إليه كما تنظر لذرة غبار
نادت الظلال التي كانت تحوم حولهما لتسحبه بعيدًا

هجمت عليه الظلال وسحبته من قدميه نحو المخرج متجهةً نحو الزنازين الأرضية حيث كانت ڤيليا محبوسةً فيها

تشبث بالأرض بيديه العاريتين وهو يصرخ بوهن
لم تكترث له الظلال واستمرت بجره خلفها

تشبث بالأرض لأجل حياته ولكن لم تساعد جهوده المبذولة لإبطاء سرعته حتى

خرجت أظافره من محاجرها دليلاً على شدة تمسكه لكن لم تخلف وراءها سوى الدماء

و رجت صرخاته القصر الخالي بأكمله حتى اختفت ولم تبقى سوى صداها يتردد بين الجدران الملطخة بالدماء
.
.
.
.
هكذا انتهى أمره
كان بوسعها التخلص منه بنفسها لكن أدركت أن ذلك سيكون مضيعةً لجهدها لا غير

سكنت القاعة الكبيرة حيث تدمرت الزينة وتناثر الطعام
في الأرجاء ومعها الحلي والأغراض الشخصية للنبلاء

لم يكن هناك صوتٌ يصدر إلا تنهدات بكاء صغيرة تأتي من زاوية القاعة

مدركةً لصاحبة الصوت التفتت إلى حيث كانت شقيقتها تتكور بالقرب من جثة والدتهما التي فارقت الحياة منذ زمن إثر فقدانها الكثير من الدماء

كان وجهها الملطخ بالدموع تحفز غرائز الحماية لدى المرء باستثناءها

حركت قدميها نحوها ببطء حيث ينقر كعبها الأرضية ليخرج صوتًا مع كل خطوة

زاد نحيب الأخرى وهي ترتجف محاولةً إغلاق فمها بيديها المرتعشتين وكأن بفعلها لذلك لن يستطيع أحدٌ العثور عليها

رفعت رأسها الملطخ للأعلى تنظر لشقيقتها التي وقفت ببرود ليس كمن أقام مذبحةً لتوه ونتج عن ذلك فقدان والديه

بصوتٍ مرتجف ترجتها بأن تتركها تذهب ولا تؤذيها
وكما هو متوقعٌ منها تساقطت الدموع اللؤلؤية على خديها لتظهر مدى بؤسها

ابتسمت بلطف حينما رأت حال أختها المثير للشفقة ومدت يدها لتساعدها على الوقوف

وقالت بصوتٍ حلو يسكر سامعها : يمكنكِ الذهاب

『 perfect villain 𓆩♥︎𓆪شريرة مثالية』 Where stories live. Discover now