1

27 1 19
                                    

نيويورك _ ال11 مساءً

اول ما فكرت به وانا انزل على سلالم تلك الطائرة..

كان سؤالا غبيا جدا بقدر ما هو بديهي

اين انا ؟

كان هذا اول ما قلته بصوت خفيض بينما وضعت قدماي فوق مدينة لا انتمي لها ولا تنتمي لي

لكني امل حقا اني سأفعل، امل حقا اني تركت ما بقي مني فوق ذلك الكرسي فالطائرة واني ولدت من جديد

ولدت من جديد في مدينة جديدة ، دائما تبدو الامور الجديدة مثيرة للاهتمام

على الاقل بالنسبة لشخص عاش حياة دائرية مثلي

دائرية تماما ، لطالما بدأت وانتهيت من ذات النقطة ولا اعلم تحديدا اي نقطة

بدأت اتحسس يدي بيدي الاخرى كي اشعر اني حقيقية اكثر وأن كل هذا حقيقي ايضا

لكن حين فعلت ذلك بدأت اشعر بالخوف.. كلما بدت الامور حقيقية اكثر وواقعية اكثر ازداد خوفي

للحقيقة طبقات عدة، كالبصلة

كلما تخطيت طبقة كلما اقتربت اكثر من الحقيقة وكلما زادت احتمالية ذرفك للدموع

احدى تلك الطبقات تبدو كالامان

وهي ايضا احدى طبقات الحقيقة.. كلمسات الام ورائحة طعام المدرسة وصوت منبه الهاتف المألوف

تلك طبقة الامان احدى طبقات الحقيقة

لكن كل ما كان حولي في تلك اللحظة لم يكن شيئا مألوفا ، لذا كانت الحقيقة مخيفة هنا

حقيقة اني وحيدة في مدينة لا اعرفها في دولة لم يسبق لي دخول حدودها بين اشخاص لا اعرفهم

يخاف الانسان ما يجهله

لكن لطالما وجدت اثارة فالخوف ، ولطالما كنت وحيدة ايضاً.. لذا فإن الأمر ليس جديدا تماماً

نزعت نفسي من شرودي ووقفت على اقدامي ، كنت اقف عليها بالفعل منذ البداية لكني لم اشعر بذلك كما شعرت الأن

انهيت بقية اجرائات المطار وليس معي سوى حقيبة واحدة

حقيبة ظهر

كانت ابتسامة عامل النظافة لي السبب الاخر الذي دفعني لاستمر دون أن انهار

ابتسامة الاشخاص كانت دائما الصوت الذي يذكرني انهم بشر

شعور ان تكون في مكان بلا بشر شعور مخيف حقا
ان تنظر في كل الوجوه ولا ترى المشاعر ، ان تنظر بين الايدي ولا ترى الدفئ ولا اللمسات

كأنك بين ارواح ميتة ، اشباح او ربما جثث.. فالاشباح ارواح دون اجساد بينما الجثث اجساد دون ارواح

لم احب الخوف ابدا لكني احببت شعور الاثارة بين ثناياه

شعور الحماس ، لطالما كنت اكسر مخاوفي

تحت المظلة في نيورورك / Under the umbrella in new yorkWhere stories live. Discover now