الجزء السابع عشر _ مدللتي 👑

835 42 7
                                    

بقلم ندوش 🐝

ما إن بزغت الشمس حتى امتلئت ساحة القصر بالعمال الذين باشروا العمل فور وصولهم على قدم و ساق تحت مراقبة عيون حادة تدقق باهتمام سير تجهيز المكان بغية تحويله إلى فضاء مفتوح خاص يلائم من حيث الزينة و الديكور سهرة الحناء التي ستقام في المساء، انتبه جسور لعمته خديجة تقترب منه و قد شع بريق السعادة من عينيها، ألقت يدها على ذراعه بحب و قالت
خديجة: بني التجهيزات تسير على ما يرام و العمال لا يقصرون في مجهوداتهم، أنت هنا منذ الصباح الباكر لابد أنك أنهكت من التعب، تعالى معي إلى الداخل نناقش بعض التفاصيل الصغيرة العمالقة و بالمرة تكون فرصة لك حتى ترتاح قليلا.
جسور: أمهليني بضع لحظات أنهي بها بعض الإرشادات ثم سأحق بك عمتي.
عادت العمة إلى الداخل فاصطدمت بزينب تتجه إلى المطبخ و قد بدى الانزعاج على محياها حتى أحمر وجهها، نادتها فجاءتها مسرعة تنتظر بأدب ما ستطلبه منها
خديجة: ما الأمر زينب، هل قام أحدهم بإزعاجك.
زينب: لا.. لا يوجد شيء سيدة خديجة.
خديجة: يا ابنتي تحدثي بما يزعجك، نحن في أيام فرح و لا نريد أن يكون أي شخص هنا يحمل الحزن في داخله.
زينب: الأمر ليس بذلك السوء سيدتي، أنا أتفهم غضب الآنسة جونول بهذه الفترة لكنها لم تعاملني بقسوة من قبل لهذا صدمت من تصرفها معي.
خديجة: يا إلهي ماذا يحدث لهذه الفتاة، اذهبي إلى عملك و أنا سأعرف ما بها.
وصل جسور في تلك اللحظة إلى جانب عمته
جسور: ما الأمر عمتي، هل توجد أي مشاكل هنا.
خديجة: لا بني، كل ما في الأمر أن العروس بالغت في تدللها علينا.
جسور: كيف ذلك؟!!
خديجة: سأعرف بنفسي، يجب أن يتحدث معها أحد و يعيد لها عقلها إلى رأسها الصغيرة، قريبا سيمتلأ القصر بالضيوف و لا أريد أن تبدو عصبية في حضورهم.
طرقت العمة الباب و دخلت إلى الغرفة، وجدت جونول تجلس على حافة الفراش و تتأمل الخارج وهي مازالت بثياب النوم، انتفضت في مكانها و وقفت بخجل كالمذنبة
جونول: صباح الخير عمتي.
خديجة: صباح الخير صغيرتي، أجلسي حتى نتحدث قليلا.
جلست الفتاة وهي تنظر إليها بتوتر ثم قالت متأسفة
جونول: لقد كسرت بخاطر زينب و أنا أشعر بالخزي من نفسي.
خديجة: صغيرتي، ما رأيك أن تصارحيني بما يزعجك حتى نعرف كيف نتجاوزه، إذا كنت لست سعيدة في داخلك فلا فائدة من كل ما نفعله.
جونول: لا ليس كما تظنين عمتي، أنا سعيدة و ممتنة جدا لكل شيء، الجميع يفعل ما بوسعه لأكون سعيدة و يكون هذا الزفاف على أكمل وجه... لكن أنا خائفة بعض الشيء و أشعر بتوتر شديد.
خديجة: لماذا يا ابنتي، هل هنالك ما يقلقك، أيوجد أمر يزعجك و تخافين البوح به.
جونول: كل ما في الأمر أنه كلما اقترب موعد الحفل أشعر برهبة شديدة كأنني مقدمة على أمر جلل، أخاف أن لا ألاقي استحسانً الآخرين أو لا أعجب جسور، أنتم تنتظرون إقامة هذا الزفاف منذ سنوات فإذا بالمسؤولية كلها ترمى على، أنا من ستكون تحت العيون في تلك الليلة.
ربتت عمتها على رأسها بحنو و قالت
خديجة: صغيرتي، هذه الأفكار يجب أن لا يكون لها مكان في عقلك، أنت بارعة الحسن و الجمال و لديك شخصية مستقلة ما يعزز ثقتك بنفسك، لا يوجد مبرر لهذا الخوف الذي يهدد سعادتك أما عن جسور فنحن نعرف شدة هيامه بك بل هو أكثرنا انتظار لتلك اللحظة لذا أنا حرصت بنفسي أن لا يلمح طرفك و أنت تقيسين الفستان حتى يبقى حماسه متقد دائما.
جونول: حقا، هل أنت واثقة عمتي، لما أنا لست مثلك، ماذا لو لم يعجبه شكلي في الفستان، قد لا تأتي الصورة كما حلم بها.
خديجة: هههه أنت تعانين من رهاب العروس، ظننته لن يصيبك لأنك تعيشين مع جسور منذ سنوات لكن خانني الذكاء هذه المرة.
جونول: لكنني سأنتقل للعيش في منزل آخر و ستكون حياتي مستقلة عن حياة العائلة، ربما لن أكون على قدر من المسؤولية التي سأتحملها، أنا لا أحسن إعداد إلا أطباق بسيطة من الطعام و لا أعرف لماذا أتذكر ذلك الآن.
خديجة: كفي عن هذه الأفكار البائسة، أنت و جسور ستكون لكما حياتكم الخاصة إن سكنتما في القصر أو في أي منزل آخر و مسؤولية كل واحد فيكما أن يسعد الآخر و ينجح هذا الزواج بالحب و الثقة و التفاهم، كل ما ذكرت موجود بينكما فلا تجزعي من المستقبل. هيا انهضي بسرعة، زوجك يعمل منذ الصباح الباكر و يحتاج من تهتم به، بقية النساء سيقضين اليوم في صالون التجميل و أنا مازال لدي عمل كثير.
جونول: حسنا سأنزل بعد خمس دقائق... عمتي، انتظري قليلا.
خديجة: ما الأمر صغيرتي.
جونول: أردت أن أشكرك لأنك كنت دائما بمكانة الأم بالنسبة لي.
فتحت لها العمة ذراعيها فارتمت في حضنها و أفرجت عن دموعها الساخنة، ضمتها خديجة أكثر و قبلتها من وجنتيها الندية
خديجة: أنت كنزي الثمين في هذه الحياة، حتى إخوتي لم أحبهم كما أحببتك، أنت العوض الذي وهبني إياه رب العالمين.
جونول: ظننتك تحبين جسور أكثر مني.
خديجة، تضحك عليها: ههه أيتها الطفلة الشقية. لقد منحته المركز الثاني فلا تخبريه حتى لا يغار منك.
قبلتها ثانية ثم تركت الغرفة، غيرت جونول ملابسها و نزلت إلى الطابق الأرضي، التقت بزينب في البهو فوقفت أمامها بطفولية تعرقل مرورها
زينب: آنسة جونول، لقد أمرت عمتك أن نضع لك الفطور في المكتب.
جونول: دعك من أمر الفطور الآن، لقد إتصلت للتو بالمركز و حجزت لك موعد هناك بعد ساعة.
زينب: موعد لماذا؟!
وضعت جونول يدها على كتفها و وشوشت لها
جونول: لقد انتهى عملك لهذا اليوم، ستذهبين إلى هناك و تجهزي للسهرة مثل الأخريات.
زينب: لكن يا آنسة، أنا لم استأذن من السيدة خديجة.
جونول: لقد سمحت لي عمتي بفعل ما يحلو لي بهذا الأسبوع فهيا إذهبي بسرعة و لا تريني وجهك إلا في المساء. لا تنسي، لقد وعدتني منذ أشهر أنك سترقصين في زفافي إلى غاية طلوع الصباح.
فتح باب المكتب و دخلت بهدوء، ألقت تحية الصباح على إبن عمها و جلست بجواره، نظر إليها بقلق ثم قال
جسور: جونولي، هل أنت بخير؟!
هزت رأسها بالايجاب ثم قالت
جونول: كنت منزعجة قليلا و الآن أنا بخير، لم أنم ليلة البارحة.
شدت انتباهه فترك هاتفه جانبا و قد بدا الاهتمام في عينيه
جسور: جونول، يجب أن تهتمي براحتك أكثر، قلة النوم تسبب لك التوتر و العصبية و قد نبهتك مرارا إلى ذلك.
جونول: ليس الأمر بيدي، كثرة التفكير هي ما تجعل نومي مبعثر.
جسور: فيما تفكرين، هذا الزفاف مجرد عادة نقوم بها أمام الآخرين ثم سنعود إلى حياتنا الطبيعية.
جونول: لا لن نعود كما كنا.
جسور: كيف لن نعود كما كنا، نحن متزوجان و أبناء عم و نعيش في بيت واحد منذ عشر سنوات فما الجديد إذا.
جونول: هل ستبقى تحبني بعد فترة، سمعت أنه بعد الزواج ستصبح الحياة مملة و روتينية و تحدث مشاكل جمة بين الأزواج.
جسور: جونول، كأنك تخترعين الأفكار حتى تنكدي على نفسك، نحن عشنا معا مشاكل كثيرة و نتعامل معا مؤخرا مثل أي زوجين عاديين.
جونول: ربما أنت معك حق، كثرة التفكير بلبلت عقلي.... هل مازلت مصر على إخفاء إسم المكان الذي سنقضي به شهر العسل.
جسور: لقد تحدثنا بهذا الموضوع فلا تحاولي معي من جديد.
جونول: معك حق، أشعر بنفسي لا أعرف ماذا أريد بهذه الفترة و اتحجج بأي شيء يخطر لي حتى أفرج عن أفكاري.
جسور: أنا أعرف مابك... منذ يومين و أنا منشغل عنك.
جونول: لا جسور أنا لست أنانية إلى هذا الحد حتى أبخس ما تفعله و أطالب بالاهتمام بي، أنت من حقك أن تحظى بحفلة زفاف فاخرة كما أردت.
لم يجبها، التزم الصمت لحظات ثم قال
جسور: كل يوم، أنت تزدادين جمالا أيتها الفتاة.
جونول: كيف، لم أفهمك....لقد عدت للصمت.
جذبها إليه و التحمت روحه بروحها حتى شعرت بقلبها ينتفض كأنه يرقص فرحا. بعد لحظات الحب الدافئة، قرب طبق الطعام منه و بدأ يطعمها الطفلة، كانت نظراته تلتهم تقاسيم وجهها المتورد مفتونا برقبتها و حمرة الخجل التي غزت وجنتيها، أكلت بضع لقيمات ثم أبعدت يده وهي تهز برأسها
جونول: لقد شبعت، لا يمكنني تناول المزيد.
جسور: أنت أكلت فقط ما يشبع عصفور، بهذا الشكل ستقعي على الأرض من شدة ثقل ذلك الفستان.
جونول، هزت حاجبها بغرور: أنت لم تراني به فكيف عرفت أنه ثقيل.
جسور: أين المفر، اقترب اليوم الذي سأراك به و بنفس اليوم أنا الذي...
جونول، وضعت يدها على فمه تسكته: لا لن تكمل... لن أسمح لك.
جسور، ضاحكا بثقة: سنرى من سيفعل أيتها الشرسة.

العروس الصغيرة 🦢 Donde viven las historias. Descúbrelo ahora