الفصل الأول

197 17 18
                                    

 
مرحبًا صديقي القارئ
أتمنى أنك مستعدٌ لـ برهـة من التشويق والصراع والألغاز، وخزة من الألم، و ربتة من الحب
وقليل من السحر.🪄
هيا بنا.










في ساعة متأخرة من الليل، في الدجى حيث الظلام يبتلع كل شيء
في مجلس فسيح له بابٌ ضخم هائل الطول، وفي زواياه ارتكن عدة من أشجار الزينة التي تلقي الشموع الكثيرة ضوءها عليها فتبرز بعضًا من لونها الأخضر اللامع.
توسطت منضدة كبيرة ذهبية اللون
-توازي أرجل الجالسين-لها أرجل قصيرة و عليها زخرفة غائرة يعلوها مادة صلبة شفافة، ذلك المجلس
والتف حولها أربعة رجال جالسون على أرائك مَلَكية بديعة المنظر، وكل رجل ينثر حراسه خلف  مكان جلوسه، فيملأ الحراس القاعة، وعلى الباب الضخم.
كلهم يبدو عليهم الاستياء والغضب، فلا تنظر إلى جبين إلا وجدته متغضنًا، ولا إلى حاجبين إلا و متقاربين سخطًا
تحدث أحد الملوك وهو رجلٌ في نهايات الأربعين من عمره، ملامحه حادة تقترب إلى كونها مخيفة و له لحية خفيفة و بشرة فاتحة، وهو أشد العابسين في المجلس، تحدث إلى ملك آخر في مواجهته
- إذًا ما هذا الذي يفعل أخوك يا "آزاد"؟!
التصقت الكلمات بحنجرة "آزاد" تأبى الخروج، و برزت حبات من العرق على جبينه
- مممـ ما الذي يفعله أخي يا "أيهم"؟!
صاح ملكٌ آخر على نهاية المنضدة بحنق و وجهه يرتعش من الغضب.
- هل تستخف بنا يا "آزاد"؟.. أم أن طمعك وجشعك دفعاك للقبول بهذا الأمر؟
تحدث الملك الأخير وهو مواجه للملك الذي يجلس في نهاية المنضدة، بوقار و هدوء وهو يوجه كلامه للملك الذي في مواجهته.
- لنناقش الأمر في هدوء و سكينة يا"سامان" لن يحل كِبر حنجرتك شيء.
- لتحله أنت إذًا يا "آزر"بحنجرتك الضيقة و صوتك المحفز على النوم.
ناءَ آزر برأسه بعيدًا وهو يتأفف من كلامه
عمَّت برهة من الصمت على الجميع، أزاحه "أيهم" بقوله
- تُرى، تعلمون جميعًا ما مصير من يتعلمون السحر ويستخدمونه! إنهم يدنسون أعراقنا، ويبثون السم بيننا.
"آزاد"
- لا...لن يُقتل أخي، لن تقتلوا "رئبال"!، إنه ابن عمكم أترضونها له؟
سامان
- إنه الآن ساحرٌ، ولا يُقبل السحرة في أراضينا.
انتفضت ملامح "آزاد" و تملكها الحزن و همس بـ "لا"
"أيهم". بنبرة باردة
- نعلم أنك نهم للسُلطة والملك يا "آزاد"، وتبيع مبادئك و شرفك من أجل الجلوس على عرش حتى لو من قش .ومن هنا فإننا نخيرك بين إعدام أخيك، أو تنحيك عن عرش مملكة "إيراستا"، فلتختر.
هَطِل العرق من جبينه، و دار الخيار في رأسه، بينما كانت عيناه موجهتين لأسفل.رفع رأسه و قال بجنون
- لن ينزع أحد مني مُلكي..
وقبل أن يكمل قاطعه "سامان"
- الخَيار جليٌ إذًا.
وقام من مكانه و تبعه حراسه نحو الباب وكذلك باقي الملوك وانفض المجلس.
             *********
قمر مكتمل وبهي مدفون وسط مليارات من ذرات الغيوم التي تمضي أمامه بغنج، ويضيء بنوره الشاحب الأوساط تحته، والبحر أسفل هضبة"جالا" تتلاطم وتتصادم أمواجه تحت ذلك النور فيلمع ماؤه كأنه مطليٌ بالماس.
اهتزت هضبة "جالا" من قوة وقع هذه الأقدام عليها...عشرون من الجنود الذين يبدون كالأشباح في هذا الوقت، و أربعة من الملوك، يدعسون الهضبة بكامل قواهم كأنهم مقدمون على حرب ما.
و على حافة الهضبة بين قبضات الجنود شاب في الثلاثين من عمره نحيلٌ، فارع الطول، و يرتدي رداءًا أسودًا رابطين يديه معًا برباط غليظ و شديد، أجثوه على ركبتيه بعنف في مواجهة الملوك.
خلعوا عنه قلنسوته فظهر وجهه الباهر، حاجبان عريضان وكثيفان يتدليان على عينين سوداوين بتارتين كالسيف، و بشرة خمرية شاحبة تشبه نور القمر.
مالبثت تلك العينان حتى اصطبغتا بالحمرة إثر الدموع الحارقة في مقلتيه.
بعد أن نزعوا عنه القلنسوة و أبصر الوسط حوله، توجهت أبصاره نحو الملوك، قائلًا
- ما هذا؟!
جال بصره بين الملوك برعب و خوف
- أجبوني ما الذي تفعلون بي؟
أيهم" بنبرته العميقة الباردة
- نعدمك!
ارتجفت شفتاه لصدمة ما سمع و زاغت حدقتاه في عينه،ثم نظر إلى آزاد" يستعطفه، وتكونت كتلة من الدموع في عينيه
-أخي، لا تدعهم يفعلون ذلك أرجوك.
نظر إليه آزاد" وهو يصارع نظرات أخيه التي تمزق قلبه
- أنت من أوديت بنفسك!
صاح "رئبال" بنبرة مرتعشة، وعيون تفيض بالدمع
- لا، لست أنا، أنتم من أوديتم بي، أبي أمي أنت، لولا اهمالهم بي، وتركهم لي ككومة من النفايات، لولا تجاهلهم لي وعدم تقديرهم، لولا نظرة الاشمئزاز على وجوههم لأنني كنت طفلًا انطوائيًا وغير محب لأمور الحكم والحرب! لكن لا كيف لأميرٍ أن يكون هكذا؟ لولا كل هذا ما اتجهت للسحر لتفريغ حزني الكامن في قلبي والأسى الذي يملأ صدري، كيلا أقتل نفسي كوني طفلًا غير مرغوبٍ من عائلته! كنتم أنتم سر شقائي، عائلتي كانت سر شقائي. أنتم من اوديتم بي، سيلعنكم الله في الجحيم.
وكان الجنود في أثناء حديثه يثقلون رباط يده بثقل جبار، لم يشعر بهم فالنار كانت تأكل قلبه
جثا آزاد" على ركبتيه ليكون في موازاة له و وضع يديه على كتفي رئبال" يربت عليهما ، وشعر الآخر بأن قلب أخيه قد رق، و بعث الأمل على محيَّاه من جديد. وقال تحفيزًا للين أخيه وهو ينظر في عينيه ويتودده
- ما كنت لآذيكم أبدًا بهذا السحر، تعلمته فقط ليلهيني عن حزني وغضبي.
فتح آزاد" فمه قبل أن ينطلق منه أي صوت، ثم خرج صوته يقول.
- أنا آسف "رئبال" لكن مُلكي يهمني أكثر.
ثم ثُقلت يداه بالقسوة و دفع أخاه إلى البحر بينما صوت صريخه يتردد بعنف في المكان، حتى سكن كل شيء، وضمته الأمواج بين جوانحها.
              *****
بعد عدة سنوات

سم رئبالWhere stories live. Discover now