33 |عناق في الظلام|

703 97 18
                                    

مساء تلك الليلة، فتحت عينيها ليقابلها سقف غرفتها الغارق بالظلام، عرفت أن الليل قد حل، مما دفعها لتضع يدها على عنقها بتردد، تتحسس مكان ضربة آلفيس، كانت واثقةً أنه لم يستخدم ربع قوته، ومع ذلك فقد تركها مغمىً عليها لساعات..

نهضت بصعوبة، تشعر بألمٍ في ظهرها وكتفها وجسدها بالكامل تقريباً، ووسط الظلام لمحت الهيئة التي تجلس على كرسيٍ مكتبها، مستندٌ بيده على الطاولة وينظر لها، بأعين مصاص دماءٍ سوداء تلمع حتى في الظلام..

"أبي.." قالت بتردد، لم تكن تنادي آرمور بهذا الاسم إلا فيما ندر، كانت تتعمد ألا تناديه تقريباً، ولكنها حين تضطر فهي تقول له أبي، وكان يسمعها، ويشعر بها تسقط في قلبه قبل حواسه..

"سيما.."

نهض من مكانه ليجلس على السرير بجانبها، عينيها تطالعه ببراءة، تتنظر منه أن يصرخ بوجهها ويوبخها كما فعل آلفيس، تنتظر منه أن يقول شيئاً حول آلفيس نفسه، ولكنه فقط تنفس بعمق، راقبت ما تستطيع أن تراه من ملامحه من ضوء القمر المتسرب من النافذة، كان وجهه يرسم تعبيراً حيادياً، لم تستطع أن تفهمه..

"أخبرتني ميردا أنها كانت تعلمك.."

ابتلعت ريقها ولم تجب، لم تناقشه بالأمر من قبل، ولكن ميردا أخبرتها أنه سيرفض، وقد أخذت كلام المرأة بثقة لأنها تعرفه منذ فترةٍ طويلة..

"من كان يعرف بذلك أيضاً غير ميردا ولوسيوس؟"

"كريستوفر.."

"توقعت.." تمتم ساخراً، يشعر بالقهر من نفسه لأنها كانت تخفي عليه ذلك، وأضافت بسرعة "شاهدنا صدفة وطلبت منه ميردا أن يلتزم الصمت، لم أخبره بنفسي.."

"كان سيفعل ذلك لو لم تطلب منه، لم يكن يحب أن يخبرني بأي شيء.."

لم تجبه مجدداً، كانت تكره أن تناقشه حول أي شيء متعلقٍ بكريستوفر، لأنها كانت قريبةً منه طوال العشر سنوات الماضية، وكان يمكنها أن تقدر أن آرمور قد أساء له أكثر مما فعل الأصغر.

"لو عرفتُ بذلك في وقتٍ سابق لمنعتُكِ.."

"لا تفعل.." خرجت الكلمة بسرعة ثم تراجعت قليلاً وأضافت بصوتٍ هامس "من فضلك.."

في حالاتٍ مثل هذه، كان يجهل إن كانت حقاً قد بلغت العشرين، فطفلة العشر سنوات التي كانت تلعب الورق مع كريستوفر كانت تشبهها أكثر من ذلك..

"مازلتِ تتدربين حتى الآن؟؟"

"أتغيب عن حصص تاريخ مصاصي الدماء من المدرسة وأذهب لمركز التدريب، هذه الحصص الوحيدة التي لا يحاسبونني بها، يظنون أنني أذهب لأنني غير مهتمة ولكنني كنتُ أقرأ الكتب لاحقاً في المنزل.."

"كم كان عمركِ عندما بدأت ميردا تدربك؟"

"منذ البداية.."

كان غافلاً عن ذلك لعشر سنواتٍ كاملة، ولم يكن بوسعه سوى أن يلوم نفسه، لو كان هناك ما يستحق اللوم عليه، لأنه من كان يذهب لفتراتٍ طويلة ويتركها برفقة ميردا، لم تكن ميردا أمها، وقد نبهه لوسيوس منذ البداية أن الفتاة تحتاج إلى أم، لذا علمتها ميردا ما كانت ستعلمه لأطفالها، أن يكونوا محاربين بارعين من البداية.

 Nuckles land | أرض نوكلس Where stories live. Discover now