-4- جرو

31 8 58
                                    

حركت آيرا الحساء في وعاء الطهو الفضي المتموضع أعلى الفرن الكهربائي حتى بدأت الفقاعات بالخروج من مزيج العدس والخضار، البخار تعالى في وجهها لكنه لم يمنعها من استراق النظر نحو ذلك الذئب الممدد أرضاً على الجهة الأخرى من الغرفة يتنفس بارتياح.

جرحه الأكبر توقف عن النزيف لخياطتها إياه وكم تتمنى ألا يترك تصرفها الأعوج ندوباً مزعجة تعيق حركته أو أثاراً واضحة تشوه من جلده ونمو فروه.

يداها كانتا ترتعشان بشدة عندما قامت بخياطة الجرح فرغم تدريب والدها لها بطريقة عرضية سابقاً وجدت التنفيذ على كائن حيّ أصعب من دمية بلا دم أو إحساس إذ كان الصغير يبكي طوال الوقت وما بين خوفه منها و ما كانت تفعله بدا وكأنه فقد وعيه في منتصف العملية.

أغلقت غطاء وعاء طبخها متنهدة بتعب، لم تستطع النوم إذ أن عقلها يأبى التوقف عن التفكير بشأن ذلك الصغير الذي يرفض الاستيقاظ.

استدارت نحو الجهة الأخرى من الرخامة لتبدأ بدق قرص أبيض مدور بمطرقة خشبية صغيرة إذ حان موعد الدواء.

قامت بإعطائه البارحة مساءً جرعة واليوم صباحاً أخرى والآن ستتوجه لثالثة متخلية عن الإحتياطي الخاص بها من الدواء ففكرة أن تتعفن جروح الصغير لسوء تصرفها لم تناسبها.

"لكن..."
غمغمت بقلق وهي تنقر على فكها بأناملها متجهة بوجهها مجدداً نحو الصغير.
"هل سيعمل الدواء دون طعام مغذي؟"
لا تمتلك المال أو القدرة على شراء حقن المغذيات إذ يجب أن تكون بالغاً لتقدر على شراء مثل هذه الأدوات من الصيدلية.

تحركت نحو صينية اللحم الذي كانت قد قامت بتكويره مسبقاً وتحميره في الفرن لتضيفهم للحساء الذي راح يقوم بالغليان.
متنهدة تحدثت:
"لا خيار سوى طحن الحساء في الخلاط الكهربائي."
ستطعمه إياه كما فعلت بالدواء فليس واعياً وقد تخنقه عن طريق الطعام الصلب.

ساعة يدها قامت بالرنين مدللة على أن الساعة قد قاربت الرابعة عصراً فقامت على مهل بالتسلل صوب ضيفها لتتأمل في مظهره كأم قلقة قبل أن تبدأ بجمع الملابس الملقاة في الأرجاء وترتقي الدرجات نحو الطابق الثاني لتقوم بوضع الغسيل.

متسائلة عن كيف ستقوم بتجفيف ملابسها في مثل هذه الأجواء وآلة التجفيف قد تعطلت مؤخراً وجدت أخيراً فرصة للنظر بأمر الآلة القديمة التي كانت دوماً ما تعاند في تجفيف الثياب وكانت والدتها تصلحها مراراً وكأنها خبيرة في الميكانيك. الأمر المهم هو أن آيرا لم تعبأ يوماً بمعرفة ما الذي يتعطل أو كيف علها تصلحه.
"للدلال ثمن وأنا أدفعه الآن."
تمتم وهي ترفع شعرها خلف رأسها.
قامت بسحب الأنابيب وتفكيك ما يمكن فكه لتكتشف أخيراً أن بقايا الصوف في ملابسهم كانت تتجمع في مجاري الهواء الساخن فتشكل ضغطاً مع الوقت يترك الآلة في حالة استنفار وضغط ينتهي بتوقفها.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: May 07 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

زمـردحيث تعيش القصص. اكتشف الآن