الفصل الثاني

152 16 1
                                    

(( تيروريسموس))

_ الفصل الثاني _

لم يرى منه شيء سوى عيناه التي بمجرد أن التقت بعيناه أصابته رجفة لم يشعر بها من قبل وكأن هناك شبح يقف أمامه بعينان مخيفة ، ابتلع ريقه بخوف بسيط وفي ظرف ثواني سمع همسه في أذنه من خلفه يقول " تيروريسموس" فيلتفت خلفه فورًا فيرى رجل يقف ويحمل بيده بندقية يوجهها نحوه ويستعد لاطلاق النار عليه ولكن بمجرد ما أن رأى الرجل اختفى أيضًا من أمامه ، ليعود نفس الصوت من خلفه يهمس بنفس الأسم فيلتفت ويجد الرجل ومن ثم يختفي مجددًا ، استمر الوضع للحظات وهو يتلفت حول نفسه هكذا بجنون لا يفهم أي شيء حتى وجد شيء ثقيل يضع عليه .
فتح عينه مفزوعًا وهب جالسًا وهو يلهث أنفاسه وكأنه كان في سباق للعدو للتو ، وصدره يعلو ويهبط من أثر ذلك الحلم المريب ، فنظر حوله وجد أنه في إحدى المكاتب بقسم الشرطة وأنس يجلس على مقعده محدقًا به باستغراب هامسًا :
_ مالك ياتميم !!

_ هو أنا جيت هنا إزاي !؟

تعجب من سؤاله بشدة وقال بريبة :
_ سلامتك ياباشا مالك ، احنا جينا القسم هنا من حوالي ساعة بعد ما خلص التحقيق والبحث في الكمين وإنت مددت على الكنبة ولقيتك نمت

أدرك للتو أن ما حدث منذ قليل ماهو إلا كابوس مبهم وغامض لم يفهم منه شيء سوى أنه افزعه في منامه ولم يدعه ينعم بنوم مريح ، فمسح على شعره بعد أن تذكر أنه بالفعل جاء هنا معه وتسطح على الأريكة ومن ثم غط في النوم .
تنهد بعمق ثم قال وهو يعتدل في نومته :
_ هو أنا نومت كتير  !

_ لا حوالي عشر دقايق كدا ، في إيه مالك يابني !؟

هز رأسه نافرًا بخنق ثم هتف بجدية :
_ مفيش حاجة ، قولَّي دلوقتي هنعمل إيه !

تمتم أنس بهدوء :
_ هنبدأ البحث من النهردا عن الباقي منهم ولما نلاقيهم هنستنى أوامر سامي باشا طبعًا

انتصب في جلسته وتمتم بنظرات شبه شرسة :
_ ولغاية ما نلاقيهم هنقعد نخسر في أرواح كدا كل شوية

_ واحنا بإيدنا إيه نعمله ياتميم ماهو بنحاول نلاقيهم وإن شاء الله هنمسكهم

أجابه بتلك الكلمات شبه منفعلًا فيطالعه الآخر مغتاظًا وهو يزأر من بين سنانه ثم يخرج سيجارة من قداحته ويضعها بين أسنانه ثم يشعلها ، بينما أنس نهض وغادر تاركًا إياه تمامًا .

                               ***
استيقظت في صباح اليوم التالى وغسلت وجهها ثم ارتدت ملابسها واستعدت للذهاب إلى مزرعة أبيها الصغيرة لكي تقضي بها بعض من الوقت وتشعر بالهواء النقي بين النخيل والزرع . كانت تدتدي جلبابها الأسود وتضع نقابها على وجهها قبل أن تغادر المنزل  وتخبر أبيها بذهابها وتأخذ إذنه . كانت تمر بين بيوت جيرانها وقريتها تلقي السلام والتحية على كل من تقابله في وجه بشوش استطاعوا رؤيته من خلال ابتسامة عيناها الجميلة ، حتى وصلت إلى المزرعة وفتحت الباب ثم دلفت ودخلت بين الزرع حتى توقفت أسفل نخلتها المفضلة وفرشت مفرش صغير وجلست عليه ، ثم رفعت النقاب عن وجهها لكي تسمح لنفسها بأن تتلقى الهواء الجميل ، ولحظات وأخرجت كتاب الله وبدأت في تلاوة القرآن الكريم بصوت جميل وعذب ، وراحة تعشقها .. ولكن توقفت عندما استعمت لصوت من خلفها بتنحنح برجولة فانزلت النقاب على وجهها فورًا قبل أن يرى ما تخفيه عن الجميع وهبت واقفة بعد أن أغلقت كتاب القرآن الكريم وتطلعت له قائلة  :
_ صباح الخير يافارس

رواية تيروريسموس Where stories live. Discover now