♦ المُقامرة السادسة ♦- نباش القبور-

2.4K 193 74
                                    

♠ المُقامرة السادِسة ♠

_ بـِعُنوان:   نباش القبور.

المكان:  السيرك الروماني القديم
التوقيت:  قبل شروق الشمس بـِ ساعات

وفجأة توقف الجميع عن الحديث،  ونظروا تِجاه الثُلاثي الواقِف مُرتبِكًا ومُرتچِفًا مِما حدث..  تحرك الرجُل ذو القِناع الأسود على عينيه تِجاه الساحِر،  لـِ يُصفِق الأخير بـِ يدهُ وفچأة تشتـ|عِل الأضواء،  يُغلِق إياس عينهُ إثر الضوء الشديد المُتسلِط عليه،  ويحتمي غالي ومهد خلفهُ من الضوء ومِن ريب الموقِف
تقدم الرجُل المُقنع تِجاههُم ثُم إبتسم إبتسامة صفراء وهو يقول:  إياس علي خطاب،  كُنت مراهِن على حضورك ولـِ ذلِك..  جهِزت القِلادات بـِ أساميكُم وتواريخ ميلادكُم.
نظر إياس لـِ عين الرجُل قليلًا،  فـ هاب الأخير مِن ذلِك وتحرك بعيدًا وهو يلتقِط صحن حلوى مُلو|ثة بـِ الدِ|ماء ويغرِز الشوكة بِه،  ثُم بـِ لذة يتذوقُه.
إياس بـِ صوت خرج ثابِتًا مُستغرِبًا:  يعني وجودي هِنا أنا وصحابي مِش صُدفة دا مِترتِب!  كُنت حاسِس مِن مُستأجِر العربية الغريب اللي أصر،  إصرار تام إنه يرجعلي العربية وأستناه في المعرض،  هو فين بقى؟  .
لم يحصُل على إجابة مِنهُ،  بل إبتسامة صفراء أخرى تُجزِم أن كعكة ميلادُه قُطِـ|عت بـِ الأمس،  شعر إياس أنهُ يختـ|نِق كُلما إكتشف أمرًا،  لـِ يُفاچِئهُ المُقنع قائِلًا:  السيدة روفيدة والدِتك،  سِت عظيمة بـِ الفِعل..  كانت لفتة حنونة مِنها تفريق أكياس لحـ|مة بـِ مُناسبِة المولود الجديد.
ذُهِل إياس من كيفية معرِفة ذلِك الرجُل لِما حدث في المنطِقة! وركز نظرهُ عليهِ مرة أُخرى لـِ يلتقِط الرجُل كأس خمـ|ر ويقول:  متستغربش،  إحنا لينا عين مُهمِة في المنطِقة٩٠، عشان كِدا متستغربش من معرفِتنا لأمور كتير.
حل محل التوتُر في قلب وعقل إياس،  غِربان الشك،  كُلًا منهُم ينعق بـ إسم شخص مُختلِف مِن سُكان المنطقة
أفاق مِن شرودُه مُخاطِبًا ذلِك الرجُل ثُم قال:  أنا عاوز أخرُج مِن هِنا،  هل في مانِع؟
الرجُل بعد ما جلس على مِقعد قريب مِن الطاوِلة:  إطلاقًا!  لكن هتخرُج بنفسك محدش فينا هيساعدك.
إياس بـِ تساؤل:  مش فاهِم؟ 
قام المُقنع ووقف وخلفهُ الساحر والمُهرجون وفتيات السيرك،  وقال:  يعني دور على المُفتاح،  بعدها الباب..  بعدها إخرُج،  لكن ملحوظة صغيرة..  لما نعوزك تاني هنعرف نجيبك.
إياس بـِ سُخرية:  والله لو فتحنا مُستشفى ولادة في المنطِقة ٩٠، ما ههتم العيال دي هيكون مصيرها إيه.
إبتسم الرجُل بإستِهزاء وقال:  سهرة سعيدة.
صوت خطواتهُم على الأرضية القديمة وهُم يرحلون أصاب إياس وأصدقاؤه بـِ القشعريرة،  همس غالي لـِ إياس قائِلًا:  هُما هيمشوا عادي كِدا؟  مفيش حد فيهُم هيقولنا فين المُفتاح!
كانت هُنالِك فتاة لازالت واقِفة،  تجمع الطعام المُلوث من على الطاولة،  كانت ترتدي ثوب قصير للغاية،  مُزركش بالأبيض مِن الحواف والأكمام،  ولونهُ أزرق..  كـ لون شعرها
إقترب مِنها إياس مُتجنِبًا النظر إلى الجُـ|ثة وقال بـِ نبرة غزل:  بقولك إيه يا توت يا أزرق،  ما تقولنا نعمل إيه عشان نُخرج مِن هِنا.
توقفت الفتاة عن جمع الأغراض،  ثُم ببرود أفلتت الأطباق من يديها لـِ تتهـ|شم أرضًا
ذُعِر إياس عِندما رآها تبتسِم وقالت:  شوف الأوض في الإتجاه الغربي،  ركز على الأسامي اللي مكتوبة على الباب.
إياس بـِ تركيز شديد:  وبعدين؟
لكِنها لم ترُد عليه،  بل تركتهُ وذهبت في ذات الإتجاه الذي خرج منهُ البقية،  وضع إياس أصابعُه بين خُصلات شعرُه وهو يدور بـِ عينيه في المكان،  نظر للجانب فـ وجد ممر بِه ضوء خافِت،  وقرر أن يقترِب منهُ هو ومهد وغالي،  وبينما هُم يسيرون بـِ حذر داهمهُم صوت فتاة كانت تجلِس على الجانِب مُتربِعة أرضًا وهي تقول:  مُفتاح الخروج في الأوضة رقم ٢ في الصف الشِمال مِن الممر.
إبتسم مهد بـ أريحية بعد ما أفادتهُم تِلك الفتاة بـِ هذه المعلومة،  أما إياس فـ تجاهلها تمامًا بعد ما سمِع مُساعدتها لهُم وتحرك حتى يصِل لِـ الغُرفة،  وصلوا أمامها أخيرًا،  كان باب خشبي بـِ اللون الأسود عتيق،  ومِقبضهُ مِن النُحاس الباهِت،  يتوسطهُ زُجاج مُغيم،  ملامِح الغُرفة مِن الداخُل غير ظاهِرة،  في مُنتصف ذلِك الزُجاج كُتِب بـِ اللون الأسود  " ليديا- 1994"
تنهد إياس وهو يقرأ الإسم والتاريخ،  وضع يدهُ على مِقبض الباب في مُحاولة لـِ فتحُه ولكِنهُ كان مُغلق!  بـِ المُفتاح
ركل إياس الباب بـِ قدمُه بـِ غضـ|ب،  قال مهد بـِ ضيق:  هي البت دي بتستظرف ولا إيه؟  هُما بيلعبوا بينا هِنا!
مد إياس يدهُ مُجددًا لـِ مِقبض الباب وهو يُحاوِل فتحهُ عُنوة،  قال غالي مصدومًا:  إنت هتُكـ|سر الباب ولا إيه؟ 
نظر لهُ إياس وهو لا زال يُحاول إقتلاع الباب:  عندك
حل تاني!  هُما مقالوش شروط.
بينما يحاوِل إياس جاهِدًا فتح الباب وجد يد رقيقة فوق يدهُ،  حرك رأسهُ لـ يرى الفتاة التي كانت تجلِس مُتربِعة ودلتهُم على الغُرفة،  صدرهُ كان يعلو ويهبُط من المجهود الذي بذلُه ومِن تِلك اللِعبة العبثية التي يُمارِسونها عليه،  قطعت الفتاة حبل أفكارِه وقالت:  التفكير أفضل من التسرُع.
قبض إياس على مِعصم يدِها وهو يقول:  مش عاوز أفكر ولا ألعب،  كلامي واضِح أنا عاوِز أخرُج مِن هِنا! 
الفتاة بـِ هدوء وبرود:  من شوية قولتلك مكان الأوضة،  واللي قبلي قالِتلك ركِز على الأسماء اللي مكتوبة على الأبواب.
إياس بـِ غضبِه المعهود:  ماشي عرِفنا ليديا،  وبعدين؟
الفتاة ببرود:  المُفتاح معاها،  في السِلسِلة بتاعِتها.
غالي بـِ تدخُل:  تمام هي فين عشان تيجي تفتحلِنا الأوضة؟ 
صوت أخر إقتحم حديثهُم،  كانت فتاة مائِلة بـِ جسدِها على الباب الأخر وشعرها الطويل يِلامِس الأرض،  وقالت بـِ صوت مُتزِن:  ليديا ميـ|تة.
رفع إياس حاجبيه ولوى فمُه وهو يقول:  والمرحومة معاها المُفتاح؟  مش مُمكن على السهولة،  يعني إحنا المفروض نشوفها في الحِلم وناخُد مِنها المُفتاح !
الفتاة التي كانت تتحدث معهُم في البداية:  لا هي مد|فونة هِنا،  المقا|بر ورا الباب الصفيح الإسود دا.
إلتفتوا الثُلاثي إلى البوابة التي أشارت إليها الفتاة،  إستنشقوا نفس عميق قبل أن يُقرِر إياس أن يتقدم لها وخلفهُ مهد وغالي..  ساروا بـِ خطوات حذِرة للغاية
حتى مد إياس يدهُ وحاول جر البوابة وتحريكها حتى تُفتح،  لكِن صدأ الحديد في البداية أعاقهُ
نجح أخيرًا بـِ مُساعدة مهد وغالي في فتحِها..  ثُم إجتازوا الحديقة الغريبة وصاروا في مُنتصفِها
بعدها،  أغلقت الفتاتين البوابة مرةً أُخرى خلفهُم،  لـِ يجِدوا نفسهُم مُحاطين بـِ أرضية مُتناثر عليها الرِمال،  ورائِحة البرد..  وأوراق نباتات ذابِلة تنجرِف تحت أقدامهُم
رفعوا أعيُنهُم لـ يروا جيدًا،  مقابِر ذات أحجار سوداء،  كُتِب عليها بـِ اللون الأبيض
وورود ذابِلة فوقها،  وتماثيل إغريقية قد تأثرت بـِ العوامِل الجوية..  جميع التماثيل تنظُر للـِ الأسفل،  في إشارة إلى أن جميعهُم أسفل التُراب
أثار رُعبهُم صوت رجُل عجوز يقول:  عاوزين حاجة مُعينة؟ 
إلتفت لهُ إياس لـِ يجدهُ كهل قد تسارع البياض في أن يسكُن خُصلات شعرُه المعدو|مة،  وذقنهُ رثة ما بين الأبيض والرمادي،  ناهيك عن الحدائِق السوداء أسفل عينيه
قال لهُ إياس:  الراجِل اللي جوا اللي لابس على عينُه ماسك إسود قال..
قاطع العجوز إياس قائِلًا:  قصدك فريدريك؟  إنت قابلتهُم جوا؟
إياس بـِ تضييق عين:  فريدريك!  أه،  هو مش مصري؟
سحب الرجُل نفس أخر من سيجار كان يُمسِكهُ بـِ يدهُ ثُم سعل سعلة أشبه بـِ خروج روحه وقال:  لا مصري عادي،  بس من بعد الثمانينات والناس بقت تسمي عيالها أسامي تجيب المر|ض،  قالك محتاج تحفِر؟
إياس بـِ ذهول:  هُما قالوا المُفتاح مع ليديا وقالوا إن ليديا هِنا!
ضحك العجوز بـِ سُخرية وقال:  يبقى هتحفُر، يعني حيلي هيتـ|هد إنهاردة عشان أنظف وراك.
إزدرد إياس لُعابه،  أما مهد وغالي كانوا يقرأون الأسماء المنقوشة على حجر القبو|ر.
إقترب العجوز وهو يُمسِك بـِ يدهِ أداة الحفر وقال:  خُد الكوريك اليدوي أهو،  شوف إسمها مكتوب على أنهِ قبـ|ر وإحفُره خُد اللي إنت عاوزُه..  لو إنت من الرجالة إياهُم وعاوز تتمتع،  نقيلك القبـ|ر اللي عليه ورود طازة.. دي بتبقى لحمها لسه فيها مش هيكل عظمي،  وهتمتعك.
إتسعت عينا إياس صدمة وهو يقول:  مش فاهِم!
قال غالي بـِ ضيق مِن كُل ما يحدُث:  لا هو قصده يقولك لو بتحب النيكتو|فيليا يعني *

♦ مُقامِــر المحبة ♦Where stories live. Discover now