" أول صليب "

46 24 10
                                    

عزيزي المسيحي، علك ظننتَ أنني نسيتكَ ولم أخاطبكَ أبدًا، ولكنني حين ناديت على أحدهم قلت :" العرب " وأنت عربي كذلك، كما أني تركت فصلًا كاملًا لكَ وحدك، إنك عزيزٌ أيضًا.
لن أحدثكَ كراهب أو غيره، لستُ راهبًا من الأساس، ولست علي دراية عالية بالمسيحية، لكن عرفت عددّا جيدًا من المسيحيين في حياتي، لا تنتظر مني أن أخبركَ أن كل المسيحيين هم حليب صاف، كلا لا يمكن، لا يوجد إنسان كامل الحُسن عدا الأنبياء، لقد وجدت منهم من كرهني لمجرد أنني على غير دينه، بل وبعضهم كان كاذبًا وسيئًا للغاية، على الجانب الآخر وجدت منهم من كانوا طيبين، مسيحيين بحق، أتذكر، في الإعدادية وحين كان الأساتذة يدربوننا على إخلاء المدرسة في حالة الحريق، أشعلوا حينها نارًا علي سطح المدرسة ولم يخبرنا أحد أنه مجرد تدريب، ضمتني صديقتي "جيسيكا " وبقينا هكذا نبكي حتى فرقنا الأستاذ قائلًا بأنه مجرد تدريب، لقد جلست أنا وهي بعدها نضحك حوالي الربع ساعة، لقد جُننا تمامًا.
ولربما سمعتُ كلمات عن المسيحية من أصدقائي المسيحيين، صدقًا لا أتذكر الكثير، لكنني أتذكر شيئًا مهمًا أخبرتني به جيسيكا أن اليهود هم من تسببوا بصلب عيسى عليه السلام، بطريقة غير مباشرة تقريبًا، لا أعرف، أنت أدرى مني يا عزيزي القارئ.
في الإسلام، أخبرنا القرآن أن أخوة يوسف حاولوا قتله، واللّٰه إنني لأبغض فعلتهم لأن أنفسهم سولت لهم ذلك، فَتُرى عزيزي المسيحي، كيف تشعر وقد قتلوا رسولكَ فعلًا ؟.
سأخذكَ معي لأرض الزيتون، فلسطين، ونزور سويًا يا صديقي بيت لحم، ألا وكمسيحي تشتاق نفسك لرؤية مهد رسولك؟، هنالك وُلدَ عيسى عليه السلام.
فلسطين ليست حربًا للمسلمين فقط، بل حربُ كل حي لديه عقل، قلب، إحساس، ضمير، هي حرب كل إنسان، مهما كانت ديانتك، فإن كنتَ إنسانًا فأنت فلسطيني معرض في أي لحظة لسقوط قنبلة فوق رأسك، معرض لأي لحظة بأن تشاهد عائلتك وكل من تحب ممدًا على طاولة ومغطى بكساء أبيض، مقطر بلألأ دموية.
حتى وإن كنت يهوديًا، فطالما أنت مع الحق ولم تؤذني، فلا ضرر ولا ضرار، ولكن أن تكون يهوديًا تنام في بيت فلسطيني مسروق وتحتل أرضًا ليست ملككَ ثم تررد بأن الذنب ليس ذنبكَ وأنكَ خاضع لحكومتكَ، فإنك كالتابع الذي أمسك السكين للقاتل ريثما يخفي جثة المقتول.
عزيزي، مهما كنتَ وكنتُ أنا، مسلمًا، مسيحيًا أو أي دين أخر، أسودًا، أبيضًا، عربيًا أو لا، وكنت إنسان يفقه فأنا وأنت فلسطينيون، لا اعتراف بأي دولة لا تعترف ببيت المقدس.

زيتون الأقصىOnde histórias criam vida. Descubra agora