١٠- القاتل من يكون؟

166 20 4
                                    

دلف إلى مقر عمله بخطى أثقلتْها الهموم على عاتقه، سار في الممرات ببطءٍ يكتفي فقط بإيماءة رأسه لمَن يحيونه حتى وصل مكتبه فألقى عليه حارسه التحية وفتح له الباب ثم أغلقه من خلفه بهدوء، بينما وقف "أسامة" مكانه يطالع ذاك الجالس أمام مكتبه ينظر له ببرود بحاجبين مرتفعين أثر الدهشة.

اتجه ليجلس على كرسيه وعيناه ما تزال تتفحص ذاك الغريب والملابس السوداء التي يتلحف بها بفضول، اقتحمتْ عقله الكثير من الأسئلة أبرزها كان؛ إن كان ثَمة من ينتظره بالداخل فلِمَ لمْ يخبره الحارس بذلك؟

تنحنح ذاك الغريب قائلًا ببسمة باردة:
_أوناس.

نظر له "أسامة" مستنكرًا وأخذ يردد داخله: أو.. ماذا؟ هل هناك من يحمل اسمًا كهذا؟ أيسخر منه أم ماذا؟ باعد بين شفتيه وقبل أن ينطق كلمة كان ذاك المختل -كما أطلق عليه بعقله- يقول بنبرة مستفزة:
_أنا حبيب لابيس أو بالأحرى منار؛ الفتاة التي تعمل جاهدًا على حل لغز قضيتها.

توقف عقله عن العمل، أي "لابيس"؟ وأي "منار"؟ وأي قضية؟ عمَّ يتحدث هذا المختل؟ كان ينظر له بينما عقله شاردٌ في هذه الأسئلة فطالعه "أوناس" ببرود وأخذ يقص عليه كل شيءٍ بالتفصيل عدا عن ذكر أن لها نسخة أخرى واختتم حديثه مشيرًا لباقة الزهور التي لم ينتبه لها "أسامة" مخبرًا إياه أن يعطيها لها متى يلقاها..

أفاق "أسامة" من شروده على سحب "لابيس" الزهور من يده بعنف وإلقائها أرضًا ثم دعستْ عليها بقدمها بوحشة حتى دمرتها تمامًا، من يراها هكذا يكاد يجزم أنها لمْ تحب تلك الزهور يومًا وهي من كانت تعشقها كل حياتها!

رفعتْ رأسها له تلهث من فرط انفعالها وثورتها ثم طالعته بنظراتها الغامضة المخيفة التي دائمًا ما رمتْه بها في بداية تعارفهما واختفتْ من المكان دون إضافة كلمة فهمس بابتسامة متسعة:
_ها قد عادتْ قطتي الشرسة..

_______________

على الجانب الآخر توقفتْ الكلمات بحلقها لمّا ناداه أحد الحراس، أخذه جانبًا ليخبره بشيءٍ ما فأخبرها أن عليه الذهاب وتركها ورحل ليلمحها بعد قليل من إحدى النوافذ تخرج من القصر رِفقة "أوناس" وهو يمسك بيدها!

تابعها بنظراتٍ حادة مشتعلة حتى اختفتْ عن ناظريه ثم إتجه للبهو وهو يلعن نفسه سرًا؛ كيف طلب منها مرافقته؟ كيف نسى هويته ومَن يكون وانساق خلف انجذابه لها؟ لِمَ هذا الألمْ الذي ينخر قلبه؟ ولِمَ تسارعتْ نبضاته بهذه الطريقة؟

خرج سريعًا من القصر متجهًا للحديقة قبل أن ينفجر أمام حاشيته، سار ذهابًا وإيابًا ثم توقف فجأةً ولاحتْ على شفتيه بسمة مرعبة بحق!

|معبد الكرنك|

توقفتْ "منار" عن التحرك وسحبتْ يدها بعنف من يد "أوناس" الذي أخذها من القصر عنوةً بحجة أن هناك شيئًا مهمًا عليها أن تعرفه وللحق هي غير مرتاحة، تراجعتْ للخلف خطوتين صارخةً في وجهه بحنق ونبرة مرتجفة:
_بربك أوناس ماذا تريد؟

أيام الثأر الدامية✓Where stories live. Discover now