زهرةُ الكِستناء

80 9 43
                                    

«بينَ غياباتِ الحُزنِ كانَ فؤادي غارِقاً يستغيثُ وما كانَت إغاثَتهِ سوىٰ عيناكِ التي باتَ بِها مُتيماً»
.
.
.
.
الهدوءُ سيدُ المكانِ والظلامُ حالِكٌ
هاهي الرياحُ تعصِفُ خارِجاً لِتُداعِبُ أوراقِ الشَجَرِ النَديه إثَر قطراتِ المَطَرِ التي تساقَطَت عليها مُنذُ قليل

إستَقمتُ مُتوجهِاً نحوَ النافِذَةِ لأنظُرَ إلىٰ السماءِ لِأرها مُتلَبِدَةً بغيومِها الرماديَه كانَ منظراً خلاباً لطالَما أحببتُه، لا يُحِبُ البعضُ كونَ الغيومُ تحجبُ لمعانِ نجومِها ولكنِ لطالَما أحببتُ إحتوائِها لِتِلكَ النجومِ التي تتلألأُ وإحتوائها لِلقمرُ بينَ طياتِها لتُخفي ضوئهُ تارِكةً بصيصاً مِن نورِهِ يزيدُ سماءَ الليلِ جمالاً

ها هي ذي تترُكُ العنانِ لأماطرِها لِتتساقَطَ مُجدَداً مُصطحِبةً معها هذهِ المره بعضُ الثلوجِ البيضاءِ التي تكسو الأشجارَ جاعِلةً لها منظَرٌ خاصاً بأجواءِ الشتاءِ فقَط

وكالعادَةِ توجهتُ نحو الكمانِ لأحتَضِنهُ بينَ أنامِلي مُغمِضاً عيناي لِتبدأَ اوتارَهُ بالحديثِ عمَّ يجولُ بِخاطِري

إبتِسامَةً نَمَت علىٰ شفتاي ما إن أتَت صورتَها أمامي زهرَةُ الكِستِناءِ ما أبهاها بعسليتاها التي قد أسرَت فؤادي، ملامُحها الغاضِبَه التي جَعلتني أهيمُ بِها كَم ودَدتُ لو أنَني بقيتُ أُناظِرُ معالِمُها الفاتِنَةِ دَهراً بِلا كلَلٍ ولا مَلَلٍ كَم أتمنىٰ لو يكونَ القدرُ بِنابِضي رحيمٌ ويجعَلُ عينايّ تُبصِرُها مُجدداً

أنهيتُ مَقطوعَتي لِأُفرِقَ بينَ جفناي ليُخيَل ليّ هيئتُها أمامي لازالَت عالِقَةً داخِل عقلي حتىٰ باتَ يصوِرُها وكأنها واقِعٌ

ولكِن حينَ أغلَقتُ عيناي وفتحتُها مُجدداً رأيتُها لازالت تُناظِرُني بِعسليتاه أدرَكتُ حينها أن هذا ليسَ طيفُها بل كانَت هي بكيانُها

تَقِفُ وهي تُنظُرُ إليّ بِأعيُنٍ أرهَقها الذبولُ وجسَدُها الذي أغرَقتهُ الأمطارِ بِقطراتِها البارِدَه

لَم تُزِح عسليتاها عَن خاصَتي ولَم أجرؤ أنا علىٰ فِعلِها حتىٰ

كم تمنيّتُ لو يتوَقَفُ الزمانُ في هذهِ اللَحظَةِ لِأظَلَ أسيراً لعيناها، ولكِن القَدَر لَن يكونَ بِجانِبي في كُلِ مَرَةٍ فلَقَد صدَحَ صوتُ أحدُهم جاعِلاّ زهرَةُ الكِستِناءِ ترتَعِدُ خوفاً

"لقَد رأيتُ أحدُهُم هُنا أنا واثِقٌ مِن ذلِك"

ناظَرَتني بِأعيُنٍ غلفها الخوفُ ما إن تردَدَت كلِماتُ الحارِسَ علىٰ مسامِعها لِأُهروِلَ تارِكاً الكمانِ مُتجِهاً إلىٰ الأسفَل، مِن حُسنِ حظي أنَ والِدَتي العزيزَه لَم تُعاقِبُني اليوم لا أعلمُ هل عليّ شُكرِها أم لعنُها

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Mar 20 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

عازِفُ الكمان//Violinistحيث تعيش القصص. اكتشف الآن