حقد تفجر

69 26 16
                                    

" عندما يؤذينا القدر نحتاج لصب أذانا على البشر "

تصلب فؤاد " بسمة " من هول ما رأته من حقائق أليمة حرص والدها الفقيد على إخفائها عنها فارتخت قدماها وهوت على الأرض قرب باب المطبخ والدموع الحارة تنهمر على وجنتيها الباردتين وبداخلها لهيب حارق يوجع فؤادها ويؤنبها على غفلتها التي أغرقتها في تقصير كبير ، فياليتها علمت بالأمر قبل وفاته لإنقاذه !

ظلت " بسمة " طوال الليل تبكي وتشهق نادمة على غفلتها وإهمالها لأمر والدها مع أنها كانت ترى بوضوح تهميش والدتها وتعذيبها له ورأت كيف قام
" سمير" بخداعه و كم قد سمعت من لسانه انهزامه والقهر الذي ألحقه به صديقه المقرب لكن رغم كل هذا لم تتوقع أن يصل بهما الأمر للتفكير في تعجيل موته !

إرتفع صوت الأذان الحاني معلنا أوان صلاة الفجر ، بعد أن أدت فريضتها شعرت أن إحساسا بداخلها يدفعها لتفتيش أغراض والدها فلربما تجد شيئا يوقنها بيد والدتها في وفاته فشرعت تفتش وتنقب لكنها لم تعثر على شيء حتى لفت انتباهها صندوق أدوية والدها !

لم تتردد " بسمة " في فتح الصندوق وتفتيش كل علبة دواء على حدة !

إنصدمت " بسمة " وانقبض نفسها الثقيل لما وجدت أن لوائح الحبوب بعلب أدوية السرطان كانت مسكنات ألم خفيفة لا علاقة لها بالطاعون أبدا !

شعرت " بسمة" بدقات قلبها تتسارع من الهلع وكأنما فؤادها يكاد ينفلت خارجا من قعر صدرها فبدأت تفتح علب الأدوية في ذهول وجلبة فتبين أن كل لوائح الحبوب كانت مسكنات !....أي أن أحدا ما قد قام باستبدال لوائح الطاعون بالمسكنات وكل الأدوية التي كانت يتناولها والدها في أيامه التي اشتد فيها عليه السقم لم تكن من وصفة طبيبه بل كانت مجرد مسكنات ألم !

تشنجت عروق أوصالها وتشتت انتباهها وشعرت فجأة أن العالم صار ينقلب عليها من شدة الدوار الذي ألحقته بها الصدمة الطاعنة وارتخت أطرافها فقد كانت وفاة والدها حادثا مقصودا !

نهضت راكضة نحو حجرة والدتها فخنقها البكاء بعد أن تذكرت والدها وكيف كانت حالته تسوء يوما بعد آخر وكيف بدت حالته مزرية ومقهورة في آخر أيامه بعد أن أصبح التنفس أمرا مستحيلا وهو بين يدي الموتينهش منه قضمة قضمة !

تغلغل الحقد بقلب " بسمة " واندلعت تنهيداته الغارقة بدموع الندم فدخلت حجرة والدتها النائمة وفتحت خزانتها في جلبة وغضب ورمت بكل ملابسها وعلبها وأغراضها وأفرغت كل دولابها ودرجها حتى وصلت إلى صندوق أموالها فاستفاقت والدتها " تيا" بوجه مكفهر وعيون متوذمة قائلة بصوت غاضب ثقيل :
- مابك يا مجنونة؟؟؟... هل عادت إليك نوبة الإضطراب في هذا الصباح الباكر ؟؟؟؟

 هل عادت إليك نوبة الإضطراب في هذا الصباح الباكر ؟؟؟؟

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.
🌸 الملاذ الملكيRoyal Haven🌸Where stories live. Discover now