الفصل الأول

706 29 9
                                    

نوڤيلا جديدة ومختلفة جداااا . يالا ورونى التفاعل .
نصف جميلة

وكنت أنت لى قدرًا وكنت أنا لك النصيب. وكنت أنت لى عشقًا وكنت أنا لك الحبيب.وكنت أنت لى داء وكنت أنا لك الطبيب. وكنت أنت لى كالماء وكنت أنا لك اللهيب . فلا تكن قدراً موجعًا،ولا عشقًا خادعًا،ولا دواءً لاذعًا،وكن ماءًا رقراقًا عذبًا يطفئ لهيب عشقى فأنا بعشقك لازلت  طامعًا.
#خواطر
#سلوى عليبه
الفصل الأول ..

لم يكن لى يد بما يحدث لي .فلقد كان قدرًا راضية به أنا.ولكني أبدا لم أسلم من نظرات الجميع وكأن مايحدث لى بملئ إرادتي. إعتزلت العالم حتى يتناسوا وجودي. وهيهات إن حدث هذا .فالجميع لا يسأل الا عليّ أنا وكأن محبتهم قد زادت ولكنها لم تكن أبدا محبة بل كانت شفقة أو كما يقولون " شماته" . 
من أنا ؟ كما يقولون لكل حظ من إسمه أو عكسه .وكنت أنا من كانت لها حظ من إسمها بأول حياتها وبعكسه الآن .فكيف ذلك؟ سأروي لكم :
أنا جميلة ليست صفة ولكن إسمى هو" جميلة" وقد كنت كذلك جميلة الوجه والخلق . الجميع كان يضرب بى المثل فى كل شئ وفوق ذلك متفوقة بدراستى .أى كنت كما يقولون الفتاة المثالية . حتى أن بعض أقاربي كانوا يخافون من وجودي فى التجمعات حيث أنى سأخطف الأنظار ولن يهتموا بأى فتاة أخرى. ولأن كل ذي نعمة محسود وكنت أنا والحمد لله فى نعمة فأصبح الآن وقت الإبتلاء .
أصبت بمرض البهاق والحمد لله ولحكمة يعلمها الله أتى فى نصف وجهى والنصف الآخر كما هو وكأن ظل ليذكرنى كيف كان شكل وجهي قبل هذا المرض . ومنذ تلك اللحظة ورغم رضائى بقضائى ومن أنا لأعارض إبتلاء جاء ليطهرني .ولكن كان للجميع رأى آخر .منهم من أبتعد عني حتى اصدقائى ومنهم من ينظر لي وهو مشفق عليّ دون أى مراعاة لمشاعر قد يحطمها تأملهم المستفز لي . حتى أن هناك من نصحنى بإرتداء النقاب .ورغم عدم معارضتى للفكرة لو كانت الظروف مختلفة الا أنى رفضته رفضًا تامًا تلك المرة .فأنا لن أرتديه لكى أخفى وجهى لما به من مرض .فارتدائي له من وجهة نظري بوقت كهذا هو إعتراض على قدري ،وأنا لست معترضة ،بل حامدةً لله على فضله . فرغم صعوبته إلا أنه أظهر جميع من حولي حيث لم يتبق غير من أحبني بصدق وتعامل معي لجمال خُلُقي وليس جمال خِلقتي.
ياجمييييله ،انت يازفته .
أغلقت مذكراتي لأرد على صديقتي المقربة أو الوحيدة التى ظلت بجواري بعد ما حدث معي "تقوى" كالعادة فأنا أعلم ماتريده فهى تريد أن نخرج معًا . تعمل دائمًا على إخراجي مما أنا فيه .وصدقًا أنا لا أرفض فأنا لا أحب الإعتزال او عدم المواجهة.
نععععم يا بنتى فيه إيه ؟ هكذا أجبت عليها بعد خروجى من غرفتى .
إبتسمت فى وجهي وهى تقول: ياختى على العيون القمر دى . ما تسلفيهوملى لفة وحياة أبوكى ياشيخة.
ضحكت بشدة عليها وأنا اقول: يابنتى دى الحاجة اللى فاضلة فى وشى مظبوطة عايزه كمان تاخديهم .
إقتربت مني لتأخذنى بأحضانها دون كلام . أتعلمون شيئًا فأنا أقول لها هذا لكى تحتوينى بهذا العناق،فأشعر به بحنان فائض وكأنها تداوي جراحي ، تروي صحراء قلبي المقحلة من سخرية الجميع سواء بكلماتهم أو بأعينهم .
وكعادة كل مرة عندما نخرج . نجد من السخرية والضحك أحيانا والقليل من النظرة التى تشعرك بالحب .
جلسنا بمقهى على النيل عندما أتى الينا النادل فهو يعرفنا منذ أيام الجامعة . أحضر ماطلبناه عندما سألتنى تقى فجأة: جميلة إيه رايك لوتشتغلى ؟
نظرت إليها بسخرية : لا والله .وده إزاى حضرتك .انت عارفه انى من اوائل دفعتى وواحده كورسات ورغم كده محدش راضى يشغلنى .
أجابتها تقى بحماس : بصي فيه مركز طبي كبير للعلاج النفسي وعايزين وجوه جديدة وشابة وعندهم حماس وطرق جديدة للعلاج .وانت ماشاء الله عليكِ .ايه رأيك؟
نظرت إليها بتردد وأجبتها بخفوت: طب ازاى هيقبلوا بيّ وأنا كده .
ربتت على يدى وهى تبتسم بثقة: تعرفى بقه انك وانت كده هتتقبلي بسرعة .لأنك انت نفسك هتكوني علاج لما حد يشوف صبرك ورضاكي باللى انت فيه وانك متقبلاه ،ساعتها انت نفسك هتكوني علاج ليهم ولحالاتهم .
إنتهينا من النزهة وكل رجع لمستقره إلا أنا .فرجعت بجسدى ولكن عقلي مشغول بما أخبرتنى به تقى .
جلست بغرفتي وأنا تنتابنى الحيرة . دق بابي ومن غيره والدي الحبيب والذى يعرفني من نظرة عيني وبالتأكيد علم أن هناك شيئا بداخلي.
فتحت بابي لأبي وأنا أرتمي بأحضانه فكما يخبرني دومًا أن هذا مكاني ولن يأخذه أحد .
أخذنى من يدي ليجلس بجواري على تختي وهو يقول : هاه مالك بقه؟
أخبرته بما أخبرتني به تقى . فنظر إليّ بحب وقال: وانت ايه رأيك؟
أجبته بحيرة : مش عارفة .محتارة وخائفة .
تنهد بقوة وقال: أكلمك بصراحة.
أومأت إليه دون كلام .
فأكمل بتأثر: كنت دائما بخاف عليكي بسبب جمالك .وفى نفس الوقت بتباهى بيكى وسط الكل .مش عشان شكلك جميل لا عشان أخلاقك اللى لما الكل بيتعامل معاكى يقول يا زين ماربيت يا سامي  بنتك جميله رغم جمالها وأخلاقها لكن متواضعة وبتحب الكل وروحها زى العسل. ضحك للذكرى وقال: كنت برد وأقول ماهى عسل فى كل حاجة .
زفر بهدوء وقال: لغاية ما حصل معاكى اللى حصل .كنت خايف عليكى لتقعي بس كالعادة اثبتي للكل انك مختلفة لما واجهتي وكملتى الدبلومة بتاعتك وكمان الماجستير .بس اللى زعلنى انك بتواجهي الكل الا عيلتك .بتهربي منهم . ويمكن الشغل ده جه فوقته عشان تطلعي وتكملي حياتك العملية وتثبتي للكل انك مفيش حاجة غيرتك ولا هزتك وانك فعلا راضية بقضاء ربنا .
إغرورقت عيناي بالدموع وكيف لا أفعل وانا أمام هذا الكم من الحنان والثقة . نظرت لعيني أبي وأخبرته بهدوء: أنا فعلا بواجهة الكل ماعدا عيلتي لأنهم المفروض هم اكتر ناس تقف جنبي .لكن يابابا العكس هو اللى حصل .وأديك شفت حتى خالتو اللى كانت دائما تطفش أى عريس لأنى هكون للدكتور نائل إبنها ومجرد ما حصل كده ليا اتنصلت من الكلام وقالت أصل نائل هيسافر ومش عايز يرتبط دلوقت .ضحكت بسخرية وأكملت : وفوجئنا كلنا أنه خطب قبل مايسافر واهو دلوقت اتجوز ومراته حامل .يبقى عايزنى اواجهم ازاى بس .
دخلت والدتى هى الأخرى وأخذتنى بأحضانها وقالت: أنا سمعت كلامك بس احب اقولك أن أنتِ اللى خسارة فى نائل أبو ضب ده .
ضحكت على كلامها وكذلك ابي .فأكملت أمي : انت هتوافقي على الشغل ماشى .مش بنتى اللى تستخبي وكمان مالك مانت زى القمر أهو فيكِ ايه يعنى .شوية بقع فى جنب وشك اليمين وإيه المشكلة .يابنتى اللى ميحبش روحنا وأخلاقنا قبل شكلنايبقى ملوش لازمة فى حياتنا.
نظرت لأبي ولأمي ،هل يوجد مثلهم فى هذه الحياة لا أعتقد .فاهتمامهم الوحيد كان منصب عليّ أنا وأخي وبعد سفر أخى واستقراره خارجا فأصبح كل اهتمامهم بى .فأنا اعشقهم وبشدة .
ها أنا ذا أقف بين يدي خالقي .اساله المشورة كما عودنى أبي . صليت إستخارة بعد أن أديت فرضى ثم قرأت وردى من القرآن الكريم وذهبت فى ثبات عميق .
وها أنا أمشى بطريق به شوك ولكن هناك بابًا امامي فذهبت إليه وطرقته حتى فتح لي شخص لا أعرفه ولكن ماهذا الجمال .فإن كان هو هكذا فكيف كان جمال يوسف عليه السلام . لم ينظر إلي ولكنه اتجه داخلا فدخلت خلفه حتى جلس على مقعد أثير فاقتربت منه ومددت له يدي ولكنه لم يلتقطها فمددتها مرة أخرى ولا اعلم لما يوجد عندى مثل هذا التصميم .فظل يرفضها مرارا حتى التقطها ففرحت بداخلي فوجدته يلبسنى خاتما ذهبيا رااائعا لم ارى بروعته .
استيقظت وأنا لا أعرف ماهذا الذى رأيته ولا من هذا الشخص غير أن قلبي يخفق بشدة كلما تذكرت وجهه الجميل. 
وجدت نفسى أتصل على تقى لأبلغها بموافقتى على الالتحاق بهذا العمل وأنى سالتقى بها غدا للذهاب معها إلى هناك .
أقف أمام هذا الصرح .فهو ليس مركز طبى صغير إنه مركز كبيير بمساحة خضراء كأنه قطعة من الجنة . قابلت المسئول عن هذا الصرح وكان طبيبًا فى الخمسين من عمره .على وجهه بشاشة ودماثة خلق . نظر إليّ ولأول مرة أرى نفسى طبيعية بنظرة أحدهم . وافق على عملى عندما رأى الشهادات التى بحوزتي . ولم يتطرق أبدا لمرضى ولا لهيئة وجهى بل كان مبتسما دائما.
أعمل هنا منذ أسبوع .وجدت  نفسى بهذا المكان ،فالجميع يعاملننى بحب وزادهم هذا تعاملى معهم . فالجميع عندى سواء من أطباء للممرضات وحتى العاملات .
زادنى عملى ثقة وقوة حتى انى لم أعد ارى وجههى كما يرونه الجميع وهذا بفضل من حولى بهذا الصرح الرائع .فلقد عالجوا قلبي قبل أن اعالجهم أنا .
مررت بحجرة دكتور سالم مدير المركز وهو اسم على مسمى .وجدته يجلس حزينا فسألته بإهتمام : مالك يادكتور ؟
أجابنى بحزن: حبيب ابن أخويا عمل حادثه وأثرت على عينه ومش راضى يتقبل الواقع وأنا بعترف انى فشلت كطبيب معاه.
رددت عليه بحزن عليه: طب فين باباه واللى حواليه عشان ميحسسهوش أنه لوحده .
أجابنى بحزن أشد : حبيب ده حكاية لوحده .
وضعت كف يدى تحت صدغى وقلت له : كلي آذان صاغية يا دكتور .
إبتسم وهو يقص عليّ حكاية هذا الحبيب بداية من إسمه الغريب والجميل أيضا.قال لى :
حبيب ده يبقى  ابن اخويا الكبير . باباه حارب الكل عشان يتجوز مامته والكل كان رافض لأن مامته كانت بنت السواق بتاع بابا الله يرحمه . بس هى كانت سبحان الخلاق جماال رهيييب . وبعد محاربات اتجوزوا وللأسف اكتشف أن عندها عيب خلقي فى القلب وصعب تخلف وصعب أصلا تتحمل الجواز . بس هم صمموا واتجوزوا وهو منعها من أنها تحمل ولأنها بتحبه أكتر ماهو بيحبها حملت ومعرفتوش غير بعد مابقى الحمل خطر أنه ينزل وفى نفس الوقت خطر أنه يستنى . أكمل بحنين للذكرى : وفضلت فى المستشفى لغاية ما ولدت وسبحان الله قبل ماتولد أخويا راح لشيخ وقعد يعيط ويقوله أن الدكاترة بيقولوا انها بنسبة 9٩%  مش هيقدروا ينقذوها . يومها الشيخ قاله  داووا مرضاكم بالصدقة وفعلا قعد يطلع فلوس لله بكمية رهيببه ويطلب من الكل يدعيلها .وسبحان الله ولدت وربنا نجاها والدكاترة بقوا مستغربين لأن حالتها كانت مستحيله. سمى أبنه حبيب لأنه رمز للحب اللى بينه وبين مراته .وفى سبوع حبيب قرر يعمل المركز الطبى ده ويخلى جزء منه مجاني  عشان اللى مش قادر يتعالج .
كنت أنظر إليه وعيناي مغرورقتان بالدموع لوجود مثل هذا الحب .نظرت إليه ليكمل .
أكمل وصوته متحشرج إثر كتمانه للبكاء: وحبيب عنده 5سنين مامته تعبت جامد واتوفت وأخويا من زعله عليها اتوفى بعدها بكام شهر بعد ما وصانى على حبيب. كنت أنا متجوز بقالى سنتين ومعايا حمزة ابنى عنده يادوب سنه . أخدته وفعلا بقى هو ابنى الكبير ويعلم ربنا انى بحبه وبفضله عن ولادى .لانه ذكرى أخويا وابنى اللى ربيته .
سألته بتأثر : طب هو عمل حادثة إزاى؟
رد بحزن: بالعربية بتاعته .كان نازل متأخر وعمل حادثه وللأسف فى قزاز دخل فى عينه وأثر عليها.
ظللت طول يومى متأثرة بكلام دكتور سالم .خاصة عندما عرفت أنه مهندس ويعشق عمله .أى أن عيناه هى أساس عمله .
مضى أكثر من ثلاثة أيام .كنت أود أن أسأل دكتور سالم عليه ولكنى خجلت من ذلك. حتى وجدت حركة غير طبيعية فى المشفى .وهناك من يجرى هنا وهناك . ويطلبون من قسم الجراحة طبيب على وجه السرعة . نعم فالمركز كان متكاملاً أى أنه ليس للعلاج النفسى فقط ،بل هو قسم فيه .
أوقفت واحدة من الممرضات لأسألها ماذا هناك ؟
فقالت لى أن هناك شاب قد دخل لغرفة العمليات بسبب جرح نافذ بذراعه وقد نزف كثيرًا وكل من بالمشفى يسرعون إليه.
أصبت بالإندهاش ولكن ما حالي أنا بهذا ؟فلأذهب لعملي .
ذهبت لعملي وبدأت أمارس جلسات العلاج الجماعية والفردية التى اقوم بها . فهنا وجدت نفسي بالفعل.
ولكن ولغرابة الأمر وجدت صديقتى "تقى" وهى تأتى عليّ. فهى منذ أن عملت بالمشفى لم تأت لى ولا مرة ؛بل نتقابل بعد العمل طبعا على حسب ظروف بيتها فهى متزوجة ومعها طفل.
قمت إليها وعلى وجهى علامة الإندهاش ولكن وجدت وجهها حزين. رحبت بها ثم سألتها مباشرةً:
إيه سر الزيارة دى ياترى ؟
أجابتنى بحزن شديد : أنا هنا مع مروان .
نهضت بسرعة وانا اقول بقلق: مروان جوزك ماله تعبان ولا إيه ؟ يابنتى اتكلمى ؟
أجابتنى سريعًا: يابنتى مروان كويس فيه إيه بس .د صاحبه . كنا مع بعض بنشترى طلبات للبيت بعد ما سيبنا أرغد عند ماما .جاله تليفون أن حبيب صاحبه وقع واتعور جاامد وكان بينزف ومش راضى يروح المستشفى .فروحناله وجينا على هنا.
انتبهت لكلامها وقلت: حبيب ده يبقى بن اخو دكتور سالم صح .
اومأت بموافقة وقالت: أيوه .انت ناسيه أن مروان مهندس وهم الاتنين أصحاب وكمان مروان أصلا داخل بنسبة بسيطة فى الشركة اللى فاتحها حبيب .
وغير كده مروان أصلا اللى قالى انى اقولك على الشغل هنا. أكملت بحب أخوى صادق: انت عارفه مروان بيعتبرك زى أخته بالظبط وبيعزك قووى.
إبتسمت بهدوء وانا اقول: فعلا مروان بالنسبه ليّ زى أخويا وكفاية أنه جوز أختى وكمان كفاية أنه مبعدكيش عنى رغم انك اتجوزتى وبقى ليكى بيت وطفل .ربنا مايحرمنى منكم أبدا .
نهضت مرة واحدة وأمسكت يدها وأنا أخبرها أن علينا الذهاب لدكتور سالم لنطمئن على ابن أخيه.

نوڤيلا نصف جميلة Where stories live. Discover now