الفصل الثاني

372 26 14
                                    

يالا هجوووم
الفصل الثانى ...

ولما كنت أنت صفحة فى كتاب حياتى وسيترتب عليها باقى الحكاية، ذهبت إليك دون إرادة منى ويا لخوفي من النهاية؛  فهل ستؤتي محاولاتي بثمارها، ام كأني أقوم بزرع صبار فى صحراء دون سقاية؟!

خواطر : سلوى عليبه
🩷🩷🩷🩷🩷🩷🩷🩷🩷🩷🩷🩷🩷🩷
ذهبت بطريقي ولا اعلم لمَ يدق قلبي .ولكن كل ما أعلمه أنى اود الذهاب لرؤية هذا "الحبيب".
وجدت دكتور سالم وهو يتحدث مع الطبيب بقلق بالغ. ذهبت إليه بعد أن توجهت تقى لمروان زوجها.
وقفت جوارهم دون حديث حتى أنهى طبيب الجراحة حديثه. فنظرت لدكتور سالم وانا أقول: مالك يادكتور .دكتور الجراحة طمنك خااالص  اهو وبيقولك أن رغم النزيف اللى حصل بس الجرح كويس ومش عميق والحمد لله أنه جه فى دراعه.
زفر دكتور سالم وقال: يا جميله المشكله أنه رافض أى مساعدة . تخيلى أنه مشى كل اللى فى البيت معاه ولولا عم خليل البواب رفض يمشى مكنش حد حس بيه . أكمل بحزن: د لولا معاه نمرة مروان مكناش عرفنا اللى حصل .
ربت على كتفه وأنا أقول : هو لازم له مساعدة وحضرتك عارف .
تحدث بيأس: للأسف مفيش دكتور قدر يوصل معاه لحاجه خااالص .
لمْ أعلم لمَ أجبته وقلت: ايه رأيك أجرب أنا يا دكتور يمكن أقدر اعمل اى حاجة.
نظر إليّ ولسان حاله يقول وكيف ستقدرين على شئ لم يستطع الوصول إليه أكثر المعالجين النفسيين .
إقترب منا مروان وتقى وقد إستمعوا لحديثنا .فقال مروان متحمسًا : فعلا يا دكتور سالم .كده كده مفيش حد جاب معاه نتيجة .خلاص نسيب جميلة تجرب ،وإن شاء الله تقدر تعمل اللى غيرها معملهوش.
نظر إلينا دكتور سالم وقال بتخوف: أنا خايف عليها يا مروان انت عارف صاحبك عصبي ومحدش بيقدر عليه وبعد الحادثة عصبيته زادت بزيادة .
رددت عليه بكل ثقة : ياريت حضرتك تسيبلي الفرصة دى ،لو قدرت كان بها ،مقدرتش يبقى خلاص اهى محاولة.
وافق دكتور سالم على أن أتولى علاج "حبيب" النفسى . فقررت أن أبدأ فورًا دون تأجيل.
استأذنت منهم جميعا وودعت تقى ثم ذهبت لغرفة هذا المريض الصعب.
دخلت عليه بهدوء فكان مغمض العينين .اقتربت منه بحذر .وبدون إرادة منى أخرجت شهقة شقت صدرى. يا الهى إنه هو من رأيته برؤياي. كيف هذا ؟!
تصنمت مكانى فلم أقدر على الإقتراب ولم أقدر على الرجوع .
حتى تحدث هو وقال: مين هنا فى الأوضة ؟
يالصوته الرخيم المميز ببحة رجولية تأثر القلب.
لم أجبه فأنا بالفعل بحالة من الذهول حتى أكمل وقال: لو حد من الممرضين أو الدكاترة ياريت يتفضل يطلع بره ،لأنى مش عايز حد معايا لو سمحتوا.
ورغم صوته الهادئ الا أنه كان محتدًا قليلًا وكأنه يحاول أن يتحدث دون عصبية .
أجليت صوتى وتحدثت بهدوء: وحضرتك مش عايز ليه حد من الدكاترة ولا الممرضين .هى مش دى وظيفتهم برضه ولا ايه ؟
فتح عيناه المغلقة وياليته مافتحها . انها كبحر من القهوة الممزوجة بالشيكولاة السويسرية الفاخرة . هل يوجد به شئ غير جميل ؟ لا والله إنه يجعلك دون إرادة تقول : سبحان المبدع.
رد عليّ بعصبية وقال: وانا مش عايز حد معايا .ايه هو بالعافية ؟
وجدت نفسى دون تفكير أقول له : عشان إنت جبان.
إعتدل على سريره ونظرات الغضب تخرج من بحر القهوة خاصته وقال: نععععم مين ده اللى جبان يامجنونة انت.
ماذا هل نعتنى بالمجنونة . وجدت نفسى أضحك وانا أحدث نفسي وأقول : وماله مجنونة مجنونة مش مهم هبقى أعالج نفسى .
زاد صراخه وهو يقول: بتضحكى على إيه يامتخلفة انت ِ؟
اقتربت منه بشدة وتحدثت بقوة: أولا أنا لا مجنونة ولا متخلفة وياريت تحترم نفسك وانت بتكلم اللى قدامك  .ثانيا بقه أنا لسه عند كلمتى وانك جبان.
ساد الصمت قليلا قبل أن يقول بغضب: تعرفى عنى إيه عشان تقولى عليّ جبان .
سعدت بداخلي فأنا كنت متوقعه أن يرفض الحديث معى ولكن كونه رد على سؤالي فهذا معناه أنه تجاوب معى .نعم فتلك هى طريقتى معه للعلاج .وهى المواجهه.
أجبته بثقة: أعرف عنك اللى محتاجة أعرفه .ومنها انك مهندس شاطر فى شغلك وعندك عمك وعيلتك اللى بتحبك .وانك عصبي ومبتسمحش لحد يقرب منك .
أجابنى بسخرية وقال: ونسيت اهم حاجة إنى أعمى مبشوفش .صاح بغضب : فاهمة يعنى ايه مبشوفش .بس انت هتفهمى ازاى وانت مش حاسه بيّ ولا بوجعي .
ضحكت أنا تلك المرة وقلت بثقة : ومين قالك انى مش فاهمة وجعك. بس تقدر تقولي ايه اللى حصل عشان ده كله ؟ لم أنتظر منه إجابة وأكملت أنا:
أقولك أنا : انت اه اتعميت بس عندك أصحاب ممكن يساعدوك .صحيح انت مهندس وعينك مهمة فى شغلك بس ممكن تقول تصورك للحاجة وحد قريب منك ينفذها. بس ليه تعمل كده ،طبعا لازم تشيل الكل ذنب اللى حصلك . تخلى واحد زى دكتور سالم حزين وبيمووووت عشانك . اصحابك اللى بيحاولوا يطلعوك من اللى انت فيه تبعدهم عنك . ارتفع صوتي وأكملت : إيه يعنى اللى حصلك على الأقل انت ليك عمليه ممكن تتعمل وتشوف بعدها بس حضرتك اللى رافض .عرفت بقى ليه بقول عليك جبان يا باشمهندس.
صاح بغضب: لا انت متعرفيش حاجة.متعرفيش يعنى ايه تحسى بنظرات الشفقة من اللى حواليكي.
رددت عليه دون وعى : على الأقل انت بتحسها لكن أنا بحسها وبشوفها .تعرف أنا لو كنت اتعميت كان عندى أهون من اللى بيحصلى .  على الأقل ساعتها مش هبعد أصحابى عنى لو حاولوا يساعدونى ،هحاول أقف من تانى عشان عيلتى . ممكن أحس فعلا أنهم بيشفقوا عليّ بس لما يلاقونى كملت مش هحس بده منهم . بدل مانا بشوف نظرة إشمئزاز ياريتها تكون شفقة وانا هبقى مبسوطة . تصدق انت فى نعمة مش حاسس بيها.
صمت حل على المكان لا أسمع غير صوت أنفاسي المتلاحقة وكذلك أنفاسه هو .
وجدت نفسي أخرج من الغرفة دون كلام .حتى أنى ذهبت  لمنزلي دون الرجوع لدكتور سالم مرة أخرى .
احتللت غرفتي ولم أسمح لأحد بالدخول عليّ. فلأول مرة تتملكني الحيرة واللوم .نعم ظللت ألوم نفسي على ما خرج من فمي من كلمات. فكيف أقول لشخص أعمى أنت بنعمة بعد أن كان يرى النور؟ كيف أصف ظلامه بالنعمة ؟
نعم هو للراضي بقضاء الله نعمة ولكن هو ساخط ،يريد يدًا تخرجه من صحراء سخطة لنعيم الرضى بقضاء الله .
وكانت حيرتي بسبب كلماتي عن نفسي . ظللت أفكر وافكر .كيف سأواجهه غدا؟ ولكني رغم ذلك رددت على نفسى بأنى لابد أن أكمل الطريق .وتذكرت رؤياي وأن طريقي له ملئ بأشواك الصد من جانبه ولكني سأظل أمد يدي مرارًا وتكرارًا حتى يلتقطها.
ذهبت لعملي فى اليوم التالي وجدت دكتور سالم بإنتظاري وعندما رآنى أشار لي أن أتبعه لغرفة مكتبه.
وقفت أمامه كالمذنبة فبالتأكيد قد إشتكى منى ابن أخيه ومن الممكن أن يعفيني من  علاجه النفسى. كنت أنكس رأسي ارضًا حتى قال لي: مالك فيه إيه؟
نظرت إليه وقلت بهدوء: منتظره كلام حضرتك.
وياللعجب لقد وجدت إبتسامة على وجهه ثم قال: أنتِ متعرفيش أنا مبسوط إزاى،إمبارح حبيب مبطلش كلام عليكي. ضحك بقهقهة وقال: هو صحيح كلام مش لذيذ يعنى بس كون أنه اتكلم كده عنك حتى لو بعصبية يبقى انتِ لفتي انتباهه وكده يبقى هو ممكن يستجيب معاكى بسهوله.
وقف من على كرسيه ثم اتجه إليّ وهو يقول: تعرفى أن اى دكتور كان بيروحله "حبيب" مكنش بيرد عليه أصلاً لغاية الدكتور مايعتذر . عشان كده أنا موافق على اى حاجة هتعمليها معاه .المهم أنه يتكلم ويطلع اللى جواه وساعتها ممكن نقنعه أنه يعمل العملية.
خرجت من مكتب دكتور سالم وأنا أشعر بالسعادة. نعم فسأظل خلف هذا الحبيب حتى يستجيب.
أنهيت عملي أولًا وتعمدت ألا أذهب إليه إلا متأخرًا.طرقت بابه وانا اعرف انه لن يسمح لأحد بالدخول .ولكن رغم هذا فتحت باب الغرفة ودخلت عليه فكان يجلس بأريحيه يضع ظهرة على قائمة التخت وكأنه يفكر بأمر ما. لم يتحرك من مكانه ولكنه قال بفظاظة: قلت مش عايز حد يدخل عندى.
جلست بجوارة بهدوء وأجبته : عادى مش كل حاجة انت تقولها احنا ننفذها.
إعتدل على تخته عندما سمع صوتي وقال بإندهاش : أنا قلت أن عمى وصلك الرسالة انى مش عايز اشوف وشك تانى خاصة لما اتأخرتى قلت بقه دى عندها دم ومش جاية.
ورغم أن حديثه أصابنى بالإحباط ولكني لم أشعره بذلك وأكملت : كل مرة بتخلينى أتأكد انك جبان .طب حتى غيرلى فكرتى وبعدين أبقى أمشى.
ثار بشدة وقال: أنا مش جبااان سامعه مش جبااان.
أجبته ببرود : والله صريخك ده مش هيغير فكرتي عنك .انت قدامى انسان جبان وبتهرب من المواجهة ولو انت فعلا مش كده خلاص اتكلم معايا قولى على اللى جواك ،واجه الكل باللى تعبك ،قولهم أنا مش هعمل العملية عشان كذا وكذا .أكملت بنفس اللا مبالاه : هاه هتعمل كده ولا مش هتقدر .
كانت نظراته لى حية رغم عدم رؤيته، ولكنها نظرات يخرج منها الغضب حتى شعرت أنه لو كان يرانى لقتلني بيده.
رد عليّ بغضب: انت شكلك كده باردة وفاضية وموراكيش حاجة غيري ،وانا بقه كلامك ده مش هيجيب معايا نتيجة. 
رددت ببرود: اوك تمام . بس انت كده مش بس جبان لا دانت جبان وضعيف كمان .
صرخ بقوة : إطلعى برة ومتجيش هنا تانى . انتفضت من قوة صوته ولكنى تماسكت أمامه وأنا أقول: تمام أنا هخرج بس هاجى بكرة وبعده عشان حتى أتعرف على كل صفاتك .يعنى أنا جيت امبارح عرفت انك جبان ،النهارده ضفت ليهم ضعيف.فهنشوف بكرة بقه هتبقى ايه الصفة التالته . اتجهت للباب وأنا أقول له بلامبالاه رغم الإنتفاضة بداخلة : سلام يا هندسه.
خرجت مسرعة عندما سمعت صوت شئ يقذف بإتجاه الباب .بالتأكيد أخرج غضبه بأى شئ .
وجدت أمامي دكتور سالم وهو يقهقه ويقول: الصراحه رغم إن نرفزته دى مخلياه صعبان عليّ بس أنا مبسوط منها لانه شويه شويه يا يخنقك يا يطلع اللى جواه.
ابتسمت بشدة وأنا أسأله بتوجس : طب وبما انك عارفه قووى كده ماتقولى ايه الاحتمال الأكبر؟
إبتسم وقال بمكر: هيخنقـك .
وضعت يدى على رقبتى وأنا ابتلع رمقى وأقول: ربنا يطمنك يا دكتور.
ظلت الأيام تتوالى ولا يوجد جديد .فهو عنيد ولا يلين أبدا. فحتى الحديد يلين بالإنصهار أما هو فصلد جلمود . ولكنى لم استسلم أبدًا.
كانت تقى تحدثنى بالهاتف عندما جاء زوجها فأخذ منها الهاتف وأخبرنى كيف أن صديقة يتحدث عنى بكل ضيق وأنه غاضب مني جدااا ومن إصراري .ولكن الغريب أنه أخبرني أن هذا شئ صحي لأن طبيعة "حبيب" هى اللامبالاة ،فعندما يريد أن يبتعد عن شخص ما أو يبعده عنه فإنه يتجاهله ولكن ما يفعله معى دليل على تأثيري به.
فرحت كثيرًا لكلامه .حتى أنى قررت أن أفعل شيئاً مختلفًا بالغد . إستسقظت وكلي نشاط .وذهبت لعملي تحت دعوات أبي وأمي لي وفرحتهم ظاهرة بعيونهم لتغيير حياتى وانطلاقي مرة أخرى.
ذهبت لدكتور سالم وأخبرته بما أريد .وافق على مضض ولكن لا يهم ،المهم الموافقة وقد أخذتها. وكانت خطتى هى أن أتركه لبضع أيام ولا أذهب إليه حتى أرى ماذا سيحدث وهل سيشعر بغيابى أم سيفرح لذلك. فهو عنيد ويعلم أن الكل يحاول ارضاؤه فأصبح كالطفل الصغير كلما أعطيته شيئا رماه بعيدا وطلب شيئا آخر .إذا فلنبتعد عنه ولنرى.
رغم هذا فقد غلبنى قلبى وكنت أذهب إليه بعد إنتهاء دوامي وأنظر إليه قليلا ثم أتركه دون كلام .كنت أذهب إليه أثناء غفوته التى أعلم وقتها جيدا بسبب الأدوية التى يأخذها.
ظللت على هذا الأمر لمدة 4 أيام كاملة . حتى بعث ورائى دكتور سالم فذهبت إليه .وجدته يجلس على مقعده ثم نظر إليّ وأمرني بالجلوس .
تحدث دون مقدمات وقال: أنا عايزك ترجعى تعالجى " حبيب" من تانى.
نظرت إليه بعدم فهم وقلت له: أنا أصلا متخلتش عن علاجه .بس كل الحكاية هى فترة حبيت أبعد فيها عشان أشوف رد فعله لما يحس بالانتصار انى خلاص مش هدخله تانى زى ماهو عايز.
نظر إليّ بخبث وقال: ولو قلتلك أنه تقريبا بيسأل عنك كل يوم بس من غيرما يبين يعنى أنه بيسأل.
فتحت عينى على آخرها من شدة إندهاشى وقلت: نععععم حضرتك بتقول ايه ؟ د بيبقى عايز يطردنى كل مرة ،يبقى ازاى بيسأل علي يعنى مش فاهمة الصراحة.
أجابنى بهدوء لئيم: هو "حبيب" كده .مبيحبش يظهر أنه محتاج حد ويمكن دى اكتر حاجه تعبته بعد الحادثة أنه غصب عنه بقى محتاج حد يساعده.
نهضت من مكانى وقلت : تمام إن شاء الله هدخله النهاردة.
ذهبت من أمامه وحيرتى تأكلنى .لماذا يسأل عنى أن كان لايريد بقائي؟
أكملت عملى رغم تشتت ذهنى ثم اتجهت صوب غرفته وقلبى كطبول الحرب من كثرة دقاته. نعم كنت أراه كل يوم ولكن لا أتحدث معه،فلا أنكر أنى توحشت نبرة صوته الرخيمة وبحور القهوة خاصته.
دققت الباب فلم يرد كالعادة .ضحكت بداخلي ثم قمت بفتح الباب مرة واحدة ودخلت إليه. وجدته تلك المرة يقف أمام النافذة وكأنه بالفعل يرى مايحدث بالخارج .
ألقيت السلام فرد عليّ بهدوء وهو مازال معطيًا لي ظهره.
كانت نبرته هادئة عما توقعت.فلم أعرف بماذا يفكر؟
اقتربت منه وأنا أقول: يعنى لا زعقت ولا قلتلى اطلعي بره زى كل يوم .
إستدار لي وقال بهدوء: مش يمكن قررت أتكلم عشان تريحينى منك .
إبتسمت بهدوء وقلت: يعنى بجد عايز ترتاح منى؟ شعرت به وقد أجفل من سؤالي ؟ فأكملت متعمدةً: وكمان ما نا كنت مريحاك منى بقالى كام يوم .
شعرت به وكأنه ينظر إليّ ،فشعرت بأن أنفاسي محبوسة داخل صدري وزاد إنحباسها عندما قال: بس انت مريحتنيش ولا حاجه ودليل كده انك كنت بتيجى كل يوم وانا نايم.

نوڤيلا نصف جميلة Wo Geschichten leben. Entdecke jetzt