الفصل الثالث

351 28 12
                                    

الفصل الثالث....

و لا يقودنى إليك غير قلبى ومن غيره...

أجفلت أنا تلك المرة ولكنى تمالكت نفسي وقلت له: ومين قالك بقى المعلومة الخطيرة دى ؟
إبتسم بسخرية وقال: إنت ناسية إنى أعمى ولا إيه !والأعمى بتزيد عنده حاسة السمع والشم لأنه بيعتمد عليهم . أكمل بما زادنى إرتجافًا : كنت بحس بخطواتك لأنها مختلفة عن خطوات أى حد تانى،وكنت بشم ريحتك لما تقربي مني .ولو غلطان قولي.
إبتلعت ريقى بقوة ثم حاولت أن أجلي صوتي وقلت له: عادى انت المريض بتاعي وكنت بحب اطمن عليك بنفسى .
اتجه صوب مقعد بجانب تخته ثم جلس عليه وأشار على مقعد آخر وهو يقول : اتفضلى لأن الكلام بينا شكله هيطول.
اتجهت للمقعد الذى أشار إليه وسألته بهدوء : ليه مخرجتش؟
أجاب بإمتعاض: عمي رافض إنى أخرج دلوقت .وأنا حبيت اريحه مش أكتر .
نظرت إليه وعندى شعور قوى بأنه يكذب ولا اعلم لماذا؟
وجدته يقول بسخرية: بتبصيلى كده ليه ؟
شهقت بقوة وانا أسأله: عرفت إزاى ؟
قهقه بشدة ويالجمال ضحكته جعلتنى أتوه أكثر وأكثر . أخرجني من توهانى صوته وهو يقول: أصلى بكلمك وانت مردتش يبقى ايه اللى حصل انك كنت سرحانه فيا.
ثقته بنفسه جعلتنى أشعر بالضيق فقلت بغضب: ومين قالك ؟كل الحكاية انى كنت بدرس تفاصيل انفعالاتك لأنى حاساك بتكذب.
ٱقترب بوجهه منى ورغم أنى متأكده بعدم رؤيته لى الا أن وجههى أصبح يضخ نيرانًا إثر قربه هذا .قال لى بهدوء: يعنى أنا دلوقت بقيت جبان ،ضعيف وكمان كذاب .
ماذا يفعل بي ؟ هل هذا أسلوبه الجديد لكى يجعلنى أرحل أما ماذا؟
سألته دون مقدمات : انت بتعمل معايا كده ليه؟
أجابنى بسخرية إستشفتها من خلال كلامه: بعمل إيه ؟
أجبته دون مواربه: شويه عصبى وتزعق ودلوقتي هادى وعايز تتكلم ! ممكن افهم فيه إيه ؟
وضع كفيه على وجهه دليلا على ضيقه ثم أكمل : انتِ عايزه إيه بالظبط ؟
أجبته بهدوء: عايزه أعرف ليه بتعمل كده ؟
زفر حبيب بقوة ثم قال: يمكن لانى تعبت . كل شوية عمى يجيبلى حد عشان يعالجنى بس للاسف هم اللى عايزين يتعالجوا .مجرد ما اسكت أو مردش يزهقوا ويمشوا . أكمل بهدوء: بس إنتِ غير ، صبرتِ على عصبيتي ومستسلمتيش رغم أن تقريبا بقالنا أكتر من 10 أيام واحنا نفس الأسلوب .
إنتظرت أن يكمل ولم يخذلني فعلا وقال: وغير كده ال ٤ أيام اللى انت غيبتيهم كنت حاسس ان فيه حاجه مهمه ناقصانى واتضح أنها مناكفتى وبرودك هم اللى كانوا ناقصنى.
وقفت مرة واحدة وقلت: أنا مش باردة .
أجابنى  حبيب بإبتسامة: زى مانا عمرى ماكنت لا ضعيف ولا جبان ولا حتى كذاب.
إبتسمت لإبتسامته وقلت له : خلاص نتفق أننا نفتح صفحة جديدة وتبدأ تطلع اللى جواك.
نظر بشرود وقال: اللى جوايا صعب أنه يطلع لحد.
إبتسمت وأنا أقول له: إعتبرنى الهوا وانت بتكلمه ماشى وصدقنى هسمعك كويس ولو ملقتش نفسك مرتاح وانت بتحكى ابقى اسكت تمام .
إبتسم بهدوء وقال: تمام.ها مستعدة تسمعى .
أومأت له وقلت : مستعده جدااا .يلا نبدأ.
سألنى بتيه لاحظته عليه: عايزانى أبدأ منين؟
أجبته بثقه: من اى مكان انت حابب تتكلم عنه .
تركنى واتجه للتخت واستلقى عليه ثم أغمض عيناه بعد أن عقد يديه علي صدره وقال:
منكرش أن عمى سالم بيظهرلى حبه فى كل وقت بس إحساسى باليتم كان أقوى منى ،كنت بشوف طنط لبنى  وهى بتعامل حمزه وحلا بحنيه كان نفسى أبقى زيهم .اه منكرش أنها كانت حنينه معايا بس طبعا مع ولادها غير.
صمت قليلًا وانا احترمت ذلك. حتى أكمل وقال: كانت نظرات الشفقة من الكل حتى المدرسين بتوعى بتقتلنى. كرهت يتمى وكرهت الحب نفسه.
سألته دون تردد : إزاى كرهت الحب ؟وهو الحب ماله ؟
أحابنى بحزن شديد: لأن الحب هو اللى خلى ماما تصمم أنها تخلفنى رغم تعبها عشان بتحب بابا.وبرضه الحب ده هو اللى خلى بابا ميقدرش يعيش بعد ماما ويتوفى بعدها بكام شهر من حزنه عليها.
رأيته وهو يمسح دمعة منزلقة من عيناه وكأنه لايريدنى أن أراها .
زفر بشدة وقال: مفكرش حتى أنه هيسيبنى لمين ؟
طب لو كان عمى وحش كان حصل إيه ؟ عرفتى ليه كرهت الحب.
أجبته بهدوء: أولا دى أعمارهم ،يعنى حتى لو باباك كان بيكره مامتك فبرضه كان هيموت فى نفس الوقت لأن ده عمره. هو بس تعددت الأسباب والموت واحد .
إبتسم بسخرية وقال: مانت لازم تقولى كده .
أجبته بإبتسامة وثقة : لا طبعا . بس فعلا الحب ملهوش ذنب فى موت باباك ومامتك. بالعكس د خلى ليهم ذكرى اللى هى انت . تخيل كده لو حب مامتك وباباك مانتصرش ومكنوش اتجوزا ساعتها كان حصل ايه؟
كنت انت مجتش الدنيا ولا خلدت ذكراهم ولا عمك كان واخدك عوض لأخوه اللى فقده فى عز شبابه ولا كان أهل مامتك شافوا فيك بنتهم اللى اتوفت . أكملت بثقة بعد أن وجدت صدى كلماتي على وجهه : باختصار انت كنت انتصار للحب ده والثمرة  اللى كبرت قدام الكل وراعوها كلهم بحبهم واهتمامهم .
إعتدل بجلسته وقال: انت ليه بتهونى كل حاجه كده وبتبسطيها . ولا ده من صميم شغلك ولا دى شخصيتك ولا إيه ؟
أجبته بإبتسامة : أولا دى شخصيتى قبل مايكون شغلى . أنا كده بحب كل حاجه بسيطه وأحب أشوف الحاجة الحلوة وسط الشئ الوحش. ويمكن ده اللى ساعدنى فى شغلى وخلانى أنجح فيه فى فترة قصيرة .
أجابنى بسخرية : يمكن لأن حياتك حلوة وماشيه بطبيعيه . ومحصلش معاكى حاجه تخليكي تفكرى بطريقة مختلفه.
أجبته تلك المرة بتهكم: تفتكر . نهضت مرة واحدة ثم قلت له: كفاية النهاردة كده .نكمل بكره أن شاء الله .أنا اصلا اتأخرت.
رجعت إلى منزلى وأنا أفكر لماذا شعرت بالغضب من كلماته. فهو بالفعل لايرانى فكيف سيعرف ما بوجهي . فأنا أرى نظرات الجميع بالمشفى ولكنهم وللحقيقة يتعاملون معى بطبيعة.
دخلت أمى علي وأنا جالسة على اختي أفكر. سألتنى بحنان ماذا بي؟
قصصت عليها كل ماحدث معي منذ بداية رؤياي حتى الآن . حتى شعورى نحوه .وجدتها تنظر إليّ وتقول: حبتيه ؟
نظرت إليها بسخرية وقلت: ولو حصل ياماما تفتكرى يعنى هستغل أنه مبيشوفش وأخليه مثلا يحبنى .ثم إنه اصلا بيكره الحب .
أجابتنى بحنان: أنا كل اللى يهمنى هى انتِ ومش حاباكى تتوجعى وعشان كده بقولك لو هتتعلقى بيه أكتر يبقى تبعدى ومتكمليش معاه علاج.
نظرت إليه باستغراب وانا أقول: بس ده مااستجابش مع حد غيرى. زفرت بقوة ثم أكملت : متقلقيش ياماما أنا هعرف أتحكم فى نفسى كويس
وكمان أنا عارفه حدودى لغاية فين.  خرجت والدتى من غرفتى واتصلت على تقى وتحدثت معها كالعادة حتى سألتنى ماذا بي؟
وكالعادة أجبتها بما فى داخلى .ولكن كان الصمت حليفها ولم تقل لى غير جملة واحدة: خلى بالك من نفسك ومحدش عارف العوض فين يا جميلة.
ذهبت إلى عملى فى اليوم التالى وأمضيته بنفس الروتين حتى جاءت موعد جلستى معه . فذهبت إليه ولكنى لم أجده . فسألت عليه إحدى الممرضات فأخبرتنى أنه بالحديقة . ذهبت إليه فوجدته يجلس بالحديقة وهو يستمع لموسيقى هادئة وهو مغمض العينين .ولكن الغريب أننى حينما اقتربت منه ٱعتدل بجلسته وقال: عرفتى مكانى من الممرضة ولا ايه ؟
ابتسمت بخفة وقلت: أيوه . هاه .هنكمل هنا ولا تدخل أوضتك .
أجابنى بهدوء : هتتضايقى لو قلتلك نكمل هنا.
جلست بمقعد بجواره وأنا أقول : لا طبعا .أنا كمان بحب الطبيعة .
أجابنى يتهكم: بس يابختك انت شايفاها لكن أنا بسمعها واسمع صوتها بس.
أجبته بهدوء : صدقنى الإنسان ساعات بيقفل عينيه عشان يعيش التأمل والسلام النفسى ده .
ضحك بسخرية وقال: أنا بقى عايش التأمل على طوووول .
سألته بمباغته: طب ليه متستمتعش بجمال الطبيعة مع صوتها وريحتها.
سألنى يترقب: وده إزاى أن شاء الله .
أجبته بثقة: توافق انك تعمل العملية .وزى ماقلت انك لا جبان ولا ضعيف ولا كذاب .يبقى تثبت للكل ده مش ليّ أنا بس . وغير كده انت مش هتخسر حاجة .
سألنى بحزن ازاى مش هخسر حاجه؟
أجبته بإطمئنان : انت كده كده فقدت النظر يبقى لما تدخل تعمل العمليه لو لاقدر الله منجحتش يبقى انت مخسرتش حاجه بس هتكون أثبت للكل انك حاولت وعملت اللى عليك وانك مش عايز منهم نظرة شفقه تانى .فهمتنى .
تحدث ومازال الحزن حليفه وقال: تعرفى انى مشيت من بيت عمى وصممت انى ارجع بيتنا وأعيش لوحدى من وانا فى أولى جامعة عشان مشوفش نظرة شفقة فى عين اي حد . أكمل بهدوء: كان كل ماحد يجى يزور طنط لبنى ويسلم علينا يقوم يجوا عندى ويقولوا هو ده حبيب يا حبيبى  والله قلوبنا وجعاناعليه . إبتسم بسخرية وقال: ويقعدوا يقولولهم قد ايه أنه كويس أنهم مرمونيش وانهم بيربونى مع ولادهم . كنت ببقى مستني أن طنط لبنى ترد بس مكنش بيحصل . وساعتها حسيت ان حتى حنانها عليّ شفقة مش حب .فقررت أمشى وصممت وساعتها عمى بعت معايا واحد هو بيثق فيه عشان يروقلى الشقة ويطبخلى وطبعا عشان يعرفه أخبارى اول بأول . بس الحق يقال عمر عمى ما حسسنى بأنى يتيم أو انى مش ابنه . حتى ولاده حمزه وحلا كنت يعتبرهم اخواتى الصغيرين وبحبهم جدااا وهم كمان بيحبوني .
زفر بقوة وأكمل وأنا أنصت وأدون : يوم الحادثه كنت متنرفز ومحدش عارف السبب . وللأسف مقدرش اقوله لحد . مكنتش شايف قدامى وحصل اللى حصل . الصراحه محدش سابنى والكل وقف جنبى بس شويه والكل بدأ يشوف أشغاله ومتبقاش حد فاضيلى . عمى عرض عليا أرجع البيت عنده بس مكنش ينفع خااالص.
سألته يترقب: ليه مكنش ينفع؟ وليه كنت متنرفز ساعة الحادثة ومقلتش لحد؟

نوڤيلا نصف جميلة जहाँ कहानियाँ रहती हैं। अभी खोजें