الفصل السابع والعشرون : كشف الأسرار

29 3 5
                                    

وجد صالح نفسه يستيقظ فجأة، ينادي بإسم وداد بقلق ملحوظ، لكن لم يكن هناك أي رد و بدأت الذكريات تعود إليه ببطء، ذكريات عن أخيها الذي أطلق النار عليه فشعر بالقلق يتسلل إلى قلبه وتسابقت أفكاره حول مكان وجود وداد، فقد بدأ يشعر بأنها في خطر

تتصارع مشاعر الحزن والقلق داخله، وتتحرك ذكريات الماضي بسرعة مذهلة في عقله، تجره إلى عوالم من الألم والفراق

يبدأ صالح في التحرك بين الأثاث بحثًا عن أي مؤشر يدل على مكان وجود وداد، لكنه لا يجد سوى الصمت الذي يخيم في الغرفة تزداد حدة القلق في نفسه مع كل دقيقة تمر دون أن يجدها. يعصف به اليأس والخوف، ويتجلى الصراع الداخلي على ملامح وجهه المتعب

وفي تلك اللحظة المظلمة، يظهر النور المشع من زاوية الغرفة، هالة غامضة تتلألأ ببريق خافت، كأنها تسرد قصةً مجهولة يرتفع نبض قلبه بقوة، وهو يترقب بتوتر شديد ما سيحدث بعد ذلك ،يندفع صالح بحذر نحو الهالة، وهو يغمره الدهشة والفضول حول ما تخفيه له تلك الظاهرة الغريبة

وأخيرًا، وصل إلى المرآة، ووجد نفسه يواجه صورة مذهلة إطلالة وداد في المرآة لم تكن كما كان يتوقع، بل كانت كصورة خيالية مشرقة بالنور، تشع بالحيوية والسحر. يرتسم على وجهه ابتسامة مندهشة

وعندما نظر صالح إلى المرآة، شعر بصدمة عارمة تتسلل إلى كل أليافه، وعجز عن تصديق ما يحدث أمام عينيه. بصوت مرتجف من الدهشة، سألها:

 - "وداد !... ازاي ؟"

وبهدوء وسكينة، تحدثت وداد، كموجة هادئة تحمل في طياتها حكاية مؤلمة وقصة حب لا تنتهي. أخبرته بأنها لم تستطع تحمل فقدانه، فقررت التضحية بروحها لتبقى بجانبه، متأكدة أنه سيكون بأمان وسعادة في الحياة

صالح وهو يستمع إلى كلمات وداد، شعر بدموعه تتساقط بحرارة على وجنتيه، فقد كانت هذه اللحظة هي لحظة فراق لا عودة فيها، ولكن في نفس الوقت كانت لحظة انجراف لأعماق الحب والفهم الحقيقي. يبكي بصمت، وكل دمعة تروي قصة حب لا تنتهي، حيث وعدته وداد بأنها ستبقى تحبه دائمًا، وهذا الوعد الذي سيبقى خالدًا في قلبه

تبدأ الصورة في المرآة بالتلاشي تدريجيًا، وكأنها تذوب بين أصابع الزمن، فيحتضن صالح الهواء الفارغ حيث كانت تقف وداد، يشعر بفراغ داخلي لا يوصف، وهو يتذكر كلماتها الأخيرة ، ووعدها بأنه سيرحل لكنها سيظل يحبها دائمًا


وأمام هذا المشهد الغريب، وجد أمجد نفسه في قلب عاصفة من الأحاسيس المتضاربة، فكانت الصدمة تسكن عينيه بصورة واضحة، وعبارة الدهشة تنعكس على وجهه الذي أصبح مشدودًا بالتركيز والتساؤلات العميقة ، فذلك الشخص الذي يراه هو شخص عزيز على قلبه 

وفي هذا السياق، ظهرت وداد وسط الغرفة، تبث الطمأنينة بحنانها، وهي تبتسم لأمجد برقة تحمل فيها الكثير من الحكمة والود 

يونيا : شظايا القدرWhere stories live. Discover now