الفصل السادس عشر

3.9K 91 62
                                    

*
ماشاء الله تبارك الرحمن ولاحول ولاقوة إلا بالله ، صلِّ على النبي.
*
*

توقف مصعوقاً بينما هي تنظر لقحطان بعدم تصديق
كان واثقاً ينظر لبدر بشراسة من سيُطلق إن لم يفعل ما قيل له ، ليشير بالسلاح:" تعالي ، ولو إنه كفو يحاول يمنعكِ!"
حاولت أن تتقدم ولكن ساقيها وكأنها هلامية من شدة الصدمة والخوف ليستعيد بدر نفسه
ويسحبها بغضب:" ماهو بكفو لأجل يطلق طلقة واحدة - وبسخرية - الشيوخ في مجلسه ماعنده الجراءة إنها يتجاهلهم"
سحبها بقوة ومضى فانفجرت الطلقات في المكان دون توقف فيشعر أن ساقيه ارتخت من الذهول أما بيلسان تجمدت مكانها وقلبها لم تعد تشعر به من شدة رجفته يأتيهم صوته الواثق من الخلف:" الشيوخ جايّين لأنك أنت الخايف يابن غرمان ، وأنا ما أهابهم ولا لهم علي سلطة ، أقسم بالله العظيم لو تتحرك شبر واحد بس ليكون آخر يوم لك"
لم يجرؤ على التحرك فالتفت مصدوماً ، ليُسمع صوت الرجال يهرعون من قسم الضيافة وصوت صراخ نساء من الداخل والجيران أتوا
كل هذا سيضعف موقف قحطان في نظره وسيتزعزع:" الشيوخ بيأخذون حق هالرصاصات وأنت تدري يا قحطان"
لم تلِن ملامحه البته أشار بعينيه لبيلسان وما تركها تود أن تبكي هي نبرته..كيف يمكن أن تكون بكل هذا الرفق رغم شراسة الموقف:"تعالي يا بيلسان!"
لم تنتظر أكثر .. مشت له بخطواتٍ واثقة هذه المرة وفي منتصف الطريق داهمهم صوت غرمان من الباب وأبو قحطان من خلفه والبقيه:" وش صاير هنا ؟ من مطلق النار؟"
حل جاثوم الرعب على روحها وارتعشت حدقتي عينيها ، قبل أن يحول نظراته لمن يقفون بقلق وغضب بجانب الباب أدرك أي جحيم وقعت به حينما سمعت صوت غرمان الغاضب! وكأنها تعيش ماعاشته حينما أخذها ومن شدته رمت نفسها من السيارة!
لذلك اقترب الخطوات الفاصلة بلمح البصر
وسحبها بقوة له ليخبئها خلفه وهو يعود بخطواتٍ غاضبة للخلف فيجيبه:" أنا ياعم غرمان"
دخل أبو قحطان حينها ينظر بصدمة :" وش صاير ؟ وأنا قلت مستحيل إن الصوت من بيتي أطلقت على من"
ليقول بدر بقهر وهو ينظر لوالده:" أطلق علي أنا"
فيرد قحطان ببرود:" أطلقت بالهواء!"
فيصيح بدر غاضبا:" خفت؟ خفت الحين يارخمة ؟ وين هياطك قبل شوي ؟ ولا صارت ورى ظهرك؟"
نظر له بفتور ليغلق زر أمان المسدس وينحيه جانباً فيتصاعد الدخان من رأس غرمان:" رفعت سلاحك على بدر يا قحطان!"
فيقول بدر بقهر:" بيقول لا يبه! وش تنتظر منه
أفتح قضية عند الشيخ هاللحين"
فيفاجأه قحطان بقوله القاطع:" رفعته ، وأقسم بالله لو تعدى خطوة ثانية لكان أنت تنوح على جثته"
اتسعت عينا غرمان ليقول أبو قحطان مصدوماً:" وش صاير علامك يا قحطان؟ من متى والضيف عندنا ينقل مقداره!"
فيجيبه بغضب:" بالوقت اللي يقلل هو من مقدار نفسه يبه! والله لو يفتحها ملاحم تتوارثها الأجيال ما يأخذ مني لا حق ولا باطل
والحين الله يستر عليكم انتهت الليلة"
كان غرمان على وشك الإنفجار لينادي للشيوخ من ينتظروا بحرج وقلق بجانب الباب:" يا شيوخ القبايل ، تسمعون وش جرى؟"
لم يجرؤا على الدخول ليكمل غرمان بغضب:" رفعوا السلاح على ولدي في بيتهم! والله ما تروح لكم والله"
أبو قحطان قال بضيق:" كسّر عزومك يا غرمان
خلنا نفهم وش الي جرى ، قحطان ما يثور إلا من شيء ٍ كايد!
فيقول قحطان:" بنتنا رفضت ترجع معه!
والحاصل يبي يأخذ مرتي غصب عنها
ويظن مالها رجال ياقف قدامها!"
نظر أبو قحطان بقهر:" سمعت؟ وش الحاصل؟
وش هالعلم الي ما يسر عدو؟ يأخذ البنت غصب عنها؟"
فيجيبه غرمان بعينين تقدح شرراً:" خذناها بالأولى ونأخذها بالتالية ، دام بنتكم رفضت ترجع ردّوا بنتنا ! ياااا بيييلسان"
صرخ بآخر كلمة ليشعر بها قحطان ترتجف خلفه وتتمسك بثوبه بقوة ثم تفلتّه فتنوي الذهاب له من شدة خوفها لكنه لف يده الأخرى وأمسك بعباءتها من جهة خصرها ليسحبها فيعيدها خلفه ويقول:" ياعم ترى سلاحي مازال به رصاص"
اتسعت عينا غرمان:' وش قصدك؟"
فينظر له بنظراتٍ خطيرة:" يعني بنتك مرتي
ومرتي ماهيب خارجه من بيتي لو بتخرج جنازة من هالبيت ، كفّوا الشر هالليلة وتوكلوا على الله مالكم عندنا لا نصيب ولا بنية!"
كاد غرمان أن يرد لكن نداءات الشيوخ من الخارج أوقفته ليخرج بغضبه بينما بدر هدّد قائلاً:" الموضوع ماهو بمنتهي هنا يا آل قحطان
بيكبر ..ولا أنتوا قدّه"
يغضب  أبو قحطان من تهديده فيقول:" قدّه وقدّ اللي أكبر منه واللحين فارق يالله"
صُدم بدر من رده فلم يتوقعه وقحطان لم يقل عنه صدمة ليخرج بدر صاغراً وأبو قحطان خلفه ولكنه توقف والتفت يقول:" الحقنا بعدما تنتهي الليلة شكلها ماهيب معديّه بالساهل"
وخرج ليأخذ قحطان نفساً فيتفاجأ بها تسأل بصوتٍ مرتعد:" قحطان..أنا سويت شيء خطأ"
لم يعلم أي شعور تدفق بعنف في قلبه بسبب صوتها وسؤالها..يشفق عليها لم تجرؤ على رفضهم والآن لأول مرة تجابهما في آنٍ واحد
ليس بشيء هين..أن تقف في وجه عائلتها لأجله!
مازال مُمسك بعباءتها ليسحبها حتى وقفت أمامه،ينظر لها بثبات وهي تبادله برعشة
ليسألها بحنو:" أنا تعدّيني خطأ؟"
لا..قد يكون الصح الوحيد بحياتها!
أومأت بنفي ليبتسم:" زين أجل ما سويتِ شيء خطأ ، ريحي بالك يا بيلسان ولا تخافين
مسّندك قحطان آل قحطان لا يزورك شك بأن أحد يمكن يأذيكِ"
زارها بعض الإرتياح لكن شعور مخيف يضغط عليها أن تتبع والدها أن تركض له ، أن لا تعصيه
فيكفي المرة الأولى..لكن قحطان أخرس كل مشاعرها وهو يثبت يده خلف خصره ويدفعها لتمشي معه برفق:" ارجعي للجناح ونامي .. ريحي بعد كل الي حصل"
تجيبه بخوف:" وأنت؟"
فيبتسم لاشعورياً لسؤالها وعلى باب الجناح يقف:" أنا بكون بخير بعون الله لا تخافين
راجع لك"
نظرت له بخوف ليتجرأ وبلا شعور يتقدم ويقبل رأسها بحنو مردداً:" لا تخافين..أنا معكِ!"
كتمت تنهيدتها بقوة وشعور دافئ يتسلل لروحها لتومئ وتدخل للجناح فيلتفت هو يرى والدته وجدايل والعاملات ينظرن له بخوف
ليقول بخفوت:" مامن شيء كايد لا تخافون
اتركوها ترتاح وأنا راجع للمجلس"
رجع تحت أنظارهم لتشيعه والدته بدعواتها
بينما جدايل شعرت أن شيء ما يبكي بداخلها
لم يلمها حتى بنظراته لم يقل هذه نتائج أفعالك أنظري إلى أين وصلت! رباه بأي عائلة فرطت!
*
مجلس منزل أبو قحطان

عزاي إن مدتي كريمة واليدين شحاححيث تعيش القصص. اكتشف الآن