الفصل الثالث والثلاثون

3.5K 58 43
                                    

*
ماشاء الله
اللهم صلِّ على محمد وآله.
*
*
زفرة عالية تعالت من ثغره ليلتفت في الفناء فلا يجد ما ينتظره..تباً كاد أن يحترق لهفة
وشوق وهو يفكر بأي حال ستكون الليلة لكن..لا أحد!
عشعش الإحباط في روحه وشعر بالوحشة فجأة وهو يتذكر تلك الليالي التي كانت كريمة بها معه
لم تختفِ ضحكتها قط ، لم يتلاشى بريقها
ولم يخفت سحرها الذي تبهره به فقد كان كل ليلة تجهز لهما سهرة رائعة تحت أضواء النجوم
يتسامران ، يضحكان ويقضيان الليل بأبهى حلة
ولكن هنا فقط وكأن حدود بينهما قد رسمت فبعدما ينتصف الليل تستأذن لتلج فتنام وهو يبقى بحسرته هنا!
لم ينسى حينما عاد فوجدها قد جهزت إبريق شاي ووضعت بكل كوبين ورقتين نعناع لتشمر عن ساعديها بحماس حينما دخل وهتفت:"حيا بالمهزووم"
فيضحك ويهز رأسه وهو يشمر دون أن يظهر أي تعب:"وحكمتِ من اللحين؟"
وفي النهاية يتركها لتفوز فيراها كيف تتراقص ويستمتع بالهزيمة في كل مرة وفي كل مرة تطلب أمنية وتؤجلها وهو بات متلهف ليعلم أي أمنية ستطلب من بين الثلاث الأمنيات!
ومرة أخرى عاد ليجدها قد ارتدت أبهى ملابسها لتتسع عينيه فيسألها مبهوراً:" وش حاصل؟"
فتبتسم ترفع كتفيها:"كنت أجرب بس وأعجبني شكلي وش رأيك؟"
فيجيبها مخفياً لهفته بصعوبة:"حلوة حيل"
وبلا تردد تذهب لغرفتها فتغلق الباب وتبدل وتعود له بقميصٍ يستر كل تفاصيلها ومبتسمة بنزق:"يلا وش رأيك نلعب شيش؟"
وهكذا تشويه وتحرقه على هواها وهو متقبل بصمت..ينتظر الفتات بلهفة وهي تتفنن بتعذيبه
حتى بات يهوى كل ساعة تبقى بها بجانبه ، ويشعر أنه مغترب إن غاب عنها
ولكن الليلة بدأت حسرته مبكراً ليلتفت بنزق لرَوح التي خرجت من غرفتها وهي تظفر خصلات شعرها وتنظر له قائلة:"بسم الله من توفى عندنا؟"
قال بسخرية:"عزوبيتك الله يرحمها"
عقدت حاجبها وأفلتت ظفيرتها لتفكفك فتنسدل الخصلات على كتفها وهي تقول بحنق:"رجعنا ل يا طير ياللي ؟ الله لايبارك بحسان هذا كأنه نشب خلق الله بحلقي"
تبسم بذات النزق ليقول:"ليه ما تحسين نفسك صرتِ مشهورة وأنتِ كل ليلة يتقدم لك خاطب وترفضينه؟"
قلبت عينيها بسأم واستندت على باب الغرفة لتقول:"على مراراتك جالسة ويارب تنفجر كأنك منت قادر تتحملني"
اقترب ليتلاشى نزقه ويحل محله الهدوء ليقول:"على قلبي وبوسط عيني يابنت حمد وعساني للهوان كأني تباطيت مجلاسك عندي!"
ارتدت للخلف وكأنه صفعها لتسبل أهدابها بدهشة وتقول:"بسم الله علامك كأن رجل الديرة لبسك!؟"
ابتسم وقال:"كالعادة..خاطب جديد ولكن هالمرة ما رديته"
تأففت لتعقد ساعديها وتقول:"غريبة! كل ليلة ترجع وتقول رديته وأنتهينا ليه الليلة جاي بالغنايم معك..اسمعني زين ياقصي ترى لو تطير وتوقع مارح أتزوج بهالدير مسستحيل مارح أرضى لذلك لا تفكر مجرد تفكي.."
" حمدان أخو مزون خطبّك"
قاطعها بهذه الجملة فقط ليرى كيف احتقن وجهها فجأة وكيف اتسعت عينيها ليبتسم قائلاً:"أنا الحقيقة مارديته وقلت بنفكر ونسأل البنية ونرد لك خبر..وأنتِ تعرفين بحاله أكثر مني الرجل يقول بتكون خطبة ثلاث سنين ولمست منه الخوف عقب هالشهرة والخطاب كل ليلة لأجل كذا.."
لم تجبه فقد كانت مضطربة لتجمع خصلات شعرها من جديد وتعود لتظفيرها قائلة بتوتر واضح:"ما أبي ! توني صغي.."
ضربها على كتفها بخفة ساخراً:"أقول أسكتي قالت صغيرة لو تزوجتِ بدري لكان ولدك بطولك
وبعدين الرجال قال ثلاث سنين لما يكون نفسه
يعني إن شاء الله يمديك تكبرين فيها"
ابتلعت رمقها ليقول متهكماً:"وبيني وبينك إذا كان جوابك الرفض برسل رسالة جماعية لكل بنات هالدير باسمك الحقيقي يا بروكة"
جحظت عينيها من تهديده الذي هو كابوسها لتلتفت تنوي أن تمسك أي شيء كي ترميه به إلا أنه سبقها ليهرول لغرفته وهو يضحك ليغلق الباب من خلفه وسط تنفسها العالي..تنظر لأثره ببعض الجمود الذي تحاول الصمود به لولا أن قلبها كان يرتج بداخل صدرها ويقيم احتفالات ويرقص والمفرقعات لم تهدأ لتفك ظفيرتها من جديد وتجلس على عتبة باب غرفتها وهي تغمض عينيه وتطلق نفساً قوياً من صدرها..ماذا ستفعل؟ لا تعلم
فقط ستعيش حلاوة هذه اللحظة وهي تفكر أنه عاد لأجلها من جديد برغم رفضها الصريح له أول مرة وهذا لوحده يثبت لها كيف هو متمسك بها..وهذا -حالياً-يكفيها.
*
*
دخل الغرفة فيعقد حاجبه بسبب الإضاءة الخافتة ويشعر بالضيق وهو يدرك أنها-نائمة-وهو كاد أن يتسبب لنفسه بعشرات الحوادث وهو يسرع كي يصل إليها بسرعة! وفي النهاية نائمة! همس بحسرة:"ياخيبة حالك المرة ياقصي
حتى فتات هالزواج صار كثير عليك! شكلك بتبقى عزابي الدكة طول عمرك"
ونعم..يحسد نفسه على هذا الثبات الذي لا يعلم من أين مصدره! يكاد يموت كي يلمسها ولكنه صامد! أيعقل أنه الخوف؟
أيخاف أن تلفظه من جديد فلا يستطيع الصمود هذه المرة ؟
نزع سترته بنزق ليرميها أرضاً ليبقي فقط قميصه الأبيض يخلل شعر رأسه بأصابعه كي يخفف الصداع الذي بدأ يجتاحه من شدة غيظه إلا أنه التفت بقوة حينما فُتح باب الحمام لتظهر منه فيرمش عدة مرات لتتسع بسمتها فجأة فتقول:"آخيراً وصلت -وبعبوس- تأخرت اليوم كثير ظنيتك في مهمة ومارح ترجع الليلة خاصةً بأنك ما رديت علي"
تنحنح وأشاح وجهه مدركاً أي تعبير أبله نضح على وجهه ليقول وهو مازال يعتصر شعر رأسه:" القائد الله يصلحه حطنا برأسه الليلة- أخذ يفتش عن هاتفه قائلاً- أرسلتِ؟ ما أنتبهت ولالكان رديت"
اقتربت ترفع سترته عن الأرض وتقول بغيظ:"ماشاء الله كبرت وتصرفات الأطفال ما كبرت عليها متى بترحم ملابسك وتحطها في السلة بكل مرة؟"
لم يجبها كان مركز على شاشة هاتفه ليقول دون أن ينظر لها:"أنا ليه ابتليت بعنصر نسائي يحب يفتش جوالي"
التفت تغطي ثغرها بكفها ضاحكة فيبدو أنه لم ينتبه سوا هذه اللحظة لتقول وهي تعود بعدما وضعت ملابسه في سلة الغسيل:"لقيت رَوح تغير اسمها بجوالك زي كل مرة..وقررت أنا أسوي مثلها هالمرة..ولاتعتبره تغيير كلي أنا بس حذفت الألف الأخيرة من اسمي!"
رفع رأسه بعدما تأمل رسالتها مع اسمها لثوانٍ طويلة برغم أنها موجزة ( تأخرت علي )
أخذ نفس ووضع الهاتف على الدرج ليقول:"يفرق واجد ياماري وأنتِ تعرفين"
ضحكت بدلال لينظر لها بلهفة ويتمنى لو أن الإضاءة تعلو فجأة فلا يفوت رسم ثغرها وهو يضحك فكاد أن يتجه لمكان الإضاءة لولا أنها قالت بعجل:"لا"
عقد حاجبه والتفت لتتنحنح بحرج وتشد على يدها قائلة:" لا تشغل اللمبة"
قال بنزق وهو يتكأ بجذعه على التسريحة:"وتبيني أفجر عيوني وأنا أركز بالمكان اللي أنتِ فيه؟ مشروع مطاردة جنية!"
شهقت وقالت بحنق:"أنا جنية ياقصي؟"
كتم ضحكاته وقال كي يغيظها:"خليني أشغل اللمبة لأجل أشوفك وأتأكد إنك إنسانة! أنا الآن ما أشوف شيء يا ماري كل الي يبين أسنانك والباقي سواد في سواد و..."
توقفت الكلمات في حنجرته فكاد أن يغص بها
حينما أشعلت الضوء لتقف أمامه بأرق شكلٍ لم يجرؤ على رؤيته في أحلامه حتى لتقول وهي تنفض خصلات شعرها للخلف وتميل بوقفتها:"والآن؟ إنسانة ولا جنية!"
استرد أنفاسه التي سلبتها بهيئتها - الجديدة كلياً عليه-بصعوبة خاصةً وأنه بدأ يفقد التحكم بزمام الأمان وثباته سينهار بعد نقطة معينة ليهمس:"ناويه على كارثة يا ماري أنتِ ما تساعديني بهالطريقة"
برغم سخونة وجنتيها وتوردها العنيف إثر خجلها الذي يقتات عليها قالت ببعض الجرأة:"وش رأيك؟"
هز رأسه دون رد وأشاح بوجهه يحاول أن يملم شتاته فاقتربت أكثر لتقول:"شفته بالمحل النسائي الي آخر مرة رحناه سوا وأعجبني وقلت أجربه لما تأخرت"
قال بحشرجة وعينيه تقع على ساقيها:"يعني ماكنتِ بتلبسينه لولا تأخري"
لم تجبه ليرفع رأسه حينها فيتأمل وجهها المتورد لتسبل أهدابها بشكلٍ سبب أزيز بصدره لتسأله بخفوت:"ماكان ودك ألبسه؟"
ودون تردد أجابه وهو يلقي نظرة متمهلة على جميع تفاصيلها:"لا .. ماكان ودي!"
اتسعت عينيها من صراحة رده لتعبس في وجهه وتقول بغيظ:"أصلاً وش عرفك أنت بالحلاوة؟ كل يومك قدام أجلاف صخور طبيعي أكون جيت بكثرة عليك"
ضحك لا إرداياً من ردها-الذي جاء في محله-ليحاول تشتيت ذهنه بمشاكستها:"قصدك بأني شخص ما أعرف الجمال"
بثقة أومأت بإيجاب لتقول:"لو كنت تعرفه لكنت قدرته!"
يسأل من جديد:"ولا أشوف إلا أجلاف طول اليوم؟"
فترد بذات الثقة:"وصخور بعد لا تنسى"
لتتسع ضحكاته ويومئ بتأكيد:"في هذي صدقتِ طول اليوم مقابلٍ فارس وسالم والباقين الي يسدون النفس بغض النظر عن وجود القائد حرام أضيفه معهم بنفس القائمة
لكن في الأولية..ماصدقتِ"
ارتفع حاجبها وقالت وهي تعود خطوة للخلف متجاهله نظراته:"ما كان لك رد فعل ينافي اللي ذكرته! أحد قدامه كل هالفتنة ويقول ماوده إنه شافها!"
يراقب كيف تقاطر الثقة بتعابير وجهها وبنبرة صوتها ، كيف تميل بطرف جسدها بشكلٍ رقيق
وكيف تخلل خصلات شعرها بشكلٍ أربكه ، ذلك الفستان -الأزرق- كيف ينسدل عليها بطريقة تكاد أن تجعله ينهار ومقاومته بدأت تضمحل لتلتفت فتقول ببساطة:"يلا انتظرني بالجلسة رح أجيب الكيرم ونلعب سوا"
فاتسعت عينيه بشكلٍ طفيف وطفق يسأل:"كذاا!؟"
ضحكت من نبرته وأومأت بنفي:"طبعاً لا أنا بس كنت أجربه ، ببدل ملابسي وأجيك"
برغم أن جزء منه ارتاح أن قلبه سيهدأ بعد كل هذه الإنفعالات إلا أن الجزء الآخر يكاد أن ينتحب بقهر لأنه لن يستمر بتأمل-ماهو حلال له- وحرمه بكل صفاقة على نفسه فلم ينتبه لنفسه إلا وهو يقف خلفها تماماً ينظر لها من المرآة كآخر مرة وقفا فيها هكذا إنما هذه المرة -الفكر تغير- ليقول وهو ينظر لها بتيه:"تغيرتِ؟"
لم تتزعزع كأول مرة وكأنها باتت تُدرك أي تأثير تضعه عليه لتقول وهي تمسح على جسدها:" بالله؟ يمكن سمنت؟"
أومئ وقال بخفوت:"رجعت الكيلوين اللي أخذتها درج أمك ويمكن كيلو زيادة بعد ما أختلفنا المقصد ماكان هذا"
رغم أنها تبحث عن أثر الكيلوات التي يقصدها بغيظ إلا أنها انتبهت بدقة للجزء الثاني من جملته لتلتفت فتقف أمامه تماماً لتقول بحيرة:"وش تقصد؟"
وبعينيه أجاب قبل أن تنطق شفتيه ، لتتنحنح تزيح خصلة وهمية عن وجهها وهي تسمعه يقول:" تفهمين مقصودي! أنا حتى لي ثلاث ساعات ما رديت على رسالتك وقابلتيني بوجهٍ بشوش بليا حركات تجاعيد العجايز اللي كنت تسوينها! حتى هذا الفستان اللي .. اللي.."
متغاضيه عن القسم الأول الذي أثار حنقها قالت وهي تهز كتفيها بشكلٍ أغاضه:"اللي..؟ علامه فستاني؟"
وبعجز عن الصمود أكثر قال بقلة حيله:"حلو حيل"
ابتسمت بانتصار كمن نال الفوز آخيراً لترفع رأسها بزهو وتقول بعشوائية وهي تبتعد عنه:"أعرف إنه حلو لأجل كذا بخبيه.."
أمسك ذراعها دون تردد ليسحبها له فتقف بإختلال أمامه ثم تثبت أقدامها قائلة بدهشة:"وش فيك؟"
قال وهو ينظر لها بشكلٍ أربكها:"بتخبيه لمتى؟"
أفلتت ذراعها من يده وقالت بخفوت:" بخبيه للوقت اللي تصير علاقتنا طبيعية فيه وقتها بتكون شخص يقدّر هالجمال صح؟"
ارتد للخلف وكأنها صفعته من صراحتها لتبتسم له فتقول وهي تربت على ذراعه برفق دون أن تظهر أي تردد من فعلتها:"لابأس..معنا العمر كله سوا إلا ما نلاقي مرة نقدر بها الي بين يدينا صح؟"
ابتلع رمقه بصعوبة يرى بعينيها دعوة صريحة لتخطي مامضى ، يرى تخبطها كي تصل له ، يرى رغبتها أن تستقر معه بعيداً عن اضطراب حياتهم المؤذي
وهذا يؤلمه..أنها لأول مرة تفعل هذه الأفعال كي يراها..أول مرة تلبس له هذا الفستان الـ..الخلاب!
أمسك يدها التي تتلاعب بذراعه ليشد عليها برفق ويقول:"إلا ما يجي يوم ونقدّر!"
تبسمت له تخفي احباطها وضيقها لتبتعد عائدة إلى الحمام كي تبدل ذلك الفستان الذي راهنت عليه ، وأيقنت أنه ما إن يراها سيتخطى العقبة التي بينهم وقبل أن تدخل الحمام أتاها صوته الخافت:"بس ما يحتاج.."
التفت ببعض الأمل لتنظر له فيبتسم قائلاً:"مايحتاج تلبسين مثل هالفستان لأجل أشوف أي فتنة أنتِ..لو تلبسين الخيش الغبر بتبقين الأجمل بعيني"
اقشعر جسدها من نبرته تلك لتبتسم لا شعورياً
فيهز رأسه ويقترب قائلاً:"وصدقتِ أنا لازم أتدرب لأجل أعرف كيف أعطي هالجمال المقدار اللي يستحقه!"
ابتلعت رمقها وأخذت تتأمل كيف يقترب ببطء منها فترتعش أكثر ولكنها تظهر تماسكاً زائفاً ليقف أمامها ويتلاعب بنبرته قائلاً:"واللحين بأي طريقة تبيني أقدّر هالجمال؟"
أومأت بنفي ورفعت كتفيها دون رد ليبتسم يتأملها دون أن يغفل عن أي تفصيل لها ، بدايةً من فستانها الذي كان يحوي كماً واحدً فقط ثم ينسدل بشكلٍ رقيق على باقي تفاصيلها ، لكتفها التي تظهر برقة أمامه لتعود خطوة للخلف بشهقة خافتة حينما اقترب منها الخطوة الفاصلة فضحك يقف مكانه:"علامك خفتِ؟ تراني ما آكل يا جنية!"
كشرت في وجهه رغم رعشتها التي لم تستطع السيطرة عليها لتقول بغيظ:"بعد كل هذا جنية؟ صدق إنك ما.."
تماسكت بصعوبة حينما اقترب الخطوة الفاصلة من جديد ليدنو فيقبّل مقدمة رأسها ويديه تحيط جذعها برفق فتشعر بتهاوي ساقيها من قربه الشديد منها همس دون أن يبتعد:"هذا حال توصلين قصي له يا ماري؟"
لم تجبه من شدة توترها فأيقنت أنها دفعته دفعاً للخطوة التي يتحاشاها منذ ليالٍ طويلة
شد من احتضانها له لتشعر بالدمع ينضح من عينيها دون أن تملك القدرة على البكاء أو الإبتعاد
منذ متى تتلهف لعناقه هذا؟ لليونته هذه؟ لقربه؟لضحكاته معها؟ لحياة طبيعية معه؟
حينما سمع شهقتها ابتعد بعجل مفسراً سببها  بشكلٍ ثانٍ ليقول بربكة وهو يخلل شعره بأصابعه:" أنا آسف..ماكنت..ماكنت"
هزت رأسها بنفي وهي تمسح طرف عينيها وتنظر له بابتسامة خلابّة:"ماكنت وش؟"
زفر بقوة وهو يمسح على وجهه ليقول بضياع:"شتتّيني يا ماري الله يغربل إبليسك"
ضحكت من بين دمعها لتقول:"ودك نستريح ونخرج برا؟"

عزاي إن مدتي كريمة واليدين شحاححيث تعيش القصص. اكتشف الآن