Chapter one

26 3 2
                                    

"طفولتي أفتقدك في تلكَ الأحيان، الحزن ضمني مُنذ فراقكِ، هل هذا ذنبي بأن تلكَ أقداري؟."

التفت الشمس حول الأرض، حتى توقفت أعلى تلكَ القرية الصغيرة، قرية (Marina Coricella)، فهي قرية إيطالية، مِن أجمل القرى في تلكَ البلد، يسودها البيوت الملونة، قرية كان خيرها من الأسماك لا ينتهي، والصيادون كانوا من كثرتهم هناكَ لا يُعدون،والقصص في قلوبهم ليس لها نهاية.

في الساعة الثامنة صباحا كانت تسير بطلتنا الصغيرة في إحدى شوارع القرية، كانت تسير موطأة الرأس، وعيناها متوجهتان لحذائها الذي نالت منه الأيام.
كان التوتر ينهش داخلها، وكان الخوف بأن تكون قد حصلت على درجات سيئة يلزمها، وصلت أمام باب المدرسة لتقف متنهدة بقوة وعمق، ثم اتجهت بخطواتها البطيئة تعبر باب المدرسة، توقفت على نداء إحدى معلماتها، استدارت مراهقتنا لتنظر إلى معلمتها التي تتقدم بخطواتها حتى وقفت أمامها مباشرة.

المعلمة بإبتسامة:
لوتانا مُبارك لكِ عزيزتي على منحتكِ، أنتِ تستحقيها وبجدارة.

لَم تفهم لوتانا ما قالته المعلمة، وأصبح الإستغراب يكسوا وجهها، سألت وهي تقطب حاجبيها:
ماذا تقصدين يا معلمة ماريا؟.

ماريا بإستغراب:
ألَم تعلمِي بذلك الخبر؟.

أومأت لوتانا بالرفض ثم تفوهت قائلة:
ما هو الخبر؟.

تحدثت ماريا بإبتسامة:
لقد حصلتِ على المركز الأول في الإختبارات، لذلك جاءتكِ منحة لدراسة الثانوية في روما.

حلت معالم الصدمة التي ظهرت بشدة على وجه الصغيرة قائلة:
هل هذا حقا؟.

أومأت المعلمة بسعادة قائلة:
حقا يا صغيرتي، الآن انطلقي لتحقيق أحلامكِ، لقد حظيتِ بأجمل فرصة يتمناها الجميع.

قامت لوتانا بإحتضان معلمتها بقوة، لتبادلها المعلمة سعادةً لها.

في مكان آخر في جنوب الكرة الأرضية، في إحدى المناطق الفاخرة، بأستراليا، يقف بجسده أمام المرآة، يفكر كثيرا، كيف سيعيش في بلاد أبيه التي لا يتذكر حتى أنه ذهب إليها إلا عدة مرات في حياته؟، يود أن يصرخ ليقول كفى، لا تستعملوني سلعة تنقلوها إلى حيث ما شئتم، لكنه لا يستطيع، فهذا قرار أبيه الصارم، ينتقل بهم لأي مكان وفي أي آن، ظل يتجول بين دول العالم مع أبيه، إنه يعترف بحبه لعائلته، ولكنه مَلل مِن داخله لكونه كحقيبة سفر تُؤخذ في أي وقت، ظل ينظر لنفسه في المرآة لعدة دقائق لا يعرف كم عددها، ولكنه فاق مِن شروده عند سماعه لدقات الباب قائلا بلهجته الرجولية التي لا تدل على سنه أبدا:
ادخل يا أبي.

فُتِح الباب بهدوء ليدخل منه رجل ذو مظهر رجولي قوي، لا يظهر عليه الشيب، حتى لم تظهر معالم الشيب في خصلات شعره، وكأنه في سن الثلاثون، لكن الحقيقة هو تعدى الأربعين.

  "Il mio censore"  (رقيبي).  Where stories live. Discover now