chapter 4

11 3 3
                                    


(تلكَ النبرة التي تفصح عن ما نخفيه خلف القلوب، تلكَ النبرة التي لم تظهر لأحد من قبل، حتى أتى ما لم يكن في الحسبان يقيس مدى الحزن المقطون بداخلنا، نبرتنا الرقيقة التي تجعل من الحجر ينشق حزنا لحزننا وألمنا، النبرة التي تعيش بعد أن ماتت لزمان لا أحد يعرف كَم؟، خرجت الآن، وانهزم كبرياء خفاء الحزن منذ خروجها.)

كان لحن صوتها ينطق بالحزن الذي كان بداخلها، ذلك اللحن الرقيق الذي جذب مسامع الحواس، ومَن لا يسمع صوتها ولا يقع في حبه؟، لكن هذه المرة مَن
يسمع صوتها سيقع داخل دوامة من الحزن، كانت نبرتها تحكي عن الثورة التي نهضت بداخلها منذ لحظات، كان كل شيء صامت، حتى أذناه كانت صامتة، وملامحه رقت بعد أن رأى تلكَ اللوتانا تبكي بصوتها ليس بعيناها، أعجبها لحن كلماتها، أعجبه نبرات الحزن تلك التي جعلت من قلبه يود احتضانها حتى تهدأ، وتكف عن البكاء، وصوتها الرقيق الحزين الذي سيجعل دموعه التي لم تسقط من قبل، تسقط الآن، كان يود أن يتحدث لكن صمت لسانه، لعل تلك الثورة التي داخلها تهدأ مع انطلاق تلك الأحرف بتلك النبرة الفاتنة.

فتحت عيناها بعد أن انتهت من غنائها، وبدأت تشعر بهدوئها الداخلي بعد تلكَ الكلمات التي تفوهت بها بلحنها الرقيق، ظهرت معالم التفاجأ ناظرة للذي يقف أمامها وعلى وجهه ابتسامة لا تفهم معناها، توقفت لوتانا فجأة، واختلطت ملامحها الباكية بملامح الخجل.

فتحت فمها لعلها تنطق بشيء لكن هربت الكلمات وكانت لا تعرف ماذا تقول، فتفوه الذي يقف أمامها قائلا:
بعيدا عن سبب بكائك هذا الذي سأعرفه بعد قليل، لكن صوتكِ رائع.

رفعت لوتانا يداها ومسحت ما تبقى من دموعها بظهر كفيها من تحت نظاراتها، ثم تحدثت بتعثر قائلة:
أش.. أش.. أشكرك.

تقدم آرون بخطواته قليلا ثم أمسك كفيها، وأخذها ليجلسا بجانب بعضهم على احدى أسوار السطح.

وهنا كانت الصدمة الثانية، بعد الصدمة الأولى التي تغزل بها آرون في صوت لوتانا، وهي أنه أمسك يد فتاة، وأيضا بإرادته!!!

آرون بهدوء:
لا تخافي لن تقعي.

لوتانا بنفس هدوئه:
لا أخاف إنني أحب المرتفعات.

نظر لها آرون بإبتسامة، ثم جلسان موجهان نظرهما نحو الأفق، أعجبها لوتانا المنظر، فظنت كما ظن آرون في البداية بأنها ترى مدينة روما بأكملها، لكن ذلك كان جزء لا يُذكر من روما.

مرَّ وقت ليس بقليل، والإثنان شاردان في ذلك المنظر الرائع.
فقاطع ذلك الشرود بهدوء آرون قائلا:

لقد تركتكِ تهدأين، وقبل كل شيء هل يمكن أن نكون أصدقاء قبل أي شيء؟

استغرب آرون نفسه كثيرا، هل حقا يعرض على أحد صداقته؟، ومِن مَن أيضا؟، من فتاة لم يرها إلا لعدة دقائق؟!، لكنه تجاهل تلك الأفكار وانتظر إجابتها حتى تحدثت بعد أن تنهدت بقوة قائلة بصوتها الرقيق وهي تعدل نظاراتها.

  "Il mio censore"  (رقيبي).  Where stories live. Discover now