الفصل الثاني عشر

7.8K 424 93
                                    

الفصل الثاني عشر

يبدع في اصدار الصفير بفمه، كأداة نداء لمحبوبته، صوت خفيض ولكنه مميز ، تعرفه هي فقط
وكأنه عاد مراهقًا، في مشاكسة ابنة الجيران ، والتي أتت بخطواتها الخفيفة على أطراف اصابعها ، من داخل غرفة ابيها والتي تدخلها كاللصوص في غياب الرجل، من اجل مقابلته، داخل الشرفة المجاورة لشرفته،
بعدما غافلت اشقائها وجميع من في المنزل؛

- صباح الخير يا استاذ شادي.
القت بتحيتها الهامسة، تميل برأسها نحوه بشقاوة لا تتخلى عنها في حضوره مهما حاول معها .

التف اليها بأعين تضيق بنظرات مفهومة لها :
- صباح الخير يا استاذة صبا، يارب تكوني بخير .
يضغط على حروف كلماته برسميه اضحكتها، ليلوح بقبضة يده نحوها بابتسامة مستترة قابلتها بمثلها ترتد للخلف محذرة:

- خواتي الولاد في الصالة، ممكن يحسو بأي حركة ويطبوا علينا، ساعتها هيبجى منظرك زي العيال .

ضغط على شفته السفلى يردد خلفها بإقرار:
- وهو انتي اللي يرتبط بيكي يبقى فيه عقل؟. انا فقدت اتزاني والشعور بالعمر من وقت ما شوفتك، مش عارف هتوصليني لأيه في الاخر يا بنت ابو ليلة؟

رفعت كفها تداري على فمها تدعي شهقة مصطنعة:
- انتي هتغلط كمان في الحج ابو ليلة، لااا انا مسمحلكش يا استاذ .

هذه المرة لم ينطق ببنت شفاه، وفضل الصمت متأملا لها، تلك الحيوية والاشراق وجمالها الفاتن، لا يصدق حتى الاَن هدية الله اليه بها ، وقد اقترب الميعاد، وحلمه بها على وشك التحقق.

- إيه ساكت ليه؟
خرج السؤال منها بتوجس لصمته، فما كان منه سوى ان يهديها ابتسامة رائقة قائلا:
- ساكت عشان بفكر يا صبا، العفرتة والشقاوة دي لما تبقي معايا في عشنا بكرة وبين ايديا هيحصل ايه؟

شهقة بإجفال حقيقي صدر منها هذه المرة، وقد اكتست الحمرة وجنتيها على الفور مرددة بخجل :
- يعني هيحصل ايه يعني؟ انا الحج عليا اللي سيبت اخواتي والبيت المليان بالحبايب عشان اجي اجابلك مع انك تجدر تكلمني بالتلفون،

- تلفون!
- ايوة تلفون، وبطل تتنمر على لهجتي يا شادي.

يعلم ان هجومها سببه الاساسي هو ان تغطي على خجلها منه، فهذا اسلوبها وقد حفظه منها، واعتاد ان يجاريها بمشاكسته ايصًا:

- طب واتنمر ليه بس يا بنتي وانا عجباني الكلمة اصلا؟ دا حتى تلفون لايقة اكتر على تليفون .
- تاني يا شادي، طب انا ماشية وسيباك.
قالتها وتحركت اقدامها على الفور، وقبل ان تغلق باب الشرفة بذهابها للداخل تمتمت بالاخيرة امام ابتسامته:

- وخليك انت كدة مع نفسك يا متنمر.
اطلق ضحكة مجلجلة اطربت اسماعها، وابصاره منصبة على طيفها من خلف الستار الذي اغلقته مع الباب الزجاجي للشرفة، يعلم انها هي ايضا تضحك، لحظات الترقب في انتظار اليوم الموعود على قدر صعوبتها، لكن ما أجملها:

حان الوصال حيث تعيش القصص. اكتشف الآن